ألمٌ لا بد منه أحياناً.. كيف للزوجين ترتيب حياتهما بعد الطلاق؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/18 الساعة 15:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/18 الساعة 15:14 بتوقيت غرينتش
الحياة بعد الطلاق

دخل عليّ الزوج مع زوجته وقالا إننا اتفقنا على الانفصال، وقد جئنا إليك لنرسم خريطة حياتنا بعد الطلاق، وقال لدينا من الأبناء أربعة أصغرهم 10 سنوات، وأكبرهم 20 سنة.

قلت: إن خريطة الحياة بعد الطلاق ينبغي أن تراعي جوانب كثيرة، فاستخرج الزوج ورقة ليكتب، والزوجة فتحت هاتفها لتسجل الملاحظات.

فقلت إن للطلاق والفراق ألماً، فلا بد أن تعطيا لنفسيكما وقتاً لتجاوز هذا الألم الذي يكون مصدره المشاعر المضطربة والمخاوف من المستقبل والتفكير في نفسية الأبناء بعد الطلاق، وهذا شعور طبيعي لا بد أن تتعاملا معه بحكمة ومهارة، وبعد هذه المرحلة عليكما اكتشاف أنفسكما من جديد؛ لأن نمط حياتكما سيتغير، فلا بد أن تهتما بصحتكما وتمارسا الرياضة أو تكملا تعليمكما، أو تشاركا ببرامج خدمة المجتمع، وتجددا علاقتكما مع أصدقائكما، أو تبحثا عن أصدقاء جُدد يدعمونكما في قراركما هذا، ولتكن علاقتكما بالله قوية فالله خير معين وهادٍ للإنسان وقت المحن والأزمات، فكثرة الصلاة والدعاء والذكر يساعدكما على تجاوز الهموم والغموم في هذه المرحلة.

وفي الغالب بعد الطلاق الحياة ستختلف والمسؤوليات ستزداد لأن كل واحد منكما صار وحده، فلا بد أن تتعلّما كيف تخططان لحياتكما وتنظمان وقتكما وتحددان أولوياتكما، وكلما كان بينكما تفاهم وتوزيع للمسؤوليات كلما شعرتما بالراحة أكثر، كما أن الضغوط تزداد عليكما من الناس كذلك، فالناس تحب أن تعرف كل شيء وتتدخل في تفاصيل حياة الآخرين، فلا بد أن تتفقا على جواب واحد تجيبان به على الناس عندما يسألونكما عن أسباب الطلاق، وأن يكون التفاهم بينكما على الأبناء، كالحضانة والسكن وتعليم الأبناء ومصاريف السائق والخادمة والسفر بالصيف والاشتراك بالأندية والبرامج وأوقات الرؤية ووضع جدول لزيارة الأبناء بينكما.

لأن الطلاق يكون له أثر سلبي على الأبناء، ولهذا لا بد من القيام ببعض الإجراءات لعلاج هذه الآثار التربوية مثل إعطاء الأطفال الكثير من الحنان، ومراقبة تصرفاتهم وسلوكهم بعد الطلاق، وحُسن الاستماع لهم والرد على تساؤلاتهم بخصوص قرار الطلاق، واستشارة الطبيب النفسي أو المستشار التربوي إن لزم الأمر، وإذا توترت العلاقة بين الوالدين فلابد أن تكون العلاقة بينكما من خلال وسيط من أجل استقرار الأبناء، وعدم تضررهم بالطلاق، وأفضل قرار تتخذانه بعد الطلاق أن تبتعدا عن القضاء والمحاكم قدر الإمكان، وحاولا علاج مشاكلكما بالطرق الودية حفاظاً على نفسيتكما ونفسية أبنائكما، وأن تقوما بعلاقة صداقة مع أبنائكما، فتلعبان معهم وتخرجان للنزهات والمطاعم والالتزام وتشجيع زيارة الأعمام والأخوال والأجداد، والسماح بمبيت الابن مع الطرف الآخر حتى وإن كان قد تزوج وأسس حياة جديدة.

فهذه أهم معالم خريطة الطريق بعد الطلاق لتستمرا في حياتكما بسعادة، فسكتُ وتحدثَ الزوج قائلاً: ونحن فكرنا في أكثر هذه النقاط ولكن لم نفكر في التنسيق على الأبناء وقت الإجازات والصيف، وكذلك كيف تكون العلاقة في حالة لو تزوج أحدنا وبدأ حياة جديدة، وقالت الزوجة وهل نفاتح أبناءنا في الطلاق؟ قلت: طالما أنكما درستما كل الاحتمالات لإنقاذ زواجكما، وكان خيار الطلاق هو أفضل حل، فجوابي هو نعم، لا بد أن تخبراهم بهذا القرار، وانتهى اللقاء بعد كتابة خريطة الطريق بعد الطلاق.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
جاسم المطوع
دكتور تربوي ومستشار في الشئون الأسرية
تحميل المزيد