بمجرد أن يسدل الليل ستاره على قطاع غزة، تخرج مجموعة من الشباب الفلسطيني الثائر ليُشاغل قوات الاحتلال الإسرائيلية المنتشرة على طول السلك الحدودي شمالي وشرقي قطاع غزة، في محاولة للتعبير عن رفضهم للاحتلال والحصار المستمر على قطاع غزة منذ 12 عاماً.
ورغم إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي والقنابل الغازية تجاه هؤلاء الشبان في محاولة لإفشالهم، فإن ذلك لم يثنهم عن القيام بواجبهم، بل زادهم إصراراً على مقارعة هذه القوات المدججة بشتى أنواع السلاح.
وعلى مقربة من السلك الفاصل على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة ينتشر هؤلاء الشبان، الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وبحوزتهم مواد مشتعلة، ومقاليع، وإطارات مطاطية، وطائرات ورقية حارقة، وحجارة، يستخدمونها لمقارعة قوات الاحتلال.
كما يستخدم هؤلاء الشبان مكبرات ومضخمات الصوت للإزعاج والإرباك وتشتيت التركيز والانتباه، وإرسال رسائل صوتية باللغة العبرية أو وضع أصوات مزعجة قوية أو إطلاق صافرات الإنذار، بالإضافة إلى إطلاق أضواء الليزر تجاه الجنود المتمركزين قرب السلك الشائك الذي يمتد على طول حدود قطاع غزة الشمالية والشرقية.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات تثني بقوة على عمل وحدة "الإرباك الليلي". وتؤكد معظم هذه التغريدات أن وحدة "الإرباك الليلي" تمكنت من تشتيت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال وقت قصير، ما جعل القوات الإسرائيلية تستهدف هؤلاء الشبان بإطلاق الرصاص الحي تجاههم وفي أحيان عدة إطلاق صواريخ من طائرات مسيرة.
ويقول العديد من العاملين في وحدة "الإرباك الليلي" إنهم يريدون من خلال عملهم هذا مشاغلة قوات الاحتلال وإبقاءها في حالة استنفار دائم على الحدود لاستنزافهم وإرباكهم. مشيرين إلى أن قوات الاحتلال أصبحت تستنفر جنودها بشكل دائم على الحدود، خاصة في أيام الجمع وأوقات الليل.
ويشدد متابعون فلسطينيون على أن وحدة "الإرباك الليلي" تعد من الوسائل الناجحة التي استخدمها الشباب الفلسطيني الثائر على طول الحدود الشمالية والشرقية لقطاع غزة، وهي بمثابة رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي بأن مسيرات العودة وكسر الحصار مستمرة حتى تحقيق أهدافها، منبهين إلى أن سكان قطاع غزة المحاصرين منذ 12 عاماً تمكنوا من أن يجعلوا من نقاط التماس على طول حدود قطاع غزة مع إسرائيل خطوط مواجهة حقيقية.
وتعتبر وحدة "الإرباك الليلي" واحدة من عشرات وسائل المقاومة السلمية التي ابتكرها الغزيون منذ انطلاق فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار، في 30 مارس/آذار الماضي، على طول السلك الأمني شرقي وشمالي قطاع غزة، الأمر الذي أثار غضب المسؤولين الإسرائيليين الذين عملوا كل ما بوسعهم من أجل إيقاف هذه الوسائل لكن دون جدوى، ومن أهم الوحدات التي ابتكرها الشبان وحدة "قص السلك" و "وحدة الكوشوك، و "وحدة البالونات الحارقة".
ويأمل أهالي قطاع غزة أن ينتهي الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 12 عاماً "أي منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية، وتشكيلها للحكومة الفلسطينية العاشرة بقيادة إسماعيل هنية"، خاصة في ظل الوضع الإنساني الكارثي، وزيادة سوء أحوال المواطنين يوماً بعد يوم، بسبب الأزمات المتلاحقة الخانقة التي سببها الحصار.
وبحسب رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار جمال الخضري، فإن هناك حالة من القلق المستمر تسود الغزيين، بسبب تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والضعف الرهيب في القوة الشرائية نتيجة تراكم التراجع الاقتصادي الحاد. مشيراً إلى أن استمرار الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الخطيرة، والأزمات المتصاعدة في الكهرباء والمياه والصحة والعمل، دون تدخل عاجل وحلول عملية على الأرض، ينذر بحالة غير مسبوقة من السوء التي قد تتطور إلى ما لا يمكن توقعه.
ويعيش أكثر من مليون ونصف في غزة تحت خط الفقر، والأعداد في تزايد، و85% من المصانع والورش أغلقت كلياً أو جزئياً، فيما معدل البطالة بين فئة الشباب وصل قرابة 62%، والكهرباء تصل يومياً فقط أربع ساعات، فيما المياه غير منتظمة في الوصول للبيوت، و95% من المياه غير صالحة للشرب.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.