لمن يجرؤ فقط.. نحن أمهات سيئات!

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/06 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/06 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش
"نحن أمهات سيئات"

الساعة قاربت السادسة.. أقوم بإغلاق المنبه ثم أعاود النوم مرة أخرى، فأستيقظ مسرعةً وقد أصبحت السادسة والنصف.. أتناول كوب النسكافيه الملون ببعض اللبن، لأستطيع التعامل مع الكثير من الأوضاع الهزلية اليومية كتحضير ولديَّ للذهاب إلى الحضانة، ثم الركض في الشارع للحاق بموعد عملي.

لا أتذكر أنني أنام في موعد معين، بل أسقط فاقدةً الوعي، لأتأكد فقط أن توءمي ينامان بجانبي، استعداداً ليوم مشحون آخر.. بين هاتين الغفلتين الكثير من النجاحات والسقطات.. أذهب يومياً إلى الجيم، وأحاول تحضير وجبة متكاملة للتوءم، ولكن أحياناً لا أستطيع الموازنة..

أتذكر عندما تغلبت على معركة التخلص من البامبرز فأفخر بنفسي، لكن من ناحية أخرى، أتذكر أنني تأخرت في هذا القرار. أبتسم عندما أرى عبثهما بجميع حوائط البيت حين أرادا إمساك الإلوان أول مرة، ولكن لا تخلو ذاكرتي من عتاب أحد أقاربي أو معارفي عن تسيُّبي باعتباري أماً لهذه الدرجة!

أتذكر كل مرة يمرض فيها أحدهما، فينقل العدوى إلى الآخر؛ فأُلام بشكل مباشر لأنني كنت السبب في مرض الصغيرين، فكان يجب أن أكون أكثر حرصاً.

أصرف الكثير في ألعاب الابتكار والمونتسوري، وينتهي اليوم بحزني، نتيجة اتهام أخصائي التخاطب الخاص بهما لي بالتقصير.

رغم اتفاقنا على عدم استعمال الضرب، فإنني أحياناً أفقد أعصابي.. أحياناً أوفّر وقت نومهما لي وحدي، فأجلس بغرفة المعيشة أشاهد مسلسلاً أو فيلماً دون الاكتراث بمدى جودته، بل فقط احتفالاً بهذه اللحظات النادرة..

تأتي تلك اللحظة لأواجه نفسي وأنظر إليها وأنا متسائلةً: هل حقاً أنا أُمٌّ سيئة؟!

الكاتبة مع أطفالها
الكاتبة مع أطفالها

نعم، بالتأكيد أنا أُمٌّ سيئة، ولكني لا أرغب في المثالية، فأنا أريد أن ألهو مع ولديَّ دون الاكتراث بصناعة المجد.. على الأقل في هذه المرحلة العمرية.

كنت أعتقد أن من يشبهنني قليلات، حتى سألت "الستات الحلوات" مَن منهن أُمٌّ سيئة، لأفاجأ بالردود والحكايات..

بيري، تلك الفتاة العشرينية التي تزوجت وأنجبت طفلتها في غمضة من الزمن، بالنسبة لها. كانت في البداية لا تعمل، ثم أصبحت موظفة، ولديها طفلة تبلغ من العمر عامين، كان مسوغها أن ابنتها طوال الوقت مريضة، وذلك لأنها ضعيفة وتشعر بأنها أُمٌّ سيئة حين يلومها الناس بإهمال البنت، ولكنها بالتأكيد ليس لها يد في ذلك.

أما بالنسبة لها، فتقول: "أنا بالتأكيد أُمٌّ سيئة، وهذا الشعور ينتابني حين تصعب عليَّ مشاركة ابنتي اللعب، فهو أمر خارج إرادتي، فرغم ارتباطها بي، فإني فعلاً لا أعرف كيف أتقاسم وقتي معها، ومعظم الوقت أجلس بجانبها: هي تلعب بألعابها، وأنا أقوم بتصفح الإنترنت".

أما رضوى، فهي أُمٌّ قاربت بداية الثلاثين، ولديها ابنة قاربت السنوات الأربع، فهي تجد نفسها سيئةً، لأن ابنتها مرتبطة بها أكثر من اللازم، فيتقاسمان معاً كل شيء منذ بداية اليوم وحتى نهايته.

رضوى تعمل من المنزل free lancer، ووقت عملها لا يتجاوز 3 ساعات يومياً، وهذا هو سبب إحساسها بأنها أُمٌّ سيئة، فتقول: "في ذلك الوقت، تشعر ابنتي بالملل والغضب، فتمسك بالتليفون لتشاهد فيلم كرتون، أو تنام من الملل، وهنا أشعر بتأنيب الضمير؛ فأنا لا أريد رؤيتها غاضبةً، وفي الوقت نفسه، هذا هو كياني الذي يُبقيني سعيدةً. أما لحظاتي التي أسرقها، فتكون غالباً في موعد نومها، وتتمثل في مشروب ساخن وكثير من الأكل، ومتابعة السوشيال ميديا".

وعن فكرة الأم المثالية، تقول رضوى: "أشعر بسعادة عند تخيُّل المشهد؛ أُم مثالية يعني: بيت نظيف، ووجبات غذائية مكتملة، وزوج سعيد، وطفلة نظيفة وعلى قدر من التربية. ولكني أفوق على الواقع الأليم، والحق يقال: أنا لا أفضل دائماً أن أكون هذا النموذج، وأفضل أن أكون أُمّاً طبيعية".

أما بسمة لطفي، فهي نموذج غير تقليدي لفتاة قامت بالكثير من الأمور غير المألوفة قبل أن تصبح أُماً لبنتين. بسمة، التي كانت رسامة كوميكس وتصنع الفضة وتعشق السفر والأمومة، أضفت بعض التغييرات عليها، فتقول: "أشعر بأنني أُمٌّ سيئة حين أصيح في وجهي البنتين، ورغم اتفاقنا على صيغة عقلانية لتصحيح أي خطأ تفعلانه، فإنني أحياناً أخرج عن شعوري وأنهار، لدرجة قد تفزعهما، وبدأت مؤخراً تصحيح هذا الوضع، فأصبحت أقوم بتهدئة نفسي والدخول إلى المطبخ، وأخذ وقت لأهدأ".

وعن لحظاتها التي تسرقها لنفسها باعتبارها أُماً، قالت: "قبل ولادة ابنتي الثانية، كنت أترك ابنتي وأسافر إلى أي مكان جديد، لكن الآن صعب جداً، فلا يمكن أن يحتمل أحدٌ الجلوس بهما، كما أنني لن أحتمل البعد عنهما، أحياناً أتركهما مع أمي وأنام 4 ساعات متواصلة، وهذا أعتبره إنجازاً لطيفاً".

بسمة ضد مصطلح الأم المثالية، وأوضحت ذلك قائلةً: "لدينا أيام مثالية، وهي عندما اصطحبهما إلى مكان جديد أو نجلس للعب معاً. وبوجه عام، كلمة (أمومة) لا بد من أن يحترمها الجميع، حتى لو كانت هذه الأم لا تجيد عمل شيء غير تربية أولادها وتنظيف البيت، فيجب ألا يتحول الكل إلى srong independent women!".

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مي نجم الدين
مدونة وأم لتوأم وصحفية سابقة
تحميل المزيد