كيف ستختلف المؤسسات العربية لو كان لديها نماذج «القيادة بالحب»؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/19 الساعة 16:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/19 الساعة 16:38 بتوقيت غرينتش
القيادة في المؤسسات العربية /iStock

 إنها الحقيقة الأكيدة والحاجة الضرورية للمنظمات الحكومية وغيرها في رحاب الأمة العربية، لقد رأيت صياغة باهرة عندما كتبت كاثلين سانفورد مؤلفة كتاب "القيادة بالحب.. إنها ومضة إشراقية فاعلة لعلاج أكيد لواقع مرير تحياه المنظمات العربية الحكومية والخاصة وفي مختلف البيئات".

إن فشل القيادة في المؤسسات العربية والنظريات الحديثة وتطبيقاتها لا يعود إلى فشل مناهجها وعدم مصداقيتها، بل يعود إلى افتقار القيادة للحب وافتقار القيادة للفطرة والحنان، فالقيادة بالحب بفطرة الأمومة تشبه الأم إلا أنها لا تخلو من ألم ولكن نُبل الرسالة، وعَظمة النتائج، تدفعان الأم إلى المزيد من التضحية وإنكار والفداء، وتفيض الأم بالدفء والعاطفة، ولا تبخل على أبنائها بالمعرفة، والتعليم المستمر، ويؤدي هذا السلوك في المنظمات إلى تطوير الذات، وتفويض السلطات، وتكوين فرق العمل، وإعداد قيادات الصف الثاني، كما وأن عطاء الأم لا ينتظر مقابلاً، غاية ما تريده هو إعداد أبنائها لدور مستقبلي ناجح، حتى وإن فاتهم تقدير دورها، فحب الأم غير مشروط وعطاؤها غير محدود.

إن حاجتنا لقيادة نحبها في جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، بل الدعوية وغيرها؛ أشد من حاجة الأرض الميتة لماء السماء، فإذا ما وجدناها اخضرت قلوبنا وتفتقت عقولنا ونمت أبداننا لنرتقي بعد ذلك في العلا مرتقى صعباً ونتبوَّأ من المجد مبوأً عالياً، وتعود المنظمات العربية إلى موقعها الصحيح بكل الريادة والتميز والتفوق.

ووفقاً لروسبيث موس كانتر مؤلفة كتاب "Confidence and SuperCorp"، تقول: إن "بعض الناس يعتبرون قادة بغض النظر عن المسار الذي اختاروه لأن الطاقة الإيجابية داخلهم تنهض بمن حولهم. وحتى في الأوقات الصعبة، فإنهم دائماً يجدون وسيلة للنجاح"، والتركيز على الخير فيه تأكيد للقيادة الخيرة التي نستمدها من ثقافتنا وديننا الحنيف.. فما بالنا بمنهج القيادة بالحب التي ترسم معالم الخير والنور والسعادة للبشرية جمعاء، ومنهج الإيجابية الكامل الذي يعالج كل مشاكل الأفراد والمنظمات ولا سيما في ظل الأزمات المتراكمة والعواصف التي تهب بشكل متتابع على البيئة العربية والإسلامية.

إن عين رسالة القيادة بالحب هو العطاء الذي يرتقي بالعاملين ويرتفع بأدائهم ويهذب سلوكهم ويزيد تفاعلهم. ولطالما أن الحب غير مشروط والعطاء غير مؤقت والنمو غير محدود، فإن القيادة بالحب طريق للإبداع والابتكار، والإحساس المتوازن؛ ولأن الحب المتوازن هو المصلحة العامة، والمصلحة العامة بالنسبة للقائد المحب هي قول وفعل وليست شعاراً لفرض سياسات أو تبرير نتائج.

إن القيادة بالحب هي المدخل الصحيح لبناء منظمات أعمال متكاملة ومتوازنة ومرنة ذات مبادئ وأخلاق، وعليه فإن الركيزة التامة للقيادة بالحب ترتكز على الدور القيادي للعاملين ورفع مستوى مشاركتهم في التخطيط والتنفيذ والتقويم واتخاذ القرارات، وعلى البعد الاجتماعي والقيم الثقافية للمنظمات وأهميتها في صيانة رأس المال الاجتماعي.

وأخيراً يمكنني القول جازماً إن القيادة بالحب في منظمتنا يجب أن تتدفق في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات، يجب أن لا توقفها سدود ولا تحدها حدود.. لنعانق بوابات المجد  ونتبوَّأ من المجد مبوأً عالياً. ليس هناك قيادة حقيقية صحيحة سليمة بغير الحب

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
فادي الدحدوح
خبير في البحث العلمي والدراسات العليا
أستاذ جامعي وخبير في البحث العلمي والدراسات، ومؤلف كتاب مناهج البحث العلمي وفق رؤية متقدمة تنسجم مع الريادة العالمية، بالإضافة لتقديم استشارات منهجية لطلبة الدراسات العليا والمراكز البحثية المتخصصة.
تحميل المزيد