هند رستم.. «وقفات ومواقف»

عدد القراءات
7,917
عربي بوست
تم النشر: 2019/02/09 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/09 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
من اليمين: فاتن حمامة، هند رستم

هند رستم كانت فنانة رائعة وعظيمة، وقدمت أدواراً خالدة في تاريخ السينما المصرية.. وغيره من الكلام الذي يمكن أن يقال عن أي فنان أو شخصية لمجرد أنها عاشت في الزمن القديم.

اشتهرت بلقب "مارلين مونرو الشرق"، لأن المصريين وقتها لم يعرفوا عن الشعر الأصفر سوى مارلين، مع أن الأقرب إلى هند رستم في كل شيء هي الممثلة الأمريكية "ريتا هيوارث"، فهما لا تتشابهان في الملامح فقط، لكن في كل شيء، سواء في طريقة الكلام أو الشغب أو الدلع، حتى في الرقصة إذا رقصا، وأقرب مثال على ذلك، الرقصة الشهيرة لهند رستم في فيلم "صراع على النيل" ورقصة ريتا هيوارث في فيلمها الشهير "جيلدا"، واللتان تشعرانك بأنهما بالفعل توءمان؛ واحدة تعيش في مصر، والأخرى تعيش في هوليوود.

أما مارلين مونرو، فهي أبعد ما يكون عن هند رستم؛ فالأولى كانت ضعيفة، ساذجة، مكسورة الجناح في كل أفلامها، حتى في حياتها الشخصية. أما الثانية، فقدمت أدوار "بنت البلد"، وكانت مشهورة بقوة الشخصية والذكاء، سواء في أعمالها أو حياتها، مثلها مثل "ريتا" التى عرفت أيضاً بجبروتها وقوتها.

جرأتها وقوتها

ولهند رستم قصص كثيرة في بداياتها الفنية، منها ما رواها الناقد والكاتب الصحفي محمود معروف، في كتابه "روائع النجوم"، ففي أثناء وقوف هند مع مجموعة من البنات في أثناء تصوير فيلم للمخرج حسن الإمام، حدثت مشادة بينها وبين مساعد المخرج وقتها عاطف سالم، بسبب ضحكها بصوت عال، فقال لها: "إيه قلة الأدب دي"، لكنها لم تسكت، رغم أنها كانت مجرد كومبارس، فردّت عليه: "أهو أنت اللي قليل الأدب، إحنا ولاد ناس مش جايين من الشارع"، وكان هذا الموقف سبباً في إعجاب المخرج حسن رضا بها، الذي حياها على ما فعلته، والذي أصبح زوجها فيما بعد وأنجب منها ابنتها الوحيدة "بسنت". 

يحكى أيضاً الكاتب في موضع آخر حكاية أخرى تكشف عن قوتها، عندما بصقت على وجه أحد العاملين بالوسط الفني اسمه محمد زكي، حاول أن يستخف ظله معها، إلا أنه لم يسكت، فحاول التحرش بها في مبنى نقابة الممثلين، فخلعت الحذاء وضربته على وجهه، ثم فر منها هارباً.

هي وعباس العقاد

وهذه الفنانة الجميلة استثنائية في كل شيء، لدرجة أن عباس العقاد، أهم مفكر في التاريخ العربي، طلب مقابلتها كي يجري حواراً معها، ليكون حواراً استثنائياً بين أهم مفكر وفنانة مثل هند رستم، نشرته مجلة "آخر ساعة" عام 1962.

ولأنها هند رستم، وقف عباس العقاد ينتظرها أمام باب شقته، وعندما جاءت قال لها: "لقد التقى الهلال مع النجوم"، ثم وصفها في أثناء الحوار بأنها "ملكة التعبير"، وأخبرها بأنها نجمته المفضلة.

هي وفاتن حمامة

لم تحب فاتن حمامة لحظة واحدة، وفى أغلب حواراتها الصحفية كانت تسيء إليها، ففى حوار لها أجرته مع مجلة "الجيل" عام 1998، أعربت هند عن غضبها من اختيار فاتن حمامة كأحسن ممثلة مصرية في القرن العشرين، وقالت إنها لا تستحق لقب سيدة الشاشة العربية، وإنها حصلت عليه بمحض الصدفة، وبررت ذلك بأن فاتن حمامة لم تكن فنانة شاملة تقدم كل الأدوار، وأنها انحصرت فقط في شكل ولون معين لم تخرج عنه.

لم تقف هند رستم عند هذا الحد، بل قالت إنها ليست أقل من فاتن حمامة، وتتحداها أن تقوم بأدوارها نفسها التي قامت هي بها.

أما عن سبب اعتزال هند رستم عام 1979 وهي في قمة النجومية، فيمكن أن نقول إن السبب هو فاتن حمامة، لكن بشكل غير مباشر؛ فعندما تلقت هند عرضاً للقيام ببطولة مسلسل من إنتاج التليفزيون المصري، طلبت مبلغ 5 آلاف دولار عند توقيع العقد، و7 آلاف جنيه في الحلقة الواحدة، إلا أن المنتج طلب منها أن تخفض أجرها إلى 4 آلاف أسوة بفاتن حمامة، لكنها أصرت، فرفض المنتج، واعتزلت بعدها هند رستم، في قرار مفاجئ هز كل الأوساط الفنية وقتها، لتتفرغ لبيتها وزوجها الأخير الدكتور محمد فياض، ولم تظهر في أي عمل فني بعد ذلك، وقالت فيما بعد في حوارات صحفية، إنها كانت تود أن تهاجر من مصر بلا رجعة بسبب فاتن حمامة، وإنها قررت أن تتفرغ لزوجها الدكتور، لأنه في رأيها يحتاج السيدة ناريمان حسين مراد رستم، وليست الفنانة الشهيرة التي يعرفها الناس بـ "هند رستم"، التي تقضى طوال الوقت في بلاتوهات التصوير.

وكان هذا الزوج سبباً رئيساً في تغيير أفكارها ومبادئها، فبعد أن كانت تقدم أدوار الإغراء بمعلَمة لا ينافسها أحد فيها، رفضت أن تشارك عبد الحليم حافظ في فيلمه "أبي فوق الشجرة" نظراً إلى وجود بعض المشاهد الساخنة، وغضب منها العندليب وقتها، وقالت فيما بعد إنها كانت تحترم زوجها وبنتها التي كبرت في السن والتي لا يجوز أن ترى أمها في وضع مثل ذلك.

وماتت هند في 8 أغسطس/آب 2011، عن عمر ناهز 82 عاماً، وحتى في آخر أيامها عندما ظهرت مع الإعلامي محمود سعد، كانت شديدة الجمال، ولم تجنِ الشيخوخة منها شيئاً، فشعرها الذهبي كان كما هو، وتجاعيد وجهها  كانت تحكي فصولاً عن شموخها وكبريائها وذكرياتها.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمد محمود ثابت
صحفي مهتم بالسينما
تحميل المزيد