مسح مؤخرته بقميص ألمانيا قبل 31 عاماً.. كومان يستمر في إذلال الألمان

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/13 الساعة 13:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/13 الساعة 13:21 بتوقيت غرينتش

إذلال مستمر 

حقق المنتخب الهولندي فوزاً عريضاً على نظيره الألماني بأربعة أهداف مقابل هدفين على ملعب فولكس بارك في مدينة هامبورغ ضمن تصفيات بطولة يورو 2020.

فوز مهم حصده المنتخب الهولندي الذي بدأ في استعادة جزء من بريق الماضي تحت قيادة النجم السابق للطواحين رونالد كومان الذي أنسته فرحة الفوز البروتوكول المعهود بين المدربين بتبادل التحية مع نهاية المباراة مباشرة، حيث ترك كومان نظيره الألماني خواكيم لوف منتظراً حتى تبادل التحية مع المتواجدين على دكة احتياط المنتخب الهولندي قبل أن يعود للسلام على لوف.

فرانك دي يونغ يحتفل بهدفه في مرمى ألمانيا

بعد نهاية المباراة، وقف كومان مع لاعبيه لتحية الجماهير الهولندية التي سافرت خلف منتخبها إلى شمال ألمانيا لدعمهم في مواجهة منتخب الماكينات في رحلة أعادت كومان وجمهور هولندا بالذاكرة أكثر من 30 عاماً، حين واجهوا نفس الخصم على نفس الملعب لكن في مناسبة أكثر أهمية.

موعدٌ على العداء

لم يكن حظ هولندا أفضل من جيرانها من الدول الأوروبية بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، فرغم إعلان حكومة هولندا الحياد قامت قوات ألمانيا النازية باحتلال هولندا عام 1940 وهربت العائلة المالكة مع الحكومة إلى لندن ليبقى الشعب الهولندي يلاقي مصيره المحتوم تحت حكم قوات هتلر.

ذاق الشعب الهولندي ويلات الاحتلال الألماني لمدة خمس سنوات حتى رحيل القوات الألمانية في مايو/أيار عام 1945 وتركت وراءها دولة هولندية منهكة وأكثر من ربع مليون قتيل طوال فترة الاحتلال.

لم ينسَ الهولنديون ما فعله بهم الألمان وأتيحت لهم فرصة الثأر بعد 29 عاماً، حين واجهت هولندا بقيادة رينو ميكيلز نفسه منتخب ألمانيا في نهائي كأس العالم 74 في ميونيخ.

هجمة سريعة من يوهان كرويف أهدت منتخب هولندا ركلة جزاء في الدقائق الأولى من اللقاء حوّلها يوهان نيسكنز إلى هدف رفع آمال الهولنديين بالتتويج باللقب العالمي، لكن عادت ألمانيا لتحرز التعادل من ركلة جزاء أيضاً عن طريق بول بريتنر قبل أن يُهدي جيرد مولر هدف التقدم للألمان قبل دقيقتين من نهاية الشوط الأول.

فرانز بكنباور يرفع كأس العالم

فشل كرويف وزملاؤه في معادلة النتيجة في الشوط الثاني لتحقق ألمانيا اللقب وتنام هولندا حزينة في ليلة وصفها الشعب الهولندي بأنها "أم الخسائر".

كان لاعب الوسط الهولندي فان هانغيم أكثر اللاعبين حزناً بعد المباراة، فقد رآها فرصة مناسبة للثأر من الألمان الذين قتلوا عائلته أثناء فترة الحرب.

يقول فان هانغيم "حتى عندما كانت النتيجة 1-0 كنت سعيداً.. لا يهم عدد الأهداف المهم أن نقوم بإذلالهم.. أنا أكره هؤلاء الألمان لقد قتلوا والدي وأختي واثنين من أخوتي"

إقصاء وإذلال

صيف عام 1988 استضافت ألمانيا الغربية بطولة يورو للمرة الأولى في تاريخها. حلم الألمان برفع كأس البطولة على ملعبهم وأمام جماهيرهم للمرة الأولى رغم أنهم قد توّجوا بها من قبل مرتين لكن خارج الحدود.

دخلت ألمانيا البطولة كمرشح أول للحصول على اللقب بتشكيلة تتكون من عديد النجوم الذين لعبوا نهائي كأس العالم قبل سنتين في كأس عالم المكسيك 1984 مثل رودي فاولر وأندرياس بريمه ولوثار ماتيوس، لكنهم خسروا من دييغو أرماندو مارادونا ورفاقه.. بالإضافة لعدد من اللاعبين الشبان على رأسهم يورجن كلينسمان وتحت قيادة نجم ألمانيا الأول فرانز بيكنباور.

في يورو 1988 توقع الألمان تهديداً من بعض الفرق التي أظهرت تطوراً كبيراً قبل البطولة وعلى رأسها المنتخب الهولندي بقيادة الداهية رينوس ميتشيلز الذي وصل ميونيخ على رأس كتيبة شابة أعادت هولندا للمشاركة في البطولات الكبرى لأول مرة منذ عام 1980 حين ودعت هولندا بطولة أوروبا في إيطاليا من مرحلة المجموعات.

