هل تتصوَّرون أنَّ الشخص الذي استُخدِمَت صورته في عددٍ لا يُحصى من الصور الساخرة أصيب بأذى نفسي شديد لدرجة أنه كاد ينتحر؟
إذ ظهر الشخص، الذي يُدعى عبد الرحمن الشهراني والذي كانت صورته مادةً خصبة للصور الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤخراً في برنامج "يا هلا" على قناة روتانا خليجية، وتحدَّث عن تجربته مع التنمر الشديد الذي دفعه إلى حافة الانتحار.
وتحدَّث عبد الرحمن في البرنامج عن تعرضه لكمٍّ هائل من التنمر على الإنترنت وفي حياته اليومية العادية.
إذ ذكر عبد الرحمن أنَّ العديد من الأشخاص كانوا يتابعون حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي للسخرية منه وإهانته بجميع الوسائل الممكنة.
لكنَّ الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، إذ قال عبد الرحمن أيضاً إنَّ بعض الأشخاص كانوا يسيرون وراءه في الشوارع ويسخرون منه ويُطلقون عليه ألقاباً ساخرة ويلتقطون صوراً له دون موافقته.
وبطبيعة الحال، نالت هذه القسوة الهائلة من عبد الرحمن، وأثَّرت فيه بشدة. لذا شعر بالاكتئاب لدرجة أنَّه فكَّر في الانتحار.
كيف بدأ كل ذلك؟
على مرِّ الشهرين الماضيين، كانت صورة عبد الرحمن واحدةً من أبرز الصور الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم العربي، لا سيما مصر.
وبسرعةٍ لم يسبق لها مثيل، انتشرت هذه الصور في جميع صفحات الصور الساخرة والحسابات المختلفة على موقع فيسبوك، مع "نكاتٍ" مختلفة مكتوبة عليها.
وأصبحت في الواقع أبرز صورة ساخرة في مصر لفترة من الوقت. وكانت "النكات" بأكملها تعتمد على مظهر عبد الرحمن في الصورة.
لكنَّ أحد الأشياء التي نسيها الناس حرفياً، ونحن من بينهم، أو لم يعترفوا بها هو أنَّ مَن في الصورة شخصٌ حقيقي، وأنَّها ليست مجرَّد صورة كوميدية ساخرة ولا شخصية ظهرت في أحد الأفلام.
فهو شخصٌ مثلنا تماماً رأينا وجهه يُستخدَم على أنَّه "مزحة" حرفياً في العديد من شبكات التواصل الاجتماعي! بل إنَّ وجهه رُكِّب كذلك على صورٍ أخرى لجعلها ساخرة.
من هو؟
اسمه عبد الرحمن الشهراني. وهو شابٌ سعودي عمره 20 عاماً، ومعروف أيضاً على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "ملك العزيزية".
ومنذ فترة، بدأ عبد الرحمن يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي كأيِّ شخصٍ منَّا لتوثيق اللحظات والأحداث الاجتماعية في حياته. وانتهى به المطاف إلى اكتساب قاعدة متابعين. ومع ذلك، فعندما بدأ في التعرض للتنمُّر عبر الإنترنت، توقَّف عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
جديرٌ بالذكر أنَّ عبد الرحمن مريضٌ يُعالَج من السرطان. وفي حديثه في برنامج "يا هلا"، ذكر أنَّ علاج السرطان أحدث تأثيراً دائماً في وجهه وشفتيه وأسنانه.
خطر الصور الساخرة
جميعنا نحب أن نضحك، وننشر صوراً ساخرة تُضحكنا بشدة. ونحن لا ندَّعي أنَّنا ملائكة، لأننا أيضاً نستخدم تلك الصور في مقالاتنا.
ولكن بينما تبدو الصور الساخرة مرحاً غير مُضِر، فإنَّها أيضاً لديها القدرة على السب والإهانة، والأهم من ذلك كله إضعاف مشاعرنا الإنسانية إلى الحدِّ الذي يجعلنا نتعامل مع كل شيء على أنَّه مادةٌ للصور الساخرة، بما في ذلك البشر.
لذا فقبل نشر أي صورة ساخرة، ستُحدث فارقاً كبيراً إذا أخذت ثانية من وقتك لتأمُّل الوضع قبل أن تضغط على زر المشاركة. فإذا كان ما ستنشره على حسابك قد يكون ضاراً أو مسيئاً بأي شكل من الأشكال، يمكنك التراجع عن نشره، وحياتك ستستمر كما هي.
لكنَّ حياة الشخص الذي ستُهاجمه بنشر هذه الصورة لن تظل كما هي. وقد تحدَّثنا عن ذلك مراتٍ عديدة من قبل، ونشرنا إحصاءات وحقائق، وسردنا قصصاً ونشرنا الوعي. لذا لا ينبغي أن نُفاجأ الآن حين نعرف أن كل كلمةٍ تخرج منَّا مهمة، وأنَّ ما نقوله أو نكتبه قد يؤثِّر بشدة في الآخرين إلى حدٍّ قاتل، أي أنَّ التنمر قاتل.
وفي النهاية، تذكَّروا أنَّ كلماتكم ونكاتكم والصور الساخرة التي تُنشرونها تُحدِث فارقاً، فاجعلوه فارقاً جيداً.
– هذا الموضوع مترجم عن مجلة Identity المصرية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.