يحدث لأفضلنا أن نبدأ العمل في وظيفةٍ جديدةٍ لنجد أن مديرنا ليس مثالياً. قد يكون مديراً يدقق في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ، أو صاحب رؤيةٍ لكنه يفتقر للقدرة على إتمام العمل، أو مديراً يحب أن يحصل على كل التقدير عن العمل الجيد الذي قام به فريقه، أو سيئ التواصل، أو معدوم التواصل، أو مديراً غير غائب، والقائمة تستمر.
فيما يمكن اعتباره أسوأ السيناريوهات، فإن مديرك قد لا يحبك أو لا يحب الطريقة التي تؤدي بها عملك مهما حاولت جاهداً، وهو يذكرك بذلك دائماً. نعم، أنا أعلم أن المدير الذي "يحاول الإيقاع بك" ليس مجرد خرافةٍ أو مبالغةٍ، بل هو موجودٌ حقيقةً في عالمنا اليوم، لأنني رأيت بنفسي هذا النوع من المديرين في بيئة العمل. هاتفني موظفون يبكون بسبب إساءة مديريهم وتصرفاتهم غير الناضجة، يبذلون قصارى جهدهم لجعل الأمور تسير ويطلبون النصيحة حول ما يمكنهم عمله. هذا ما جعلني غير متفاجئ من أنه في دراسةٍ مقارِنةٍ على مدار خمس سنواتٍ قامت بها مؤسسة لين تايلور للاستشارات، وُجِد أن 7 من أصل 10، أو 69% من الأمريكيين المشتركين في الدراسة، موافقون على أن هناك شبهاً كبيراً بين الأطفال الحاصلين على سلطاتٍ واسعة والمديرين ذوي السلطات الواسعة.
ويملك العديد من المديرين الوعي بحقيقة أنهم بحاجةٍ لتطوير أنفسهم. وطبقاً لمقالٍ منشورٍ على موقع Inc.com، فإن 64% من المديرين الذين أجرت عليهم شركة DDI للاستشارات دراستها أقروا بحاجتهم لاكتساب مهاراتٍ إداريةٍ أفضل. مع ذلك، ولإنصاف المديرين، فإنهم دائماً ما يكونون مشغولين بالعمل المُلقى على عاتقهم، ويشعرون بالضغط كذلك تحت وطأة الرغبة في تحقيق الأرقام، والكثير من الأهداف، وغيرها الكثير. أضف لذلك أن العديد من الهيئات تقوم بترقية المديرين لأسبابٍ خاطئةٍ -فكونك جيداً في عملك على المستوى التخطيطي أو التنفيذي لا يعني أنك ستكون مديراً أو قائداً جيداً- وتفتقر الهيئات للتدريب على الإدارة و القيادة.
وبغض النظر عما يجعل مديرك غير مثالي، فأنت تحتاج لأن تقرر الطريقة الفضلى للعمل معه أو معها، خاصةً إن كان ترك عملك الحالي ليس خياراً متاحاً (وتلك هي الحال لدى الكثيرين). ومن تجاربي في التعامل مع أنواع عديدة من المديرين المتسلطين والسيئين، أقدم لك فيما يلي مجموعةً من النصائح التي تمكنك من إدارة مديرك، لتساعدك على تقييم موقفك والحصول على المساعدة التي تحتاجها لتكون منتجاً وتحافظ على صحتك النفسية في الوقت ذاته.
قيّم الوضع بموضوعيةً
يمكن أن يكون النظر في المرآة أمراً صعباً، ولكن ألقِ نظرةً صادقةً وحدد ما إذا كان هناك بعض الأشياء على جانبك من الطاولة يمكنك العمل على حلها والتي سيكون من شأنها تحسين العلاقة بينك وبين مديرك. حاول أن تكون أكثر فاعليةً، أن تتم مشاريعك في مواعيدها، وما إلى ذلك. إننا نعرف بطبيعة الحال إن كنا متكاسلين في العمل. في نفس الوقت، يمكن أن تعمل بأقصى طاقتك ويظل ذلك غير كافٍ، لذا التقط أنفاسك واستمر بالقراءة.
تفهم مشاكل مديرك وأسلوبه في التواصل
كلما تعلمت عن "الذكاء العاطفي" وكيفية التعامل مع الآخرين بشكلٍ أفضلٍ، كان وضعك أفضل في المواقف الصعبة، مثل أن يكون لديك مديرٌ صعب المراس. سجل ملاحظاتٍ حول كيفية عمل مديرك، وحاول أن تعبر الحاجز الفاصل بينكما فيما يتعلق بالعمل وطريقة التواصل. فعل ذلك سيجعل حياتك أسهل بكثير. يعطي ترافيس برادبيري مؤلف Emotional Intelligence 2.0 بعض التلميحات المفيدة حول الأنواع المختلفة من المديرين السيئين، وكيفية التعامل معهم في مقاله بعنوان "كيف يهزم الناجحون المديرين السيئين" "How Successful People Conquer Bad Bosses."
اكتب كل شيءٍ
إن كانت مشاكلك مع مديرك تتعلق بما أنجزته وما لم تنجزه أو عدم إنجازك الأعمال في الوقت المحدد، تأكد من احتفاظك بسجلٍ مكتوبٍ بشكلٍ مفصلٍ عن كل ما يتعلق بعملك، بدءاً من ماهية العمل إلى وقته والشخص المستهدف، ووصولاً إلى الأسباب التي تعطل المشروع أو المهمة. ويمكنك أيضاً ترتيب اجتماعٍ من خمسِ دقائق أو أكثر ووضعه في جدولك اليومي لمناقشة ما أُنجِز والتأكد من فهمك لأولويات مديرك حول قائمة مهامك الحالية. سيجعلكما هذا تتواصلان، ويجعل مديرك على اطلاعٍ بسير العمل. نصحت إحدى الموظفات بأن تجرب تلك الطريقة، وقد ساعدها ذلك في تحسين نفسيتها وأمدها بسجل إثباتٍ إذا ما قام مديرها باتخاذ إجراءٍ حيالها بسبب مشكلةٍ مُتصورةٍ، مثل اتهامها بتفويت موعد تسليم العمل بينما هي لم تفوته.