تشكيلة ميتشيلز ضمت نجوماً مثل: ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك ريكارد بالإضافة إلى الأخوان كومان والحارس الخبرة فان بروكلين.

قرعة البطولة أبت أن يجتمع الفريقان معاً في الدور الأول فوقعت ألمانيا مع الدنمارك وإسبانيا وإيطاليا، أما المجموعة الثانية فضمت الاتحاد السوفييتي وهولندا مع إنجلترا وأيرلندا.

التعادل مع إيطاليا بهدف لكل فريق لم يمنع ألمانيا من إنهاء المجموعة في الصدارة، أما المنتخب الهولندي فخسر مباراته الافتتاحية أمام السوفييت لتتضاءل آمال الفريق في الوصول إلى الدور الثاني، لكن تحقيق الفوز على إنجلترا وأيرلندا أهّل هولندا إلى الدور الثاني كوصيف للمجموعة لتضرب موعداً مع ألمانيا في نصف النهائي على ملعب فولكس بارك في هامبورغ ليبدأ فصل آخر من فصول الصراع بين الغريمين.

بدأت المباراة بهجوم شرس لأصحاب الأرض بقيادة كلينسمان وفولر ومحاولات هولندية للسيطرة على رتم اللعب عن طريق ريكارد وخولييت وفان باستن.. هذا الأخير أتيحت له أكثر من فرصة للتسجيل، لكن نجح دفاع ألمانيا وحارسه في التصدي لهجماته لينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي.

الشوط الثاني كان أكثر إثارة فنجح كلينسمان في الحصول على ركلة جزاء مع بداية الشوط حوّلها لوثر ماتيوس إلى هدف ليندب فان بروكلين حظه بعد أن كان قريباً من إنقاذ الكرة.

بعد أقل من 20 دقيقة حصل فان باستن على ضربة جزاء ترجمها كومان بنجاح إلى هدف ليعادل الكفة، في سيناريو مشابه لما حدث في 74 لكن هذه المرة كانت هولندا من عادلت النتيجة.

استمرت محاولات الفريقين في الدقائق الأخيرة من المباراة وفي الوقت الذي استعد فيه الجميع للذهاب إلى الأشواط الإضافية، وصلت كرة على حدود منطقة الجزاء إلى فان باستن نجح بمهارة عالية في تجاوز المدافع وإحراز هدف آخر لهولندا، لينطلق لاعبو هولندا للاحتفال مع فان باستن بينما جرى فان بروكلين ناحية الجماهير للاحتفال معهم.

فشلت محاولات ألمانيا لإحراز التعادل لتضمن هولندا الوصول للنهائي بسبب هدف فان باستن الذي اعتبره البعض أفضل أهداف البطولة قبل أن يعود فان باستن نفسه ليحرز أجمل هدف في تاريخ اليورو في المباراة النهائية.

بعد المباراة انطلقت الاحتفالات في مدرجات الملعب بتحقيق الفوز أخيراً على الألمان، بينما توجه لاعبو هولندا لتبادل القمصان مع لاعبي المنتخب الألماني.

حصل رونالد كومان على قميص نجم ألمانيا أولاف تون الذي كان يرتدي القميص رقم 10. وتوجه كومان بهذا القميص إلى الجماهير الهولندية وتظاهر بأنه يمسح مؤخرته بتيشيرت منتخب ألمانيا ما أثار حفيظة الجماهير الألمانية داخل الملعب، خاصة مع احتفالات لاعبي هولندا وجماهيرهم كأنهم قد أحرزوا اللقب.  

يقول حارس مرمى الطواحين فان بروكلين عن تلك اللحظة:

"لقد انتظرت هذه اللحظة 14 عاماً.. ما زلت أذكر حينما كنت طفل وخسرنا المباراة النهائية لكأس العالم.. أنا سعيد أننا أهدينا هذا الفوز إلى الكبار في هولندا الذين عاشوا مرارة الحرب".

بعد تلك المباراة بأربعة أيام وأمام عدد كبير من الجماهير البرتقالية التي احتلت الملعب الأولمبي بميونيخ واجهت هولندا الاتحاد السوفييتي مرة أخرى خلال البطولة، لكنْ هذه المرة هدفا رود خولييت وماركو فان باستن أمّنا فوز هولندا باللقب الأعظم في تاريخ الكرة الهولندية ليرفع رود خوليت كأس البطولة في قلب ألمانيا.

استمرت احتفالات الجماهير الهولندية طوال رحلة العودة إلى الديار، وحين وصلت الجماهير إلى الحدود الألمانية الهولندية كتبوا على الجدران باللغة الألمانية: "الآن أنتم تدخلون إلى البلد التي تحكم أوروبا".

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد سلطان
صحفي رياضي
صحفي رياضي