فاز أكرم إمام أوغلو، مرشح تحالف الأمة، برئاسة بلدية إسطنبول وبفارق كبير عن منافسه بن علي يلدرم، في انتخابات الإعادة التي جرت الأحد 23 يونيو/حزيران 2019، وبالتأكيد فإنَّ لهذا الفوز انعكاسات على الواقع الحزبي والسياسي في البلاد، فالكثيرون يرون أن إمام أوغلو سيكون مرشحاً محتملاً للتنافس على الرئاسة في الانتخابات القادمة، وستكون هناك متابعة حثيثة لأدائه في رئاسة بلدية إسطنبول، وهنا من الجيد الاطلاع على مهام رئيس البلدية وصلاحياته.
ولكن من الضروري أيضاً أن نشير أن البلديات تعتبر بمثابة كنز استراتيجي للتواصل والمشاريع وتكوين شبكات المصالح والعلاقات، وإن تم استثمارها بشكل جيد فسوف تكون رافعة لمن يديرها، وهو الأمر الذي جعل حزب العدالة يقاوم لآخر نفس من أجل الفوز بها، ولكن لم يحالفه الحظ لعوامل عديدة.
يعتبر رئيس البلدية هو الرأس الإداري للبلدية، وكما نشر على موقع بلدية إسطنبول الكبرى، فإنَّ واجبات رئيس البلدية كما يلي:
– الإشراف العام على البلدية.
– توجيه وإدارة التنظيم البلدي.
– حماية حقوق ومصالح البلدية.
– مراقبة وتقييم وتقديم التقارير إلى البرلمان (ربما تكون هذه الفقرة قد تغيَّرت بعد الانتقال للنظام الرئاسي) وللمجلس البلدي.
– اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ فعّال وكفء للخدمات التي تقدمها البلدية والمؤسسات التابعة لها.
– إعداد مقترحات الميزانية.
– ضمان تحصيل المستحقات والعائدات.
– إبرام العقود نيابة عن البلدية.
– قبول التبرعات وتوفير المدخرات اللازمة.
– تمثيل البلدية.
– تعيين موظفي البلدية.
– تفويض الصلاحيات.
– إنشاء مراكز خدمات.
من المهم الإشارة أن بلدية إسطنبول تعدُّ بلدية كبرى، وهي أكبر بلدية من بين 30 بلدية أخرى في تركيا، وتعتبر ميزانيتها وعدد السكان الذين تقوم بخدمتهم أكثر من بعض الدول، ومن المجالات التي تقوم بها البلدية الكبرى:
– وضع خطط تقسيم المناطق وإقرار جميع أنواع طلبات تقسيم المناطق المتعلقة بالمشاريع وأعمال التشييد والصيانة والإصلاح، التي تتطلبها الواجبات والخدمات الممنوحة لبلدية العاصمة بموجب القوانين، واستخدام التراخيص الممنوحة للبلديات في قانون الأحياء الفقيرة، وترخيصها.
– إعداد الخطة الاستراتيجية والأهداف السنوية وبرامج الاستثمار وميزانية بلدية العاصمة من خلال أخذ آراء البلديات من الدرجة الأولى والبلدية.
– إعداد، أو إعداد وتنفيذ الخطة الرئيسية للنقل الحضري.
– الموافقة على الخطة الرئيسية داخل حدود بلدية العاصمة والمناطق المجاورة، وفقاً لخطة النظام البيئي.
– الترخيص والإشراف على أماكن العمل في المناطق التي تديرها البلدية.
– إنشاء نظم المعلومات الجغرافية والحضرية.
– بناء ساحة وطرق رئيسية ضمن اختصاص بلدية العاصمة.
– إنشاء وتشغيل مختبرات للترخيص والإشراف على المؤسسات من الدرجة الأولى، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأغذية، وتحليل الأغذية والمشروبات.
– ضمان حماية البيئة والمناطق الزراعية ومجمعات المياه، وفقاً لمبدأ التنمية المستدامة والتشجير.
– القيام بخدمات النقل العام داخل المنطقة الحضرية، وإنشاء وتشغيل المرافق اللازمة لهذا الغرض، لإصدار تراخيص مركبات النقل العام، بما في ذلك سيارات الأجرة ومركبات الخدمة داخل حدود المنطقة الحضرية.
– ضمان الحفاظ على الأصول الثقافية والطبيعية والنسيج التاريخي والأماكن والوظائف المهمة من حيث تاريخ المدينة، وإجراء الصيانة والإصلاح لهذا الغرض، وإعادة بناء تلك التي لا يمكن حمايتها وفقاً للأصل.
