في هذه الأيام لا شيء أكثر شيوعاً من الطلاق، خاصة في مصر، حيث ترتفع معدلات الطلاق كل يوم تقريباً.
لكن هذا لم يعد معضلة، لأنه يحدث في كل مكان.
لكن ما لا يحدث في كل مكان هو العار الذي يلحق بالمطلقات اللائي يتزوجن مرة أخرى، وأحد المجتمعات القليلة التي يحدث فيها هذا هو -ولا داعي للتأكيد- مصر.
في عيد الأم الذي كان قبل أيام، فكَّرت، لماذا لا نلقي الضوء على مدى ظلم المجتمع المصري للأمهات المصريات؟
وأحياناً، لا يكون المجتمع وحده قاسياً وانتقادياً وظالماً، بل أطفالها أيضاً.
حتى في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية المصرية، نرى كم هو سهل على الآباء الزواج مرة أخرى. ويتقبل الأطفال الموقف حتى لو كانوا مستائين قليلاً، إن لم يرحبوا به، ونادراً ما يعارضونه.
على الرغم من أن الآباء قد يكونون أحياناً هم الذين يرتكبون الخيانة وتخريب العلاقة، مما يؤدي في النهاية إلى الطلاق، فهم ما زالوا يتمتعون بالقدرة على الزواج وإشعار زوجاتهم السابقات، اللاتي أخطأوا في حقهن من البداية، بالعار، لرغبتهن في فعل نفس الشيء.
بوضع ذلك في الحسبان، فليس غريباً أن تكون الكلمات والأحكام المشينة عادةً صادرة من الشركاء السابقين أو من رجال المجتمع عموماً.
لكن مرة أخرى، ما هو غريب ومجحف للغاية عندما يأتي ذلك الوصم من أبناء المطلقة البالغين الذين أنجبتهم للحياة.
يُعتبر رفض الطفل فكرة زواج والدته من رجل آخر أمراً مفهوماً، ويعود ذلك الرفض إلى طبيعة العلاقة الوثيقة بين الأم وأطفالها.
لكن عندما يقبل الابن أو الابنة البالغان، أو حتى يرحبان بفكرة أن يبدأ والدهما حياة جديدة مع شخص آخر، ولا يقبلان ذلك لوالدتهما، فلا يُعتبر ذلك أمراً منطقياً.
هناك حرفياً سبب واحد فقط لتفسير سبب حدوث هذا بشكل شائع:
لأن الأم امرأة وليست رجلاً، والمجتمع الذي تعيش فيه -سواء أحببنا الاعتراف بذلك أم لا- مجتمع يهيمن عليه الذكور.
لسنوات وسنوات كافحت النساء الصورة النمطية التي توجِّه لهنَّ نظرة احتقار حال حصولهن على الطلاق. ومرة أخرى، حتى إذا كان الطلاق بسبب خطأ ارتكبه الرجل، فالنساء هنَّ مَن يشعرن بالعار لمجرد التفكير في الزواج من جديد.
لماذا يعتقد الأبناء، على وجه التحديد، أنها وصمة عار فاضحة، عندما تقع أمهاتهم في الحب مرة أخرى، بعد طلاقهن أو حتى بعد وفاة آبائهم؟
ما الخطأ فى ذلك؟ حتى الله لم يحرمه، ولا شيء يشير إلى أن المرأة التي تتزوج مرة أخرى هي عاهرة!
هل يتذكر أي منكم يا شباب أن والده أو والد شخص آخر، يهدد الأم بأخذ الأطفال بالقانون (أو حتى من دونه) إذا تزوجت مرة أخرى؟
نعلم بالفعل أن الإجابة عن هذا السؤال هي: نعم بالتأكيد.
ولسوء الحظ في بعض الأحيان، نجد أن المرأة تخضع خوفاً، وتختار بإرادتها قضاء حياتها وحيدةً حتى لا يؤخذ أطفالُها منها.
ولكن هل كان هذا موضع تقدير في أي وقت مضى؟ لا، إننا نعاملهن ببساطة كما لو كُنَّ يفعلن ما هو عادي.
أيضاً ليس عادياً أن يقوم "رجل غريب" بتربية الأطفال مع الأم، لكن ذلك يُنظر له باعتباره أمراً عادياً تماماً في حالة "زوجة الأب". أليس هذا صحيحاً؟!
لن نناقش الطريقة التي يقف بها القانون عادة ضدَّ النساء في هذه الحالات، لأن هذا خبر قديم ولا جدوى من مناقشته.
لكن في مسلسل تلفزيوني مصري حديث للغاية، على سبيل المثال، هناك مشهد يُثبت وجهة نظرنا؛ لأنه يحدث، يحدث في الواقع يومياً!
دعونا نتحدث عن الأسباب التي لأجلها يجب أن تتمتع النساء/الأمهات بحرية الزواج من جديد، دون أن يخجلن، ورغماً عن أي عار اجتماعي أو اعتراضات من الأبناء البالغين وتصرفاتهم الناقدة وغيرها من وسائل الرفض:
1- الأمهات بشر
لا ينبغي على المرأة، لمجرد أنها أمك، وأدت الظروف المؤسفة إلى طلاقها، قضاء بقية حياتها وحدها.
إن لها حقوقاً، وهي تحتاج إلى الحب، وتحتاج إلى شخص يعتني بها، وتحتاج إلى منزل وحياة مستقرة، مثلك تماماً، لأنها -خمِّن ماذا؟- هي إنسان أيضاً، وليست روبوتاً!
2- ستحظى أنت بحياتك الخاصة
حتى لو حاولت إقناع نفسك أنه بغضّ النظر عن المكان الذي ستأخذك إليه الحياة، فلن تتركها وراءك، آسف لإبلاغك بأنك سوف تتركها، هذه هي الحياة، لذلك لا تكن أنانياً.
إذا لم يكن لديك بالفعل حياتك المهنية وأصدقاء ومنزل، فسيكون لديك يوماً ما، والأهم من ذلك ستكون لديك أسرتك الخاصة لتعتني بها، ولن تظل أمك أولوية.
3- لأنها تستطيع!
سنقول هذا مليون مرة إذا توجب علينا: النساء، والأمهات خصوصاً، لا ينبغي أن يرضخن لقيود المجتمع، إذا أرادت أن تتزوج من جديد بعد طلاقها أو وفاة زوجها فعليها أن تفعل.
في عيد الأم الذي كلن قبل أيام وفي كل وقت، انظر حولك، اجلس واسترجع كلّ لحظة ربما تكون قد أوقفت فيها والدتك عن قصد أو حتى دون وعي عن فعل شيء تريده، لمجرد أنك تعتقد أنها خلقت لتكون أمك وفقط.
توقف عن التفكير في الناس وفي نفسك لمرة واحدة، واتَّخذ موقفاً. هذه هي أفضل هدية يمكن أن تقدمها لها.
-هذا الموضوع مترجم عن مجلة Identity المصرية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.