هل يستحق هاري ماغواير 80 مليون جنيه إسترليني؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/07 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/07 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش

بين شد وجذب وإثارة من الصحافة الإنجليزية كالمعتاد في كل نافذة انتقالات صيفية أو شتوية أخيراً انتهت قصة انتقال هاري ماغواير لمانشستر يونايتد، قبل أيام من غلق سوق الانتقالات الصيفية التي خطفت فيها الأندية الإنجليزية كعادتها الأضواء بشدة، مع معدل الصرف الكبير الذي تميز به في المواسم الأخيرة.

وافق مدافع منتخب إنجلترا على عقد مدته ست سنوات في أولد ترافورد، وتم الانتقال مقابل 80 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم قياسي عالمي جديد يحرزه المدافعون في كرة القدم وفي الدوري الإنجليزي بالتحديد، بعد أن كان الرقم السابق يحمله مدافع ليفربول فان ديك.

باختصار.. كانت هذه هي رحلة المدافع، الذي قضى معظم مسيرته في القسم الثاني من الدوري الإنجليزي ولم ينضم إلا إلى ليستر سيتي مقابل 17 مليون جنيه إسترليني تقريباً قبل عامين. وبالتالي حتى في السوق الحديثة شديدة التضخم، فإن الرسوم التي دفعها يونايتد للاعب البالغ من العمر 26 عاماً أثارت بالتأكيد بعض التساؤلات، وكان السؤال الأبرز: هل يستحق اللاعب هذا المقابل؟

قد لا يبدو الأمر كذلك الآن، فهو ليس له يد في هذا الأمر، بل الأمر أظهر براعة وحنكة مسؤولي فريق ليستر سيتي في التفاوض، وبالتالي فإن الحكم الوحيد عند الحديث عن هذا المبلغ يكمن في أن الوقت فقط سيظهر إذا كان مانشستر يونايتد سيحصل على قيمة مقابل هذا المبلغ.

ولكن تكمن المشكلة عند تحليل قيمة الانتقالات التي دفعتها الأندية في عصر الإنفاق الباهظ هذا في أن الناس يحكمون على رسوم الانتقالات بمعزل، وليس في سياق السوق المذهل الذي نعيش فيه الآن، فإذا نظرنا إلى مبلغ 80 مليون جنيه إسترليني الذي دفعه مانشستر يونايتد مقابل انتقال اللاعب، نعم، بالطبع، يمكنك القول إن المبلغ مرتفع للغاية.

لكن اقتصاديات رسوم الانتقالات تعني الآن أن الصفقة تدور حول المعدل الساري لواحد من نجوم المنتخب الإنجليزي، خاصة أن اللاعبين الإنجليز يتقاضون أجوراً متضخمة بسبب القواعد المحلية في فرق الدوري الإنجليزي الممتاز وندرة المواهب المحلية من الدرجة الأولى.

وبالنسبة لأولئك الذين يصرخون بأعلى صوت على تويتر، ويقولون إن ماغواير لا يستحق أكثر من مبلغ 75 مليون جنيه إسترليني الذي تم دفعها لجلب فان ديك إلى ملعب الأنفيلد، بالتأكيد أسباب صراخهم صحيحة، لكن حجتهم ستبدو مشوهة إذا نظرنا إلى أوروبا بشكل عام منذ قدوم فان ديك لليفربول.

فمنذ أن قام فان ديك بهذا التحول في يناير/كانون الثاني 2018، تم إبرام أربع صفقات خرقت حاجز 100 مليون جنيه إسترليني، أشهرها انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان الذي كان أول من تجاوز معيار الإنفاق العبثي في كرة القدم الحديثة في يوليو/تموز 2017.

لذلك، من الناحية الواقعية، لا يمكن مقارنة صفقة ماغواير بصفقة فان ديك، ببساطة لأن مدافع ليفربول إذا تم بيعه الآن فإنه سيجلب بسهولة وكحد أدنى 100 مليون جنيه إسترليني. أما إذا كان السؤال هو: هل يوجد فرق في السعر بين 20 و40 مليون جنيه إسترليني بين اللاعبين؟ الإجابة بلا شك نعم.

علاوة على ذلك، فإن ماغواير يناسب تماماً قالب المواهب البريطانية الشابة الجائعة التي يتطلع مدرب مانشستر يونايتد أولي جونار سولسكاير لضمه إلى يونايتد. فقد وقع النادي الإنجليزي مع لاعب يدخل الحقبة الذهبية في مشواره ويعتبر في سنوات الذروة، وهو لاعب دولي مدافع ذو قدرة كبيرة في الألعاب الهوائية وقراءة للعبة. ومما لا شك فيه أنه سيحسن دفاع يونايتد الذي مُني بـ54 هدفاً في الدوري الإنجليزي في الموسم السابق.

