ما الذي يجب على النساء تعلمه من طليقة رئيس «أمازون»؟

عدد القراءات
993
عربي بوست
تم النشر: 2019/04/07 الساعة 11:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/09 الساعة 07:36 بتوقيت غرينتش
ماكينزي وزوجها السابق مؤسس أمازون، جيف بيزوس - رويترز


ماكينزي أغنى مطلَّقات العالم والتي كانت زوجة البليونير جيف بيزوس، صاحب مجموعة شركات أمازون وجريدة "الواشنطن بوست"، تستعد لإتمام الطلاق بعد تسوية الأمور المادية بينها وبين زوجها الأسبق، على أن يتم إعطاؤها 25 بليوناً -بعض الصحف ذكرت 36 بليوناً- بدلاً من مشاركته أسهم شركته أمازون، كما أنها أعطته الكلمة العليا فيما يخص أمور الشراكة بينهما.

حقاً كمتابعة للخبر الكئيب، انبهرت برقِّيها في تسوية حساباتها مع الزوج، تغريداتهما بعد الطلاق تخلو من الندية، وتتبنى فكرة الطليقين الصديقين لاعتبارات كثيرة، من بينها الأطفال بينهما، رغم أن سبب الطلاق كان فضيحة أخلاقية لرجل الأعمال المشهور، وهو الأمر الذي يعد الأكثر ألماً لأي امرأة في ظروفها نفسها.

حسن تعاملها مع الأزمة -ولو شكلياً أمام الناس- يستحق النياشين والأوسمة، وقصتها تذكِّرني بقصة شبيهة ذكرها الكاتب الكبير عبد الوهاب مطاوع -صاحب القلم الرحيم- في أحد كتبه وهو "وقت للسعادة ووقت للبكاء"، حيث يجمع الكتاب بين سرد قصصي لمقتطفات من رسائل القراء في بريد الجمعة وتناوُل الحلول التي عرضها علي أصحاب الرسائل.

أذكر في هذا الكتاب تحديداً قصةً سماها "كانت عاقلة وحكيمة"، وكانت القصة باختصار أن أحدهم كان رجلاً بخيلاً شديد الشح، بعد إلحاح الأهل عليه قرروا تزويجه بعدما أتم الأربعين ببضع سنوات. كان قد اعتاد الحياة بمفرده، فأقنعوه بأن الزواج سيوفر له من يؤنس وحْدته ويتقاسم معه همومه، هو لم يكن مقتنعاً بالفكرة ولكن مع الإلحاح استسلم وتمت الزيجة.

واكتملت مراسم الزواج بشيء من التيسير والتسهيل من قِبل العروس، حيث تنازلت العروس عن كثير وكثير من متطلباتها وحقوقها، وهو الأمر الذي شجع صاحبنا البخيل على إتمام الزواج دون تردد، فالعروس مُدبِّرة ووافقت علي كل شروطه، بل أسهمت بالكثير لإعداد بيت الزوجية، ووفرت له أكثر من ثلاثة أرباع المصاريف التي توقَّعها وكانت تؤرّقه كلما فكر في الزواج فتجعله يتراجع…

وبعد شهور، وجد العروس قد تقاعدت عن العمل، فتقلصت مدخراته، لأنه أصبح -بحسب تفكيره- ينفق على فردين بدلاً من فرد واحد، وبدأ يشعر بحجم الكارثة التي حلَّت به؛ أصبح هناك من يقاسمه طعامه وشرابه ومسكنه ونقوده، والمقابل -في وجهة نظره- لا شيء، فبات ليل نهار يفكر بإخلاص ودأب كيف يتخلص من تلك الزيجة التي كلفته كثيراً وستكلفه أكثر إن استمر الوضع هكذا، بل ماذا سيحدث لو -لا قدر الله- نتج عن تلك الزيجة أطفال؟!

