تصنع انتخابات أبريل المقبل حدثاً مميزاً في الساحة السياسية والإعلامية الجزائرية، خاصة أن رأس النظام في الجزائر لم يشهد تغيراً طيلة العشرين سنة الماضية الأمر الذي فتح شهية كل طامح لاعتلاء كرسي المرادية نحو إعلان نيته للترشح .
إلا أن الجدل الكبير الذي اكتنف المشهد الإعلامي والسياسي مؤخراً حول ترشح عبدالعزيز بوتفليقة من عدمه قد تلاشت ملامحه مع صدور البيان الأخير والذي تم من خلاله دعوة بوتفليقة للترشح لعهدة خامسة من طرف أحزاب التحالف الرئاسي الممثلة في حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، بالإضافة الى حزب تجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الوطنية . كما أنه تم إصدار بيان آخر من طرف أغلبية المجموعات البرلمانية المكونة لمجلس الأمة والممثلة في (الثلث الرئاسي، حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) والتي ناشدت عبد العزيز بوتفليقة للترشح ودعوة المواطنين للمشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح العهدة الخامسة وتجدر الإشارة هنا أن البيان الأول الثاني أُستبقا بمرحلة تمهيدية تمثلت في مجموع الأحداث السياسية والاجتماعية الأخيرة المتعلقة بسلسلة تدشين مرافق عمومية وتوزيع السكنات الاجتماعية وتزامنها مع قرب الموعد الانتخابي و إقالة بعض الولاة كاستجابة للمطالب الشعبية وظهور الرئيس بعد غياب كبير عن الساحة الإعلامية بالإضافة إلى تصريح العديد من الجهات باستمرارية بقاء النظام الحالي على غرار خطاب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السابق جمال ولد عباس وتأكيد على فكرة البقاء في السلطة وأن الرئيس هو المرشح الوحيد للافلان (FLN) والخطاب الأخير لأحمد أويحيى رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي و المنادي بترشح بوتفليقة. إلا أن السؤال المطروح هنا هل سيقبل بوتفليقة بالترشح فعلا .. ؟ خاصة في ظل المعطيات التي تشير إلى تأزم صحتة وغيابه التام عن الساحة الإعلامية وعدم حضوره لجنازة مراد مدلسي رئيس المجلس الدستوري أو الوزير المنتدب للدفاع الأسبق عبد المالك قنايزية الذين وافتهم المنية قبل أيام، بالإضافة إلى ماهي مصلحة النظام الجزائري و لماذا استغرقت أحزاب الموالاة كل هذا الوقت لترشيح بوتفليقة؟ في حين أن النظام السياسي يمتلك جميع الأدوات لترشيح بوتفليقة أم أنها مجرد لعبة سياسية داخل العلبة السوداء للنظام كما يسميها دافيد ايستون بغية تجديد ثقة الشعب بالنظام وبالتالي ضمان بقاء واستمرارية النظام الحالي!؟
في هذا الصدد تشير العديد من المعطيات والتحاليل أن الوصول إلى قصر المرادية ليس بالسهولة التي تسوق للعيان خصوصا وأن هناك تجاذبات وصراعات داخل مؤسسات النظام السياسي خاصة بين جناح المؤسسة العسكرية الممثلة في شخص القايد الصالح والرئاسة الممثلة في أخ ومستشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ففي حال عدم قبول بوتفليقة لنداء أحزاب الموالاة المنادية بترشحه، مع أنه إحتمال بعيد المنال فإن فترة المخاض التي يمر بها النظام السياسي الحالي ستفضي في نهاية المطاف إلى تقديم مرشح توافقي للنظام الجزائري والذي سيكون حسب اعتقادنا إما الوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون أو الوزير السابق للطاقة شكيب خليل خاصة وأن شخصية مثل عبد المجيد تبون صنعت الحدث إثر توليه لمنصب الوزير الأول و قيامه