هل هو اليأس أم النزعة الإنجليزية المعتادة؟

لا شك أن الأندية الإنجليزية، وبالتحديد فرق المقدمة، لديها نزعة مشابهة في جلب اللاعبين الذين يلعبون في الدوري الإنجليزي بالتحديد، ولا يخاطرون كثيراً بجلب لاعب من دوري آخر، وهذا يخبرنا بأنه لو قام مسؤولو يونايتد بأي شيء لتحسين تشكيلة الفريق، لكان بإمكانهم البحث عن لاعب آخر سيكون أفضل وبسعر أقل.

ففي النهاية لنكُن واضحين: سيكون دفاع يونايتد أفضل مع ماغواير من دونه. فهل هذا يجعل هذا الانتقال بهذا المبلغ حكيماً؟ الواقع يقول إنه ليس صحيحاً.

الأمر الواضح هو أن تشكيلة اليونايتد تحتاج بشدة للاعب مدافع وإلى تعزيز جدِّي للمنافسة في الموسم المقبل، لكن توقيع ماغواير في وقت متأخر للغاية من غلق نافذة الانتقالات مقابل مثل هذا المبلغ المتضخم بشكل مذهل، يجعل الجميع، وعلى رأسهم مشجعو اليونايتد، يشعرون بأنه عمل يائس لا يؤدي المهمة بالكامل.

لعب المدافع في فريق هال سيتي الفقير الذي هبط من الدوري الممتاز. كان أداؤه جيداً بالنسبة لفريقه الثاني ليستر سيتي الذي دخل في مرماه 108 أهداف في الدوري في موسمين له مع النادي – 22 أكثر من يونايتد إذا كنا نحسب.

لقد كان إيجابياً دائماً مع منتخب إنجلترا في كأس العالم في روسيا العام الماضي، حيث احتل منتخب الأسود الثلاثة المركز الرابع. عندها بدأت الأعين تتجه للاعب بشكل جدي مثله مثل العديد من زملائه في المنتخب مرافقاً للنشوة التي اجتاحت الصحف الإنجليزية بنجاح المنتخب الإنجليزي أخيراً في أكبر محفل دولي منذ فترة طويلة.

كل هذا يبدو وكأنه ملخص للمدافع الكريم الذي يقدم أداءً مناسباً وعملياً في بعض الأحيان للفرق دون توقعات كبيرة. إنه أمر ملائم بالنسبة لماغواير، ولا ينبغي أن يكون كافياً لجعله أفضل هدف لمانشستر يونايتد في ثورته الدفاعية.

هو الآن أغلى مدافع في العالم بلا شك، لكن هل هو الأفضل؟ بالطبع لا. إنه ليس حتى الأفضل إذا نظرنا للعديد من المدافعين الذين يلعبون حالياً في أندية الصفوة، وبالرغم من إشادة سولسكاير باللاعب لأنه "قارئ عظيم للعبة"، و"وجود قوي في الملعب" فضلاً عن "هدوئه تحت الضغط" مع "تواجده القوي داخل الصندوق". فهناك بدائل في جميع أنحاء أوروبا تتجاوزه في تلك الصفات.

من أجل "القوة" و "الهدوء"، لماذا لا تجرب مدافع نابولي "كوليبالي"، الذي يبدو سعره في المتناول مع استعداد نابولي للتفاوض للاستفادة من مبلغ انتقاله في تمويل حملة لجلب نجم أو اثنين لكسر هيمنة يوفنتوس على اللقب؟!

مدافع مركزي جيد آخر؟ ماذا عن ميلان سكرينيار مدافع إنتر ميلان الإيطالي الذي كان يمكن استغلال النادي الإيطالي بالمهاجم لوكاكو للقيام بصفقة تبادلية وبسعر هادئ أيضاً، أو حتى صفقة مع برشلونة لجلب صامويل أومتييتي لمساعدة برشلونة على تعويض نفقات النقل والأجور الضخمة.

هناك الكثير من النجوم المدافعين موجودون في السوق ويحتاجون لبعض العمل ومهارات التفاوض، لو قام مسؤولو اليونايتد ببعض الجهد فقد كان بإمكانهم البحث عن نجم دفاع أفضل من ماغواير الذي لا ننكر أنه مدافع جيد، لكن هنالك الأفضل بالتأكيد.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مدثر النور أحمد
كاتب سوادني
مدثر النور أحمد هو كاتب سوداني مهتم بالرياضة والتكنولوجيا والخصوصية على الإنترنت. لديه حُب وعِشق مختلفان للرياضة وخاصة كرة القدم.
تحميل المزيد