– تنفيذ خدمات المياه والصرف الصحي، وإنشاء وتشغيل السدود وغيرها من المرافق اللازمة لذلك، وتسويق مياه الينابيع.
– عند الضرورة، إنشاء المباني والمرافق الصحية والتعليمية والثقافية، وصيانة وإصلاح المباني والمرافق المتعلقة بهذه الخدمات من المؤسسات والمنظمات العامة، وتقديم الدعم المادي اللازم.
– بناء وتشغيل المرافق الاجتماعية والحدائق الإقليمية وحدائق الحيوان والملاجئ الحيوانية والمكتبات والمتاحف ومراكز الرياضة والترفيه، وغيرها من الأماكن التي تخدم البلدية.
– بناء وتشغيل أو إصدار تراخيص محطات الركاب والشحن ومواقف السيارات المغلقة والمفتوحة.
– صنع أو إنشاء أو تشغيل جميع أنواع مراكز تجار الجملة والمجازر، والترخيص والإشراف على الحالات الخاصة والمجازر.
– تحديد مناطق المقابر، وإنشاء مقابر وتنفيذ الخدمات المتعلقة بالدفن.
– تركيب أو تثبيت أو تشغيل أنظمة التدفئة المركزية.
– إخلاء وهدم المباني التي تشكل خطر وقوع كارثة، أو تشكل خطراً على حياة وسلامة الممتلكات.
– إجراء وتطوير جميع أنواع الخدمات الاجتماعية والثقافية للمراكز الصحية والمستشفيات والوحدات الصحية المتنقلة والبالغين وكبار السن والمعوقين والنساء والشباب والأطفال، وإنشاء مرافق اجتماعية لهذا الغرض، وفتح أو تشغيل دورات مهنية ومهارات، للتعاون مع الجامعات والكليات والمدارس الثانوية المهنية والمؤسسات العامة والمنظمات غير الحكومية.
– القيام بالتخطيط والاستعدادات الأخرى المتعلقة بالكوارث الطبيعية على نطاق المدن الكبرى، وفقاً للخطط الموضوعة على مستوى المقاطعات، وتوفير الأدوات والمعدات والمواد لمناطق الكوارث الأخرى عند الضرورة، وتنفيذ خدمات الطوارئ.
يتضح مما سبق أن البلدية مرتبطة بكل تفاصيل حياة سكان المدينة، ولهذا سوف تكون فرصة وتحدياً لأكرم إمام أوغلو من جهة، كما أن البلدية هذه المرة ستشهد حالة فريدة من نوعها، لأن أغلبية المجلس البلدي ستكون لحزب العدالة والتنمية والحركة القومية، في مقابل رئيس البلدية، وأقلية من حزب الشعب الجمهوري. وللمجلس البلدي في تركيا صلاحيات مهمة، منها أنه يقر/يرفض الخطط الاستراتيجية للبلدية، ويُقرّ الميزانيات والمشاريع، وله حق متابعة وتقييم أداء العاملين، كما يتدخل في ديون البلدية وبرامج استثمارات البلدية، ويُقرُّ خطط الإعمار، ويحدد قيمة رسوم وضرائب البلديات، ويحدد أسماء الشوارع والأزقة وغيرها من الصلاحيات.
من المبكر أن نحكم كيف سيكون شكل الاستقطاب، فهناك توجه من حزب العدالة لتخفيف الاستقطاب، وهو ما سيستفيد منه المعارضون، وعلى رأسهم أكرم إمام أوغلو، لتعزيز نفسه، ولهذا سيكون حزب العدالة أمام مأزق التشديد، فيحدث عنه انفضاض أو الانفتاح، فيستفيد المعارضون من ذلك، ومع هذا فإن الانفتاح هو الأرجح، لأن البلد بحاجة للانفتاح والشراكة.
لقد بادر إمام أوغلو بطلب لقاء مع الرئيس أردوغان للتعاون لحلِّ مشاكل إسطنبول، وقد اعتبر البعض ذلك ورقة بيد إمام أوغلو، في حال تعرَّضت إدارته للفشل أن ينسب ذلك لعدم التعاون من الرئاسة، كما أن لقاءه مع أردوغان سيجلب له المزيد من الحضور في المشهد التركي، وسيبقي العلاقة بينه وبين أردوغان تحت عدسة الاهتمام، وكأنه يقول لقد فُزت على يلدرم، والآن بدأت منافستي مع أردوغان. لذلك فإن رأيي أن إمام أوغلو سيُركِّز على الأهداف الكبرى أكثر من تفاصيل رئاسة البلدية، إلا ما خدم أهدافه الكبرى منها.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.