تعلموا كيف يكون غزل المرأة ولو من الجاهلية!

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/20 الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/20 الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش
كثير من شبابنا في الوقت الحالي لا يرون في المرأة إلا كياناً جسدياً

 

تتبعتُ غزل العربي للمرأة في مختلف العصور، فما رأيت أسوأ من تلك المرحلة الحالية.

وربما كان الغزل في السابق نابعاً من عاطفة إنسانية ترى في المرأة الجانب المادي كما ترى فيها الجانب الروحي، فتارة يصف العربي في شعره عيون المرأة، وشعرها، وأردافها، وأسنانها، لكنه مع ذلك يصف مشيتها، وحسن معشرها، وثناء الجيران عليها وحبهم لها وهكذا..

والغزل هو الوسيلة التي من خلالها يستطيع الإنسان  إيصال عاطفته للمرأة كونه اللغة التي تبعث على السعادة، وكونه كذلك منبع المتناقضات الوجدانية إذ يعكس ما يتمتع به القلب من اشتياق ووصل وهجر ووعد ورحيل وفناء!

 وهناك الغزل القبيح الذي يثير الغرائز،  وهناك الغزل العفيف الذي يسمو بالروح، ومن قبلها يسمو بالغريزة فتتسع الهوة بين الإنسان وسائر البهائم.

  على أن الغزل العفيف قد انتشر وطغى حتى في عصور ما قبل الإسلام، ومن يقرأ الشعر الجاهلي يدرك ذلك!

 

ولكم من القصائد التي قيلت على ألسنة شعراء تربوا في عمق الصحراء تلهب القلوب، ونجد فيها من وقت لآخر في صخب هذه الحياة حناناً نأوي إليه.

وأذكر كم تأثرت عندما قرأت كتاب (الحب العذري عند العرب)،  وأدركت إلى أي مدى نحن بعيدون عن تقييم العربي التقييم الصحيح، فهو في صورتنا الذهنية ذلك الجلف البدوي الأرعن.. غير أن الحقيقة في تصوري غير ذلك تماماً، فلم أعلم أن الموت والجنون أصاب عشاقاً كما أصاب ذلك الجاهلي الجلف على ما في بيئته من جفاف كان الأصل أن ينعكس في ضعف خياله، وتمحور غريزته حول الجزء الظاهر من المرأة!

 ولم أعلم في التاريخ حالة مشابهة لحالة المرأة العربية البدوية الجاهلية الجفصة  التي كان ينحل جسدها وتذبل وترفض الأكل وتودع الحياة بسبب فراق الحبيب أو موته!

 في عصور صدر الإسلام غلب على الغزل العفة، ولقد قرأت عن الأصمعي أنه مر يوماً على دكان لبيع المأكولات، فرأى طيوراً مشوية، وفواكه زكية، يقوم على بيعها امرأة فاتنة الجمال، فأراد أن يغازلها فقال: (وفاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، وحور عِين كأمثال اللؤلؤ المكنون). فقالت على الفور: (جزاء بما كانوا يعمَلون).

 

وفي مصر قبل أقل من مئة عام إذا اقترب الرجل من المرأة مهما كانت متبرجة دون سابق معرفة فإن ذلك مما يستوجب عقابه، وإذا قال لها (بنسوار يا هانم) على قارعة الطريق عُد من المتحرشين الذين يأنف منهم المجتمع وتردعهم القوانين.

 أما كثير من شبابنا في الوقت الحالي فلا يرون في المرأة إلا كياناً جسدياً، في ظل حالة انفلات أخلاقي وتردٍّ قانوني، فأصبحوا أكثر خشونة وسوءاً في الألفاظ،  أو التعبيرات.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
سيد حمدي
كاتب وصحفي مصري
تحميل المزيد