بلاط».. الحي الإسطنبولي الذي استقبل يهود الأندلس»

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/31 الساعة 17:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/31 الساعة 17:06 بتوقيت غرينتش
Istanbul, Turkey - November 3, 2014: Vines grow along side a quiet street in Balat, a neighborhood in Fatih.

قد يكون بإمكانكَ الغوص في الكتب ومشاهدة الأفلام لأوقات طويلة، تقرأ التاريخ وتتطلع إلى الحاضر، محاولاً فهم الحياة وسيرورتها، أو بإمكانكَ ببساطة، زيارة "بلاط"؛ حيث يُعدّ المشي على القدمين في ثناياه، وبين أزقته وأحيائه، جولة فريدة في التاريخ والحاضر.

ما لا يعرفه معظم زائري إسطنبول وسياحها، أن هناك حياً عريقاً، يحمل اسم "بلاط" مخبأ بين أزقة المدينة العريقة، يحوي بين بناياته الملونة، ومنازله شبه المتهالكة، وأبوابه الصدئة، جزءاً من تاريخها، لا يشاركه فيه أي حيٍّ آخر.

يقع الحيّ في منطقة "الفاتح"، بين منطقتي "أيوان سراي" و"فنار" التاريخيتين، إلى الغرب من "إمينونو"، مطلاً على القرن الذهبي، ومتميزاً بمنازله القديمة الملونة، ومبانيه التاريخية والكنائس الأرثوذكسية، ومدارس ومعابد الجاليات والأقليات اليهودية واليونانية والأرمنية، ما جعله يدخل قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

يرجع تاريخ الحي إلى عهد السلطان العثماني "بايزيد الثاني"؛ حيث استقبل فيه الجماعات اليهودية الهاربة من الأندلس، بعد إجبارها على الجلاء منها عام 1492 على يد حكام إسبانيا المسيحيين، ما جعل الحي أحد أكبر الأدلة على التعايش بين الأديان وقيم احترام الآخر، التي رسختها الخلافة العثمانية، وحافظ عليها الأتراك سنين طويلة.

بدأ اليهود بمغادرة الحي بعد الزلزال الذي ضربه عام 1894، منتقلين إلى الأحياء القريبة من برج غلاطة، قبل بدء هجرتهم إبان الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بعد نكبة عام 1948.

أما مَن تبقى من يهود الحيّ، فقد انتقلوا عام 1960 إلى منطقة "شيشلي"، أحد أحياء مدينة إسطنبول، في شطرها الأوروبي، الأمر الذي يُعد تحولاً كاملاً في تاريخ الحي، غير أن الزائر له والماشي في شوارعه هذه الأيام، سيلاحظ "نجمة داود" على كثير من المنازل والبنايات، كدليل واضح على تاريخها اليهوديّ.

أصبح الحي لاحقاً مستقراً للعديد من الأشخاص ذوي الدخل المحدود، والطبقات الاجتماعية الفقيرة، ونتيجة لذلك، أُهملت بيوته ومعالمه بشكل كبير، قبل أن يصبح محور مشروع إعادة تطوير وتجديد برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو".

العديدُ من بيوت الحي الآن تحولت لمقاهٍ ومطاعم فريدة، لكلٍّ منها طرازها الخاص، بالإضافة لوجود الكثيرمن البيوت الأثرية التي تحولت لُنزلٍ للسياح أو جعل أصحابها منها مشاريع استئجار على موقع Airbnb، الذي أنصح الكثيرين بأن يستأجروا من خلاله كتجربة جديدة تختلف عن الفنادق، خاصة في حيّ بلاط.

خذ جولةً في الحيّ، تأمل بيوته وبناياته، كُنسه وكنائسه القديمة، وجهّز كاميرتك أو هاتفك المحمول فالحيّ مغرٍ لالتقاط عشرات الصور وربما أكثر.

وإذا تعبتَ من السير على قدميك، ورغبت في أخذ قسط من الراحة، فالحيّ مليء بالمقاهي والمطاعم الشعبية، التي بإمكانك فيها احتساء كوب من الشاي وفنجان من القهوة التركية أو تناول وجبة خفيفة.

وفي حال واصلت مسيرك باتجاه قمة الحي، لمسافة 10 أو 15 دقيقة، ستصل إلى أحد أجمل تلال إسطنبول، تلة "المُلّا عشقي"؛ حيث يقع جامع "يافوز سليم" المطل على مضيق البوسفور وخليج القرن الذهبي، والتمتع برؤية البسفور وأجزاء من المدينة.

وهناك، من على قمة التلة، لا بأس بانتظار وقت الغروب، حيث تزدان إسطنبول بأشعة الشمس حين تتوارى خلف الجبال، صابغةً السماء والبوسفور بلون ذهبي ممزوج بتلاوين الشفق الأحمر، أمام صفحات التاريخ العتيق، المحمّل بأسرار وخبايا أقوام وشعوب، كانت يوماً ما هنا، وتركت آثاراً لا يمكن نسيانها.

تلميح 1: يمكنك الوصول للحيّ من محطة حافلات إمينونو عبر حافلة تحمل واحداً من الأرقام التالية: 99A, 36CE, 48E

أو النزول في محطة مترو "خليج" ومتابعة السير لمدة 20 دقيقة حتى تصلَ للحيّ.

تلميح 2: للوصول لجامع "يافوز سليم" ابحث على جوجل ماب عنه باسم Yavus Selim Cami

 

اسطنبول اسطنبول اسطنبول اسطنبول اسطنبول اسطنبول اسطنبول

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
غيداء أبو خيران
كاتبة فلسطينية مهتمة بالسفر
تحميل المزيد