5 طرق لتقوية اللغة العربية لطفلك أثناء السرد القصصي

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/30 الساعة 12:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/30 الساعة 12:59 بتوقيت غرينتش
ابدأ في المراحل الأولى من نُموِّ الطِّفل وخاصَّة قبل سنِّ 7 سنوات

تربِيَةُ الأبناء على حبِّ اللُّغَة العَرَبِيّة هي من أهمِّ الأولوياتِ الَّتي تهتم بها الكثير من العوائل العربِيّة في المهجر. فإتقان اللُّغة الأمِّ له الأثر الكَبير على إِتقانِ أيِّ لُغَة أُخرى يتعلَّمُها الطِّفل ويَختلِطُ بِها. وبالتَّأكيد توجد الكثيرُ مِن الطرقِ الَّتي يُمكِن الاستعانة بها لتعلُّم اللُّغَة. في هذا المقال نُركز على السَّردِ القَصَصي كواحدةٍ مِن أَهمِّ هذه الطُرق.

في البداية نريد أن نُفرِّق بين السَّرد القَصصيِّ والأنواع الأُخرى من العرض القَصَصِي. فالسَّرد القَصصيُّ الَّذي نركِّز عليه هنا هو المسموع غالباً، والَّذي يقدَّم للطِّفل بشكل بسيط ويعتمد على قدرة راوي القصَّة لجذب المستمع (وهنا نعني الطِّفل). فيغزل عوالم بكلماته ويُزيِّنها بنبرات صوته لتخرج حاملة معها شيئاً من السِّحر لتدغدغ عقل الطِّفل ليدخله في عالم من الخيال لا حدود له بما تحمله الكلمة من معنى. على عكس ذلك أنواع أُخرى من العرض القَصصيِّ والتي تعتمد على التَّأثيرات المرئيَّة بشكل كبير كأفلام الكرتون والأنيميشن التي اكتَسح وجودها شاشاتِ التَّلفزة العالميَّة والمحلِّية. 

في هذا المقال نعرض خمساً من الطُّرق العمليَّة لتدريب الطِّفل على اللُّغة العربية من خلال السَّرْد القَصصي:

أَوَّلا: السَّرد القَصَصيّ وخاصَّة المسموع هو من أهمِّ الطُّرق العمليَّة الممتعة لشدِّ انتباه طفلك لتعلُّم اللُّغة عن طريق التَّأَمُّل وإمعان الخيال. فحاسَّة السَّمع هي الوسيلة الأساسيَّة لتعلُّم اللُّغة وخاصَّة النُّطق والتَّواصل مع العالم الخارجي واكتساب المخزون اللُّغويّ. يعتبر ارتباط مركز السَّمع عند الإنسان بالمراكز العليا للتَّفكير بالمخ. في ظلِّ تعرُّض الطِّفل للكم الهائل من المؤثرات المرئيَّة على شاشات التَّلفزة والأجهزة المحمولة، يعتبر السَّرد القَصصيُّ الخالص، من غير المؤثرات المرئيَّة، من الطُّرق المهمَّة لدعم الطِّفل للتركيز في المعاني اللُّغويَّة وتعلم اللُّغة.

ثانياً: أعد سرد القَصص لطفلك مع الحرص على تحفيزه للمشاركة الفعَّالة. هذا له أثر إيجابيٌّ لزيادة الاستيعاب والتَّدريب على المفردات والإلقاء. فالطِّفل عادةً لا يَملُّ من سماع القِصص أكثر من مرَّة وخاصَّة عند الحرص على دمج الطِّفل وتحفيزه على المشاركة بجزءٍ من القصَّة بلغته الخاصَّة، بإكمال كلمة معيَّنة، أو جملةٍ كاملةٍ، أو حتَّى جزءٍ كامل من القصَّة.

ثالثاً: احرص على قراءة القِصص باللُّغة العربيِّة الفصحى وبصوت واضح مع مراعاة مخارج الحروف الصَّحيحة. فلا يمكن للطِّفل التَّقدُّم في اللُّغة من دون مصدر نقيٍّ وصحيح يأخذ ويتعلَّم منه. فالحرص على القراءةِ الصَّحيحة والواضحة هو من أهمِّ الأُسس لإلقاء القصص للطفل ولا ينفي ذلك بحال من الأحوال الحاجة بعض الأحْيانِ لبعض الكلمات العامِّية للتَّسهيل على الطِّفل إن تطلب الأمر. 

رابعاً: ابدأ في المراحل الأولى من نُموِّ الطِّفل وخاصَّة قبل سنِّ 7 سنوات. في هذه المرحلة العمريَّة تبنى اللبنات اللُّغويَّة الأساسيَّة عند الطِّفل. ومن المعروف أن الطِّفل، وخاصَّة في المهجر، يتعرَّض في هذه المرحلة للُّغات أُخرى وخاصَّة عن طريق الروضات والمدارس وبشكل منظَّم وبأشكالٍ متعدِّدة. ولهذا فإنَّ على الأبوين بذل جهد كبير ومدروس لدعم اللُّغة العربية، وغالباً ما يكون هذا الجهد فردياً وأهمُّ ما يتطلبه هو الاستمرارية. ولهذا فإن السَّرد القصصي يعتبر من الطُّرق السَّهلة والممتعة لكل من الأبوين والطِّفل على حدٍّ سواءٍ لتعلُّم اللُّغة.

خامساً: احرص على تخصيص 10 – 15 دقيقة لِقِصَّةٍ ترويها لطفلك يَوميّاً بمشاركة الأُمِّ والأب على حدٍّ سواء. فبناء الطِّفل وخاصَّة لغويِّاً هو مسؤوليَّة مشتركة على الأب والأُمِّ، والتَّناوب على سرد قصص هادفة هو طريقة عمليَّة لذلك، تُمَكِّنُ كلاً من الأب والأُمِّ لقضاء وقت تعليمي ممتع من الطِّفل وتُمكِّن الطِّفل من سماع أساليب مختلفة للقصص المرويَّة. وبالطَّبع يزيد هذا الوقت من ترابط العائلة ببعضها البعض. 

في عصرنا الحالي يواجه الطِّفل أمواجاً عاتيةً من الأفكار والمحتوى الَّذي يقدم بطرق مختلفة تغلب عليها السُّرعة والمؤثرات المرئيَّة واللُّغة العامِّيَّة، يتحتَّم علينا جميعاً بذل جهد مضاعف للأخذ بيد أطفالنا وحمايتهم. ويكون ذلك من خلال حاضِنةٍ تربوية حامية للطِّفل توازن بين ما يُقَدَّم له وترتكز على إتقان الطِّفْل للُّغة العربيّة الأم بشكل لا يتزحزح، بِغَضِّ النَّظَرِ عن مكان وجودنا في دولةٍ عربيَّة أو في مهجر. ويُشكِّل السَّرد القَصَصي أحد الطُّرق الفعَّالة والرَّكائز الأساسية في هذه الحاضنة التربوية.  

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

بشار التكروري
باحث في مجال انترنت الأشياء
الدكتور بشار التكروري استشاري وباحث في مجال إنترنت الأشياء والصناعة الرابعة والإعلام الرقمي. عمل في عدة شركات ومؤسسات صناعية وأكاديمية عالمية. مهتم ومؤلف في مجال قصص الأطفال التربوية والهادفة، ومؤسس لمنصة «حدِّثني» لقصص الأطفال.
تحميل المزيد