بخطاب شرس ضد رجال الفساد و المال في الجزائر والشروع نحو إصلاحات تفصل ما بين عالم المال والسياسية لأنها في نظره هي مصدر الفساد الأمر الذي أكسبه شرعية أكبر لدى الأوساط الشعبية لكن منهجه وأدواته في التغيير وإعلان حربه ضد عصابات المال والعقار في الجزائر كانت سببا في إقالتة من منصبه وتعويضه ب أحمد أويحي . لكن هذه الأحداث وتتابعها صنعت اسما ثقيلا لعبد المجيد تبون كما أن تقاسمه لنفس الموقف مع القايد الصالح والمتعلق بضرورة مكافحة الفساد خصوصا بعد حادثة الكوكايين وجملة التغييرات التي نجمت عنها في المجال السياسي والعسكري جعلت من اسم عبد المجيد تبون لصيق ومحسوب على شخص القايد صالح و هو الأمر الذي يُحسب في صالحه و يعزز من إمكانية تقديمه كمرشح توافقي للنظام في حال لم يترشح بوتفليقة . أما بخصوص وزير الطاقة السابق شكيب خليل ورغم أن اسمه أقل حضورا من تبون إلا أن شكيب خليل ومكانته العلمية والعملية خصوصا أن اسمه ارتبط بحجم الرفاه الاقتصادي في الجزائر وحجم العلاقات التي استطاع أن ينسجها مع المؤسسات الدولية والإقليمية إثر توليه لمناصب حساسة ذات علاقة بقطاع الطاقة على المستوى الدولي الوطني بالإضافة أنه من بين المقربين لجناح الرئاسة وهو الأمر الذي سهل من رجوعه إلى الجزائر بعد فضيحة القرن التي أٌتهم فيها باختلاس مبالغ طائلة من الأموال أثناء توليه لمنصب وزير الطاقة و بهذا فإن رجوع شكيب خليل ووقوف جناح الرئاسة خاصة بعد عملية تبييض اسمه إثر قيامه بالعديد من الزيارات إلى الزوايا الدينية ومباركة شيوخ له تعتبر من أهم المؤشرات التي ترجح ورود إسم شكيب خليل كخليفة لبوتفليقة في حال عدم قبول ترشيحه .
لكن في خضم هذا الطرح نتساءل عن مكانة الأحزاب السياسية في سباق رئاسيات أفريل 2019.
الأحزاب السياسية إلى أين؟وهل المرشح التوافقي ينهي أزمة الجزائر ؟
في هذا الصدد ونحو سعي الأحزاب السياسية في الجزائر لاعتلاء كرسي المرادية والحصول على الصلاحيات الإمبراطورية التي يتمتع بها شخص الرئيس وعدم إتفاق المعارضة على تقديم مرشح توافقي وفشل حركة مواطنة المناهضة لفكرة العهدة الخامسة في إقناع الأحزاب المعارضة للالتفاف حول مرشح توافقي خوفا من تشتت الأصوات وبالتالي فوز مرشح النظام ، تعد من بين أهم الأسباب التي دفعت بعض الأحزاب على اختلاف وزنها وحجمها في الساحة السياسية إلى الدفع بمرشحها إلى خوض غمار استحقاقات أفريل 2019 فحسب البيان الصادر يوم 02-02-2019 عن وزارة الداخلية الجزائرية بلغ عدد الأشخاص الذين أعربوا عن نية ترشحهم لرئاسيات 2019 حدود 181 شخص من بينهم 14 حزب مرشح و 167 مترشح حر.
خمس أحزاب منها شاركت سابقا في استحقاقات رئاسية على شاكلة علي بن فليس المرشح عن حزب طلائع الحريات وعبد الرزاق مقري عن حركة مجتمع السلم ولويزة حنون عن حزب العمال وعبد العزيز بلعيد كمرشح لحزب المستقل وعلي فوزي رباعين عن حزب عهد 54. في حين أعتبرت الأحزاب الأخرى وجها جديدا على استحقاقات أفريل المقبل على غرار حزب النصر الوطني في ممثله عدول محفوظ و أحمد قوراية عن جبهة العدالة والديمقراطية من أجل المواطنة و زغدود علي تجمع الجزائر وفتحي غراس عن حركة الديمقراطية الاشتراكية وعمار بوعشة عن حركة الانفتاح و محمد الهادف عن الحركة الوطنية للأمل وسليم خالفة عن حزب الشباب الديمقراطي وبن قرينة عبد القادر عن حركة البناء الوطني و بلهادي عيسى عن جبهة الحكم الراشد.
