نحن ضعفاء للغاية لردع إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/07 الساعة 14:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/07 الساعة 14:49 بتوقيت غرينتش
انتصرت إسرائيل الآن على الجبهات كافة، في ظل حصانة مكفولة لها ونحن الفلسطينيين نبدو ضعفاء للغاية لردعها.

تُنظم إسرائيل انتخاباتٍ يوم الثلاثاء المقبل 9 أبريل/نيسان 2019، لكن المجتمعات الفلسطينية في الأراضي المحتلة لا تتابعها بكثير من الاهتمام. وهذا ليس لأن من سيجري انتخابه لن يؤثر في حياتنا بصورة كبيرة. السبب هو عدم امتلاك أي من المرشحين البارزين برنامجاً لإحلال السلام. فالمنافسون الرئيسيون ملتزمون الحفاظ على المستوطنات اليهودية غير القانونية، التي بُنيت في الضفة الغربية. وهم لا يسعون إلى إنهاء الإحتلال.

لم تضم إسرائيل رسمياً الضفة الغربية أو قطاع غزة، لكنها تتحكم في هذه الأراضي كأنها قوة سيادية، أو أسوأ. لقد استولت على الإيرادات الضريبية من السلطة الفلسطينية، التي من المفترض أن تدير الضفة الغربية، وتُبقي غزة تحت الحصار. وتفرض علينا، نحن الفلسطينيين، أن نشاهد من منازلنا انتخابات سوف تتحكم نتائجها في حياتنا ومستقبل أراضينا. أما اليهود الإسرائيليون في الضفة الغربية فهم مواطنون، ونحن لسنا كذلك، يمكنهم الذهاب إلى إسرائيل للإدلاء بأصواتهم، ولا يمكننا ذلك.

خلال آخر انتخابات إسرائيلية عام 2015، كتبتُ أن الفلسطينيين هنا أصبحوا أقل اهتماماً بنتائج هذا السباق الانتخابي أكثر من اهتمامهم باحتمال رفع قضايا دولية. بالنسبة إليَّ كنت قد علَّقت آمالي على التحضير لرفع عدة دعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. اعتقدت أن إحدى تلك الدعاوى يُفترض أن تناهض بناء المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية. اعتقدت أنه لم يكن هناك نقص في الأدلة، ونقل الحكومة المواطنين إلى أراضٍ تحتلها، يُعتبر انتهاكاً واضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

والآن أفكر كالتالي: بغض النظر عن جدارة واستحقاق أي من مثل هذه القضايا. فمع تهديد حكومة الولايات المتحدة أعضاء المحكمة بمنع منحهم التأشيرات -وهذا يتعلق بقضية أخرى يُزعم فيها أن جنوداً أمريكيين ارتكبوا جرائم في أفغانستان- فإن فرصنا ضئيلة للغاية.

في الشهر الماضي (مارس/آذار 2019)، اعترفت إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وهي منطقة سورية متنازَع عليها، جرى الاستيلاء عليها بالقوة من سوريا عام 1967. من شأن هذا تشجيع إسرائيل على استئناف ضم الضفة الغربية رسمياً إليها في نهاية المطاف.

يبدو أن إسرائيل، جزئياً، بفضل دعم الولايات المتحدة، تنتصر الآن على الجبهات كافة، في ظل حصانة مكفولة لها. ونحن الفلسطينيين نبدو ضعفاء للغاية لردعها.

وبدورهم يبدو الإسرائيليون كأنهم يعيشون في وهْم روَّج له رئيس وزرائهم، بنيامين نتنياهو، بأن حكومتهم تستطيع إدارة الصراع، وأنه لا حاجة لحله في واقع الأمر. على الرغم من ذلك، ساء الوضع كثيراً في أثناء رئاسة نتنياهو للحكومة، واشتدت الأوقات ظلمة، وحلَّ اليأس محل ما كان يوجد من بصيص أمل.

ومع ذلك، وفي هذه المرحلة، قد تكون تلك الأوقات الأشد ظلمة أفضل بالنسبة لنا، ربما هذا هو الخيار الوحيد للنجاة. عزائي الوحيد في أثناء مشاهدتي لإسرائيل وهي تمضي قدماً في مسارها الحالي، هو التفكير في أنها تلحق الضرر بنفسها أيضاً.

ضع في اعتبارك هذه الأمثلة الثلاثة:

  • زاد عنف المستوطنين اليهود والنشطاء اليمينيين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية ثلاثة أضعاف العام الماضي (2018)، مقارنة بعام 2017.
  • بَنَتْ عائلة إسرائيلية منزلاً على أرض انتُزعت من فلسطينين، ثم حاولوا تأجير المنزل لشركة Airbnb، وعندما رفضت الشركة بنهاية العام الماضي، مُرجعةً ذلك إلى سياسة جديدة تمنع إدراج عقارات بالمستوطنات، رفعت العائلة الإسرائيلية دعوى ضد التمييز في الولايات المتحدة (ورفعت العائلة الفلسطينية دعوى مضادة).
  • الأسبوع الماضي، اختارت عائلة فلسطينية بالقرب من بلدة حزما شمال القدس، تدمير منزلهم القائم منذ ثلاثة عقود، والذي يقع في مستوطنة إسرائيلية، بدلاً من الدفع للسلطات الإسرائيلية نظير تدميره (ودفع غرامة كذلك).

ألن يشعر المجتمع الإسرائيلي أيضاً في مرحلة ما بالتأثيرات الشنيعة لوحشية حكومته ضدنا؟

في رواية أرونداتي روي "The Ministry of Utmost Happiness" أي "وزارة السعادة القصوى"، يقول موسى وهو إحدى شخصياتها: "لو فشل أهالي كشمير في الحصول على استقلالهم من الهند، فعلى الأقل في نضالهم ضدها استطاعوا كشف الفساد بالنظام الهندي". ويقول موسى لراوي الرواية: "أنتم لا تدمروننا، بل تؤسسوننا. فقط تدمرون أنفسكم". الفلسطينيون اليوم يمكنهم قول الشيء نفسه في نضالهم ضد إسرائيل.

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The New York Times الأمريكية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رجا شحادة
محامٍ وكاتب فلسطيني
محامٍ وكاتب فلسطيني، ألّف كتاب "Where the Line Is Drawn: A Tale of Crossings, Friendships and Fifty Years of Occupation in Israel-Palestine".
تحميل المزيد