فلم يكذّب خبراً.. ذهب إلى زوجته وأخبرها بما يعتمل في صدره، وشرح لها أنه لا طاقة له بالإنفاق على شخصين، وودَّعها بعد أن أعطاها مهلة لتفكِّر. وكانت الزوجة عاقلة وحكيمة كما وصفها الكاتب، فتلك الشهور القليلة كانت كفيلة بأن ترى مِن بُخله ما يكفي لتكره عِشرته، فلم تهبَّ إلى الطلاق منه هي؛ فحينها كانت ستخسر كل شيء، بل تركته هو ليصنع قراره، ولتحتفظ هي بكل حقوقها الشرعية بعد الطلاق.

كان ردُّ الكاتب الكبير أن السيدة كانت بالذكاء الكافي لمَّا تحلَّت بالصبر لإنهاء الزيجة الفاشلة بهذه الطريقة، فلو كان الزوج البخيل أصبر منها لنال الطلاق برغبتها دون أن يكلفه الطلاق شيئاً، لكنها كانت عاقلة وحكيمة!

ماكينزي أيضاً عاقلة وحكيمة، لمَّا اختزلت الحرب مع زوجها السابق، وقررت فض الأمور بشيء من الرقي ودون فضائح أو تشهير، وفضَّلت حفنة من الملايين على الانتقام من زوج خائن.

كثيرون لا يملكون العدل في الغضب، وتصير الأمور كالحرب الباردة بين الطرفين بعد الطلاق.. من القصص الطريفة التي قرأتها بهذا الصدد، عن إحدى الزوجات والتي قرر زوجها الانفصال عنها، وإنهاء زواجهما بعد حقبة من الزمن لما تعرَّف إلى إحدى الجميلات والتي تصغره بعشرات الأعوام، والزواج لدى الغرب يشترط ما يُعرف بالـPrenup.

وهو اتفاق مكتوب بين الزوجين على أنه إن تمَّ الطلاق، تتم قسمة المدخرات والممتلكات بين الزوجين بحسب القانون. فلما قرر الزوج الانفصال عن زوجته، وافقت الزوجة دون اعتراض ودون أدني مشاكل، وهو ما أثار استغراب الزوج. وبعد الانتهاء من الأوراق الرسمية، دعت الزوجة زوجها، "الذي سيصبح زوجاً سابقاً"، إلى العشاء على مأدبة من الأسماك والقريدس، واحتفت به، ووعدت بإخلاء المنزل خلال سويعات، وأخبرت الزوج بأنها ستترك كل شيء وستكتفي بالنقود عوضاً عن الأثاث والتحف.

وتهلَّل الزوج، وراح يخبر حبيبته بما كان في اللقاء، فلما ذهب الزوج، أفرغت السيدة كل فضلات المأدبة من قشور القريدس وعظام السمك في أسياخ الستائر، وتركت للزوج رسالة محتواها أنها تعلم أن عبق الذكرى سيفوح إلى الأبد، وعاد الزوج بعد ساعات، ليرى أن الزوجة قد وفَّت بما وعدت.

ومرت الأيام الأولى في سلام حتى بدأت رائحة الفضلات تفوح بين أرجاء المنزل، ولا سبب لذلك! وظلت الرائحة في ازدياد إلى أن فاض الكيل بالزوج وحبيبته، فقررا استجلاب شركة لرشِّ المنزل، ولكن دون جدوي؛ فالرائحة ما زالت في ازدياد، فلما يئس الزوج اتصل بالزوجة وأخبرها عن الرائحة، فاقترحت عليه بيع البيت، وفرِح الزوج بالفكرة وعرض البيت للبيع، وكلما أتى زائر للمعاينة فرَّ هارباً من الرائحة، ولا أحد يرغب في شراؤه حتى بعدما خفض السعر إلى نصف القيمة الحقيقية للبيت.

فاتصل الزوج بزوجته السابقة وعرض عليها البيت بربع ثمنه، أي ما يعادل نصف ما معها من الأموال التي حصلت عليها بعد الطلاق؛ ظنا منه أنه الرابح في تلك الصفقة، ووافقت الزوجة، وأصبحت بعد طلاقها من زوجها الخائن تملك بيته ونصف مدخراته، لديَّ أحساس غريب بأن ماكينزي من تلك النوعية من النساء.. عاقلة وحكيمة!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
شامة عمران
مُترجمة تعيش بأمريكا
تحميل المزيد