في حين أدلت الأحزاب الكبرى على شاكلة جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي و تجمع أمل الجزائر عن ترشيحها و تجديد ثقتها بالرئيس الحالي والقبول بعهدة خامسة. إلا أن حركة مجتمع السلم باعتبارها أكبر الأحزاب السياسية في الجزائر أعلنت عن تقديم مرشحها عبد الرزاق مقري عبر البيان الختامي للدورة العادية الخاصة بالحركة في 26 يناير ، حيث أفاد مرشح الحركة على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي أنه في حال انتخابه من طرف الشعب فإن أولى اهتمامه و مشروعه سيكون في وضع إطار توافقي وطني يجمع الجزائريين والطبقة السياسية حول رؤية سياسية واقتصادية تخرج البلد من الأزمة، كما أن مشاركته في هذه الانتخابات جاءت في خضم مسعى كل حزب للوصول للسلطة رغبة في الإصلاح والتغيير وأنها ليست مرتبطة بأي ضمانات تتعلق بالنزاهة لان نزاهة الانتخابات تبقى موضوع كفاح ونضال، كما أعتبر في ذات المصدر أن العهدة الخامسة فخ يُراد به تحييد وتجميد الأحزاب السياسية في هذا الاستحقاق وإخلاء الساحة أمام جهات معينة فقط، ولا يعقل أن نربط مصيرنا بالوهم وبشيء غير واضح ولا يعلمه أحد بما فيه أقرب المقربين من بوتفليقة. كما يرى مقري أن الشعب هو مصدر السلطة لذا فإن مسؤولية التمييز بين البرامج والرجال تقع على عاتقه وحده دون غيره. وفي جانب آخر عبر عبد الرزاق مقري أن حركة مجتمع السلم غير منخرطة في أي جناح من الأجنحة، لأن هذا النوع من الصراعات مُهدد للبلد و العملية الديمقراطية على حد سواء، ومن يريد أن يصل إلى الحكم عليه تشكيل حزب سياسي أو أن يساند حزبا ما،وأن مايقع على عاتق الجيش هو حماية ما يتفق عليه السياسيون والالتزام بالحياد الذي يؤمن سير الانتخابات في جو من الديمقراطية . لكن يبقى الجزء الأخير مما أشار عبد الرزاق مقري بمثابة رد على جملة الاتهامات الموجه له إثر التقائه بأخ الرئيس سعيد بوتفليقة[1] والذي أعتبر سريا في وسائل الإعلام وخصوصا الفرنسية بالإضافة إلى تفنيد أن هذه اللقاءات كانت تُعبر عن وجود صفقة بينه وبين أخ الرئيس ومستشاره سعيد بوتفليقة و التي كان هدفها عودة حمس إلى أحضان السلطة خاصة وأن مقري يتعرض لضغط من داخل حزبه للعودة إلى السلطة والتي تعطي يمكن أن تكلل بمكاسب سياسية ومادية للكثير من قياداتها حسب ما عبر عنه رابح لونيسي. (www.sabqpress.net ). لنتساءل في الاخير ماهي حظوظ حركة مجتمع السلم في حال ترشح بوتفليقة ؟ خاصة وأن بعض الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي مثل حزب تجمع أمل الجزائر الممثل في عمار غول وحركة الإصلاح الوطني فضلت موالاة بوتفليقة على حساب مقري .