لا تهدر طاقتك في التفكير في مديرك السيئ
لقد كنت محظوظاً كوني قابلت بعض المديرين الرائعين خلال مسيرتي المهنية. لكن لمرةٍ واحدةٍ على الأقل كان لدي مديرٌ يصعب العمل معه. كنت أضيع الكثير من الجهد في التفكير حول كم جعلني محبطاً وما الذي يمكنني فعله حيال ذلك، ما جعلني أضيع جهدي على أشياء لا يمكنني التحكم فيها. إذا وجدت أنك عادةً ما تكون مستاءً أو تفكر في مديرك، فادفع لنفسك جنيهاً في كل مرةٍ تفعل ذلك، واحتفظ بالمال لوقت حاجةٍ. هذه الخدعة سوف تساعدك في أن تعي كمية الوقت الذي تستهلكه في التفكير في مديرك، والذي يمكن استغلاله في مجهوداتٍ مثمرةٍ وممتعةٍ. سيساعدك هذا أيضاً في تحويل أفكارك عنه في كل مرةٍ تفكر فيه أو فيها، حتى لا يستهلكك التفكير.
اعلم إذا لم يتحسن الوضع أنه ليس خطأك
في نهاية القول، بعض العلاقات لا تسير بشكلٍ جيدٍ. فرقصة التانجو تحتاج لشخصين لتنجح وتحتاج لتراجع شخصٍ واحدٍ فقط لتفشل. افعل أفضل ما يمكنك فعله وركز في عملك حتى يظهر سيناريو أفضل.
اسلك الطريق الصحيح
اختر التصرف كشخصٍ بالغٍ، حتى لو لم يفعل مديرك، ولا تتحدث عنه أو عنها بسوءٍ، ولا تغتبه أو تغتبها. لن يفلح ذلك في إصلاح الوضع. إذا احتجت للتحدث مع أحدهم في الهيئة التي تعمل بها لأن عملك يُعطل أو يتأثر بشكلٍ سلبي بسبب مشاكلك مع مديرك، فافعل ذلك بشكلٍ مهني وحكيمٍ.
تحدث مع أحد العاملين في قسم الموارد البشرية.
سيكون ذلك التصرف واقعياً جداً إذا كان تصرف مديرك مزعجاً أو يشعرك بعدم الأمان أو عدم الراحة. سيكون مختص الموارد البشرية قادراً على إسداء النصائح حول كيفية التعامل مع المشكلة ومحاولة حلها بالطريقة المُثلى.
قد يساعدك أن تتحدث مع مدير مديرك أو من هو في منصبٍ أعلى منه.
سيكون هذا موقفاً دقيقاً، أعرف. ستحتاج للكثير من الحكمة لاختيار الوقت المناسب لاتخاذ ذلك الإجراء، وإدراك ما إذا كان ذلك التصرف سيرتد عليك سلباً أم لا. معظم الموظفين الذين تحدثت معهم وجدوا أنه من المريح أكثر الذهاب إلى المختص في قسم الموارد البشرية أولاً. أيضاً، في حال إذا ما اخترت هذا الأسلوب، فيجب أن تقوم به بطريقة "أنا أواجه بعض الصعوبات مع فلان وأبحث عن بعض الإرشادات أو الإقتراحات التي يمكنها مساعدتي في تحسين الوضع" بدلاً من توجيه أصابع الاتهام بقولك: "مديري مخطئٌ وصعب المراس، ويجعل حياتي بائسةً".
اتجه لمدربٍ مهني أو شخصي أو لمشرفك الخاص
من الممكن أن يساعدك التحدث إلى مدربٍ وظيفي أو إلى مشرفك في التعبير عن استيائك، وفي الوقت نفسه يمكنك الحصول على نصيحةٍ أو إرشادٍ منه حول كيفية التعامل مع مديرك الذي يُصعّب عليك حياتك المهنية. شخصٌ من خارج الموقف يمكن أن يكون قادراً على منحك وجهة نظرٍ تجعلك قادراً على التعامل مع ذلك السيناريو بشكلٍ أفضل أو حتى رؤيته من منظورٍ مختلفٍ. يمكنك البحث عبر الإنترنت عن المدربين المهنيين حتى تجد مدرباً مهنياً أو حياتياً محلياً، ويمكنك أيضاً العثورعلى مدربين يقومون بإعطاء جلساتٍ عن طريق الهاتف.
انظر للموقف على أنه فرصةٌ للتعلم
انظر لنصف الكوب الممتلئ في موقفك مع المدير السيئ على كونه في حقيقةِ الأمرِ درساً يمكنك أن تتعلم منه ما الذي لا يجب عليك فعله تجاه زملائك أو موظفيك إذا ما أصبحت يوماً ما مشرفاً أو مديراً.
أحياناً، قد لا يمكننا اختيار مديرينا، ولكن يمكننا دائماً اختيار ردة فعلنا تجاه المواقف الصعبة في حياتنا. التورط في التعامل مع مديرٍ سيئ ليس أمراً ممتعاً، ولكن بالعقلية والتصرف الصحيح، يمكنك تسيير الأمور إلى أن تصبح قادراً على الانتقال لبيئةٍ أفضل.
-هذا الموضوع مترجم عن موقع Topresume الأمريكي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.