مع بداية موسم 2017-2018 أعلن نادي مانشستر سيتي التوقيع مع النجم الفرنسي بنجامين ميندي في واحدة من أغلى الصفقات التي أبرمها الفريق الإنجليزي ليحجز مكانه الأساسي مباشرة داخل فريق بيب غوارديولا، وتبدأ الجماهير في السؤال عن بديل ميندي مع رحيل ثنائي الدفاع جايل كليتشي وأليكسندر كولاروف عن الفريق. ليكون بديل ميندي الوحيد المطروح هو لاعب الوسط فابيان ديلف.
لاعبان دوليان يحكمان الجهة اليسرى في الفريق الذي كان يسعى حينها لتحقيق بطولة الدوري الأولى تحت قيادة عراب كتالونيا.
في نفس الوقت عاد إلى أكاديمية الفريق لاعب أوكراني شاب بعد إعارة غير ناجحة لمدة عام في هولندا مع إيندهوفن، اسم غير معروف على الساحة الكروية، لكنه مستعد للمنافسة والقتال من أجل حلمه للعب في الفريق الأول. ولو كلفه الأمر الابتعاد عن مركزه المفضل في وسط الملعب ليملأ فراغاً قد يحدث في الجهة اليسرى للفريق، هذا اللاعب هو أليكسندر زينشنكو.
صراعٌ على طفل.. هكذا تصنع النجوم
قبل أن يكمل الصغير عامه الثاني عشر، التقطته أعين كشافي قطبي أوكرانيا. فطرق دينامو كييف بابه أولاً قبل أن يأتي إليه مسؤولو شاختار دونيتسك، لكنه قرر في النهاية التوقيع مع الأخير. وبدأ حياة جديدة بعيداً عن الأهل والأصدقاء، هناك في دونتيسك سيقاتل من أجل تحقيق الحلم. زينشنكو يدرك حجم موهبته لكنه يدرك أيضاً أن الموهبة وحدها لن تقوده إلى ما يحلم به.
"عندما كان صغيراً أردت أن أعاقبه على أمر ما بمنعه من التدريب.. لكنه قال لي امنعيني من مشاهدة التلفاز أو لعب ألعاب الفيديو.. لكن لا تمنعيني من التدريب". والدة زينشنكو تبرر لنا ما حدث بعد أكثر من عقد من الزمان حين عادت بعثة مانشستر سيتي إلى مدينة مانشستر بعد إحدى المباريات التي لم يشارك فيها زينشنكو ليجده غوارديولا في صالة الألعاب الرياضية يتدرب وحيداً.
وصل زينشنكو إلى شاختار وبدأ في التدرب مع فرق الأكاديمية ويذهب كلما سنحت له الفرصة لمشاهدة الفريق الأول المدجج بالنجوم مثل دوجلاس كوستا ومختيريان وقلب الفريق النابض فيرناندينيو الذي كان لاعبه المفضل في الصغر بعد ان شاهده الطفل الصغير من الملعب يتعرض لإصابة أثناء إحدى المباريات كادت أن تكلفه مستقبله مع الكرة. لم يكن يدري زينشنكو حينها أنه سيتقاسم غرفة الملابس ذاتها مع فيرناندينيو ذاته وأنه سيكون أحد المقربين منه في النادي.
كان حلم زينشينكو الأكبر أن يرتدي زي الفريق الأول لشاختار لكن اندلاع الحرب في أوكرانيا أجبر عائلة زينشنكو على الرحيل إلى روسيا. أراد زينشنكو اللحاق بعائلته نتيجة عدم استقرار الوضع في أوكرانيا، لكن شاختار رفض التفاوض مع روبن كازان الذي أراد ضم الموهبة الأوكرانية.
عرض شاختار على اللاعب أن يوقع عقداً جديداً مع النادي، لكنه رفض فقرر النادي معاقبته ليقضي آخر شهوره مع الفريق بعيداً عن المباريات والتدريبات. ليقرر زينشنكو الرحيل إلى روسيا بعد أن صار الوضع في أوكرانيا غير آمن ووضعه مع ناديه غير مقبول.
قضى زينشنكو فترات كبيرة يتدرب وحيداً في الشارع بعد وصوله إلى روسيا لمدة قاربت 6 أشهر هي فترة بحثه عن نادٍ لضمّه حتى وقع عقداً مع فريق أوفا الروسي الذي يلعب في الدوري الروسي الأول.
في الدوري الروسي انفجرت موهبة زينشنكو فترصده الأعين الروسية التي طالبت بتجنيسه ليلعب مع منتخب روسيا الأول، لكنه أبى وأصر على ألا يرتدي إلا زيّ المنتخب الأوكراني. وتحقق له ما أراد فلعب لمنتخب أوكرانيا الأول وهو في عمر 19 عاماً، ليصبح ثالث أصغر لاعب في تاريخ أوكرانيا يرتدي زي المنتخب الوطني.
مواجهة بين الماضي والحاضر
أوقعت قرعة دوري الأبطال موسم 2017-2018 مانشستر سيتي في مجموعة شاختار دونيتسك، وعلم زينشنكو أنه سيعود إلى الملعب الذي حلم به، فاشتري 27 تذكرة من أجل عائلته لمشاهدة اللقاء، لكن حاجة الفريق إلى الفوز منعت غوارديولا من ضمّه في قائمة المباراة فاكتفي الشاب الأوكراني بمتابعة المباريات من المدرجات كما تعود منذ الصغر.
العام التالي أوقعت القرعة مانشستر سيتي أمام شاختار مرة أخرى، لكن كما حدث في المرة الأولى لم يكن زينشينكو ضمن تشكيلة السيتي في المباراة، لكن مدربه منحه فرصة اللعب في مباراة العودة في إنجلترا وشاهد فريقه الجديد يسحق فريقه القديم بسداسية نظيفة.
يبدو أن القدر أراد أن يعود زينشنكو مرة أخرى للعب في الملعب التي طالما حلم بارتداء زي فريق شاختار فيه وأمام الجماهير التي كان يوماً ما واحداً منهم. فأوقعت قرعة دوري الأبطال فريق مانشستر سيتي مع شاختار دونيتسك للعام الثالث على التوالي.
لكن هذه المرة زينشنكو أصبح لاعباً أساسياً في فريق بيب غوارديولا، واحتل الجبهة اليسرى مع غياب ميندي للإصابة ورحيل ديلف.
يبدو أن الفرصة متاحة أمام الأوكراني ليكون لاعباً أساسياً حين يواجه بيب غوارديولا وكتيبته الفريق الأوكراني.. سيلعب زينشنكو أمام جماهير شاختار وسيواجه زملاءه السابقين، سيفعل المستحيل لهزيمة الفريق الذي ارتدي شعاره صغيراً، لكن أياً كانت النتيجة فقد تحقق للأوكراني الصغير ما أراد بعد أن كتب اسمه في صفحات كرة القدم.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.