ومن جهة أخرى تبقى مسألة تقديم مرشح لرئاسيات 2019 خاصة على مستوى بعض الأحزاب الصغيرة و المجهرية لا يتعدى حيز الحفاظ على قاعدتها الانتخابية وتطلعات مناضليها ورغبة منها لإثبات حضورها واكتساب التجربة تمهيدا لاستحقاقات رئاسية أخرى في المستقبل. في حين أن البعض الآخر منها بما فيها الأحزاب الكبرى يسعى إلى إضفاء المشهد الديمقراطي على العملية السياسية إما سعيا للوصول الحقيقي للسلطة عبر دخول المعترك السياسي دون ضمانات من السلطة الحالية أو من خلال الدخول في صفقات موالية للنظام الحالي وطمعه في الحصول على مكتسبات و امتيازات سياسية لحزبه و مناضليه في حال نجاح مرشح النظام في الانتخابات.
لنصل في آخر المطاف أن هذه الممارسات العلنية وغير علنية أدت إلى ضعف العمل الحزبي في الجزائر نتيجة ارتباط ظهوره بالمناسبات الانتخابية و انعدام الممارسة الديمقراطية داخل حيز الأحزاب السياسية وتطبيق فكرة التداول إثر الممارسات الأبوية لبعض قيادي الأحزاب السياسية وهو ما أنتج لنا نفس الوجوه ونفس الخطابات الديماغوجية التي تتشابه في أطروحاتها و أولوياتها المٌنادية بالتغيير و الإصلاح والاهتمام بالشباب ومسألة الحرقة عند الشباب كل هذا إلى فقدان الثقة بمشروعية الأحزاب ودورها في الحياة السياسية و تشكل ذهنية لدى الفرد الجزائري مفادها أن معظم الأحزاب السياسية ما هي إلا أداة لخدمة مصالحها الشخصية .
هذا المشهد العام للأحزاب السياسية في الجزائر أدى بالعديد من الشخصيات المعروفة وغير المعروفة إلى الأخذ بفكرة " المترشح الحر" كإطار بديل للولوج وممارسة العمل السياسي بُغية الوصول إلى السلطة خاصة وأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اتخذ من نفس الإطار منبرا له للتعبير عن توافقه مع جميع التيارات السياسية المتواجدة في انتخابات 1999 وهو ما شكل صورة نمطية وأداة جديدة للطامحين في الوصول إلى قصر المرادية و هذا ما ترجمه العدد الكبير للمترشحين الأحرار في هذه الرئاسيات والذي بلغ 167 مترشح، في حين يبقى الأمر الملفت للانتباه في هذه الترشحات هو حجم البهرجة السياسية التي أقدم عليها العديد من المترشحين خلال تقديمهم لبرامجهم وأسباب ترشحهم والتي يمكن أن يستغلها النظام في الترويج لمرشحه . إلا أنه من جهة أخرى خرجت أسماء ثقيلة صنعت الحدث السياسي والإعلامي للانتخابات الرئاسية على شاكلة الجنرال المتقاعد علي لغديري و رشيد نكاز الذي أعلن ترشحه الحر نتيجة عدم حصول حزبه على اعتماد من السلطة وكذا فشل المعارضة في الوصول إلى مرشح توافقي خاصة وأنه كان من بين المؤيدين لهذه الفكرة. ومن جهة أخرى كوسيلة لتسويق أفكاره وبرامجه الموجهة إلى خدمة الشباب على اعتبار أنها النسبة الأكبر في الشارع الجزائري وهذا بتأكيده على مكانة الشباب والحد من ظاهرة الهجرة غير شرعية نحو أوروبا وتأكيده على تجسيد مشروع متكامل قادر على أن يحقق الإصلاح الفعلي للبلد. إلا أن إمكانياته للوصول للسلطة خاصة و أنه واجه عراقيل أثناء ترشحه للانتخابات الرئاسية السابقة تطرح تساؤلات عديدة حول تقبل مؤسسة النظام والشعب لشخص قضى نصف عمره في فرنس إضافة وجود اسم ثقيل في الساحة السياسية الحالية والمتمثلة في شخص الجنرال المتقاعد علي لغديري والذي اشتغل ما يقارب عن 42 سنة في صفوف المؤسسة العسكرية 15 سنة منها كمدير مركزي للموارد البشرية التابعة للجيش الوطني الشعبي في الجزائر مع أن إعلان ترشحه في هذا الوقت ومن يقف وراءه طرحت العديد من التساؤلات عن شخصية علي لغديري .
