"أثناء الاستعداد لمباريات الديربي تتشبع بإحساس المشجعين وشغفهم، تصرخ داخلك لن نخسر هذه المباراة"
ملأت جماهير فنربخشه مدرجات ملعب فريقها، على أمل أن يكون هذا اليوم هو لحظة التتويج بالبطولة على حساب غلطة سراي، الذي وصل مشجعوه إلى الملعب، وجلسوا في المدرجات لدعم الفريق الذي لم يقدم موسماً جيداً تحت قيادة الاسكتلندي.
قبل هذه المباراة بتسعة أشهر أعلن نادي غلطة سراي التوقيع مع سونيس لقيادة الفريق، في خبر فاجأ الجميع في تركيا، رغم أن الاسكتلندي له خبرة تدريبية جيدة، حيث قاد فريقي رينغرز الاسكتلندي وليفربول الإنجليزي، لكن عدم تحقيقه للنجاح الكافي مع ليفربول، وغيابه عن التدريب لعام ونصف العام بعد قيامه بجراحة في قلبه، جعل خبر تعيينه مقلقاً لجماهير الفريق.
وصول سونيس إلى تركيا كان مثيراً للسخرية لمنافسهم فناربخشة، فخرج أحد أعضاء إدارة الفريق متعجباً من توقيع غلطة سراي مع "معاق"، على حد وصفه. هذه الكلمة لم يستطع سونيس نسيانها أو تجاهلها طوال فترة وجوده في تركيا.
كانت المباراة صعبة على فريق سونيس، الذي تلقَّى هدفاً عادَل نتيجة الذهاب، ولم يستطع كلا الفريقين إحراز أهداف خلال الوقت الأصلي، فاتجهت المباراة للوقت الإضافي، الذي حمل المفاجأة السارة لجمهور غلطة سراي، حين أحرز الويلزي ديني ساندرز هدفاً لغلطة سراي، كان كافياً لإفساد حفلة جمهور فناربخشة، وتتويج غلطة سراي بطلاً لكأس تركيا على ملعب فناربخشة.
فاتح القسطنطينية الجديد
انطلق سونيس مع لاعبيه للاحتفال باللقب في الركن المخصص لجماهيرهم، التي أشعلت الملعب وألقت أعلام الفريق على لاعبيها. إحدى هذه الرايات وصلت إلى يد سونيس، الذي تذكَّر كلَّ ما مرَّ به طوال الموسم، وخاصة وصفه بالمعاق.
"حين
حملتُ هذه الراية نظرتُ إلى المقصورة، فوجدت الشخص الذي وصفني بالمعاق، فقرَّرت أن
أريه ماذا يستطيع أن يفعل هذا المعاق"
. سونيس
حمل سونيس راية غلطة سراي وركض إلى منتصف الملعب، وقام بغرسها في قلب ملعب فناربخشة أمام عشرات الآلاف من الجماهير، لتكون تلك اللحظة علامة بارزة في تاريخ ديربي المدينة العريقة.
هتفت جماهير غلطة سراي لسونيس كما لم تهتف من قبل، أما جماهير فناربخشة فحاولت تسلُّق سور المدرجات والانقضاض على سونيس، الذي حمته قوات الأمن حتى وصوله إلى غرف الملابس.
توقع سونيس أن تقوم إدارة غلطة سراي بإقالته في الحال، لكن الحفاوة والترحيب اللذين استقبله بهما رئيس نادي غلطة سراي كانا مفاجأة للاسكتلندي، الذي قال إنه لم يحصل على هذا الكمّ من الأحضان والقبلات في حياته.
منذ تلك اللحظة تحوَّل سونيس من مجرد مدرب وقع معه الفريق إلى بطل أسطوري لجمهور غلطة سراي، الذين شبَّهوا حادثة العَلَم التي قام بها سونيس بما فعله البطل الشعبي التركي "ألوباتلي حسن"، الذي غرس علم الدولة العثمانية أثناء فتح القسطنطينية، ومن يومها تحوَّل جرايم سونيس إلى "ألوباتلي سونيس" .
"لي شعبية كبيرة في إسطنبول.. نصف المدينة تعشقني والنصف الآخر يريد قتلي"
. سونيس
على الجانب الآخر لم تنسَ جماهير فناربخشة ما فعله سونيس بهم، فقرَّروا أن يأخذوا بالثأر مهما كلَّف الأمر من ثمن. وقرَّر أحد مشجعي الفريق "رامبو" الاختباء في إحدى اللوحات الإعلانية داخل ملعب غلطة سراي، في الليلة التي سبقت واحدة من مباريات الفريق، وظلَّ داخل تلك اللوحة طوال الليل حتى بداية المباراة. فخرج من تلك اللوحة وجرى ممسكاً بعلم فريقه في يد، وفي الأخرى سكين لحمايته، حتى وصل إلى منتصف الملعب وقام بغرس العلم على طريقة سونيس، قبل أن يتم القبض عليه من رجال الأمن.
ظلَّ ما فعله رامبو حديث المجتمع الكروي التركي لمدة ليست بالقصيرة، على غرار حادثة سونيس، التي دائماً ما يتذكرها جمهورا الفريقين قبل أي مباراة للديربي، خاصة مع الاحتفاء الكبير من جمهور غلطة سراي، الذين قاموا بتأريخ ما فعله مدربهم السابق في واحدة من دخلاتهم قبل مباراة الديربي على ملعبهم أمام فناربخشة عام 2014.
رحل سونيس عن تدريب غلطة سراي في نهاية الموسم، لكن ظلَّ إرثه حاضراً وللأبد، كواحدة من أعظم لحظات ديربي إسطنبول.
"إن حادثة العلم كيوم ميلاد المسيح.. ما قبلها يختلف تماماً عمّا بعدها"
. أحد مشجعي فناربخشة
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.