في خضم هذا الطرح تُطرح ثلاث سيناريوهات، الأول منها منبثق من تصريحات الجنرال السابق علي غديري والذي عبر من خلالها أنه مرشح حر يعبر عن إرادته الشخصية ولا يجسد ترشحه ولاءً لأحد بل إن الشعب هو البطاقة الوحيدة التي يراهن عليها للفوز بالانتخابات في حين أن الخطوط العريضة لبرنامجه تضع في أولوياتها دعم عملية و تصحيح المسار الديمقراطي والتنموي في البلد وهذا من خلال محاربة الفساد السياسي بالإضافة إلى إضفاء المزيد من الشفافية في معالجة القضايا الأساسية في البلد وتوسيع مجال الحريات السياسية والممارسة الديمقراطية .
في حين أن يشير السيناريو الثاني إلى أن علي غديري هو مرشح جهاز المخابرات السابق خاصة في ظل التساؤل الكبير عن مصدر الجرأة والقوة التي يتحدى بها النظام الحالي وبقوله (يا أنا يا هو ) وانه لا يخاف من أحد و لا من ترشح الرئيس بوتفليقة أو عملية التزوير في الانتخابات لأنه في آخر المطاف لم يدخل هذه الانتخابات للخسارة بل جاء ليفوز باستحقاقات أفريل المقبل ، بالاضافة الى وقوف رجل الأعمال ربراب المحسوب على الجنرال توفيق مع علي لغديري ومنحه فيلا للقيام بحملته و التفاف العديد من الشخصيات حوله و الرد العنيف من طرف القايد صالح على تصريحات علي لغديري يعزز من مصداقية هذا السيناريو القائل أن شخص لغديري هو ظل و يد جنرال توفيق رئيس جهاز المخابرات السابق ، حيث يسعى هذا الأخير إلى استرجاع النفوذ والسلطة التي سلبت منه بعد عملية إقالته سنة 2015 ، في حين أن السيناريو الأخير يفترض أن علي غديري هو الرجل التوافقي للنظام وأن ما يُصاغ من معارضة وتهويل إعلامي ضده من طرف مؤسسة الجيش أو أطراف آخرين هو مجرد تمويه القصد منه تسليط الضوء على شخصية لغديري وإبرازها إعلاميا في وقت قصير خاصة وأنه غير معروف لدى الشعب الجزائري ومحاولة إظهاره في شكل المعارض السياسي الشرس والمنقذ للدولة الجزائرية لهذا ما يمكن قوله هنا إذا كان علي لغديري هو مرشح النظام فهذا لا يعني أن النظام لن يقدم مرشحا بل سيقدم مرشحا يضمن فوز علي لغديري ولو كان الرئيس الحالي بوتفليقة من أجل زيادة نسبة مشاركة الهيئة الناخبة في استحقاقات أفريل 2019 لتبدو صورة الانتخابات أكثر تنافسية وبعيدة عن الروتين الانتخابي المعهود .
الانتخابات الرئاسية و التجاذب الدولي
لا يمكن الحديث عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية بمنأى عن محيطها الدولي، خاصة وأن جغرافية و إستراتجية موقع الجزائر يجعلها نقطة تدافع المصالح الغربية والدولية بالإضافة أن طبيعة علاقاتها السياسية والاقتصادية بداية من الاستقلال مكنتها أن تكون فاعلا أساسيا في المنطقة فاستقرارها اليوم يعني استقرار دول المنطقة وخاصة دول جنوب المتوسط. في هذا الصدد تشير بعض المعلومات على أن دولا كبرى تجري مباحثات مع عدة مرشحين على غرار ما أشار إليه (نيكولاس.ب) في صحيفة موند دافريك (mondafrique) الفرنسية [2] عندما أفاد أن المرشح الحر علي غدير و رئيس الوزراء عبد المالك سلال جمعهم لقاء سري مع أجهزة الأمن الأمريكية في فرنسا داخل أسوار سفارة الولايات المتحدة الأمريكية وفي السياق نفسه قام السفير الأمريكي بالجزائر بإجراء لقاء مع عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم في الجزائر من أجل تقييم الوضع القائم في انتخابات بالإضافة إلى استقبال سفير المملكة المتحدة البريطانية باري روبرت لوين من أجل التباحث في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والدولية .
كما قام المرشح السابق لحزب طلائع الحريات علي بن فليس بلقاء مع السفير الأمريكي في الجزائر حيث أشار البيان الصادر عن الحزب أن المباحثات لم تتعد الحديث عن الوضع القائم وآفاق شراكة اقتصادية جزائرية أمريكية طويلة الأجل قائمة على أسس المصلحة المشتركة ، في نفس السياق وحسب بيان صادر يوم 28 يناير 2019 اجتمع علي بن فليس مع سفير المملكة المتحدة في الجزائر لمناقشة ضبابية المشهد السياسي الذي يعتري انتخابات أفريل 2019 وشرح الخطوط العريضة لبرنامج حزبه وآفاق التعاون المستقبلي بين المملكة المتحدة والجزائر ، ومن جملة التصريحات فان الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى ربط علاقاتها مع مجموع الأحزاب والشخصيات الثقيلة في الساحة السياسية الجزائرية بغية ضمان مصالحها و الحفاظ على مكتسباتها الاقتصادية خاصة وان العديد من الشركات البترولية التابعة لها مازلت تشتغل في الجزائر .
وبخصوص فرنسا وبالرغم من تخبط نظامها في العديد من المشاكل الاجتماعية خصوصا بعد الحركة الاحتجاجية الأخيرة فهي لم تهمل دورها الإقليمي في المنطقة وخصوصا الجزائر لهذا فان استحقاقات 2019 تعتبر حدثا مهما مرتبط بمستقبل المصالح الفرنسية في الجزائر ، لهذا فان مستشار الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي السيد دحمان عبد الرحمان صرح أن فرنسا لن تتخلى عن بوتفليقة في إشارة منه أن مصالح حكومة ماكرون مرتبطة ببقاء النظام القائم وفي السياق نفسه أشار الديبلوماسي السابق محمد عربي زيتوت[3] أن سعيد بوتفليقة توجه إلى فرنسا من أجل جس نبض الموقف الفرنسي الغامض أتجاه الانتخابات الرئاسية القادمة في الجزائر.
وأخيرا وفي خضم هذا التجاذب المحلي والدولي الكبير لاستحقاقات أفريل 2019 وضبابية المشهد السياسي وبناء على جملة السيناريوهات الثلاث المقدمة حول شخصية لغديري والفرص التي أتيحت له لإبراز ثقل اسمه بين المرشحين نتيجة تأخر النظام في إعلان مرشحه بوتفليقة بالاضافة الى تفرق المعارضة وتشتت أحزاب التيار الإسلامي بين معارض وموالي فإن مسار استحقاقات أفريل يبدوا محسوما إما للرئيس الحالي بوتفليقة أو لصالح علي لغديري وبذلك ستكون نهائيات هذا التنافس محسومة بالجملة الشهيرة التي قالها لغديري في بداية حملته ( يا أنا يا هذا النظام ) [4].
[2] – mondafrique.com/la-rencontre-secrete-entre-le-general-ali-ghediri-et-les-americains/
[3] – https://www.youtube.com/watch?v=mdC0mzHbMDY&t=1795s
[4] – https://www.youtube.com/watch?v=8HHpvDzQc8M .
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.