قد يبدو العنوان غريباً بل مستفزاً لدى البعض، ولكن إذا كنت ممّن يتحمسون عند دخول كل عام لكتابة أهدافهم ثم تكون محصلة الإنجاز في نهاية العام مخيبة للآمال؛ فأنصحك بألا تخطط، أيضاً إذا كنت تكتب أهدافك لمجرد تأثرك ببعض القدوات من حولك ممن يكتبون أهدافهم ويعرضونها لتحفيزك؛ فأنصحك بألا تخطط، إذا كنت ممّن يشعر بعدم الرضا عن ذاته؛ لأنه ليس لديك طموح تسعى لتحقيقه وتظن أن مجرد كتابة مجموعة من الأهداف على ورقة إرضاءً لضميرك سينقلك إلى فريق المنجزين؛ فأنصحك بألا تخطط، إذا كنت ممّن يشعر بخيبة الأمل وفوات الأوان بعد مرور أسبوعين أو شهر من العام الجديد ولم تضع أهدافك للعام حتى الآن، وتريد أن تكتب أهدافك لتسابق الزمن فقط؛ فأنصحك بألا تخطط، ولا تقلق فلم تكُن هناك فرصة أصلاً حتى تضيع منك.
هل فهمت من مقدمتي هذه أنني أدعوك إلى عدم التفكير في أن تكون إنساناً منجزاً وله طموح وأهداف يسعى إلى تحقيقها، وأن ترضى بما أنت عليه، أو أن التخطيط أداة غير نافعة وليست ذات جدوى؟! بالتأكيد ليس هذا هو الهدف من تدوينتي هذه.
لكن لأن تخطيطك للعام دون معرفة شغفك هو تكرار لحالة فشل، وسينتهي بك لترسيخ قناعة خاطئة ستصل إليها مستقبلاً وهي أن التخطيط غير مُجْدٍ وكتابة الأهداف غير مفيدة.
التخطيط أداة وليس غاية نقوم بها لتساعدنا في الوصول إلى الأهداف، ليس من الصواب تضخيم مفعولها وأثرها إلى ما هو أكثر من ذلك، ومن غير الممكن أن تكون مجموعة أسطر كُتبت على ورقة أو عبر تطبيق هاتفي في لحظة حماس أن تنتقل منك من شخص مُسوف وغير منجز إلى إنسان ناجح ومنجز.
جيد أنك متحمس بأن تكون إنساناً منجزاً ومدركاً لأهمية أن تكون لديك أجندة تنظم أولوياتك، ولكن هذا الحماس وحده لا يكفي.
بطبيعة عملي بمجال الكوتشينغ أهتم دائماً بدراسة حياة الناجحين ومعرفة مدى سعادتهم بما ينجزونه وكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه، خاصة أولئك الذين يعيشون في بيئات ومجتمعات عربية قريبة إلى حد كبير من واقعنا الحالي، سأذكر مجموعة من النقاط لو عملت بها أتوقع أن تخطيطك قد يكون أكثر فاعلية.
-
الشغف قبل التخطيط:
قبل أن تبدأ عملية التخطيط ووضع الأهداف عليك أولاً أن تبدأ حواراً داخلياً مع ذاتك لتكتشفها وتعرف شغفك (The Passion) "هذا الشغف لا تبحث عنه ليلة رأس السنة فلن تجده"، هذا الشغف سيكون وقودك للاستمرار، وهو الذي سيولد لديك الالتزام الذي تحتاجه لتحقيق الأهداف.
-
تحرر من القيود الافتراضية:
كثير منا يقيد نفسه بقيود ليست موجودة إلا كصورة ذهنية في مخيلته ومنها المناسبات مثل: مطلع السنة الجديدة، عيد ميلادك، سنة تخرجك، زواجك، بلوغك الأربعين، فهذه المناسبات أحياناً نتعامل معها بمنظور خاطئ، وذلك باعتبارها فرصاً ينبغي استثمارها في النجاح، وإن لم نحسن ذلك فقد ضاعت علينا وبالتالي فرص النجاح تصبح ضئيلة! لا شك أن هذا المنظور خاطئ ويجب تغييره، من قال إن النجاح والإنجاز مرتبطان بتواريخ معينة فقط؟! أليس بالإمكان لو تصالحت مع ذاتك وقبلتها برضا أن تنجز دون أن تؤثر فيك هذه القيود؟
-
كُن بوصلة نفسك فقط:
من المهم جداً عند وضعك لأهدافك أن تتخلص من بعض المفاهيم التي قد تخل بتوازنك مع ذاتك وتؤثر عليك سلبياً مثل مقارنة نفسك بالآخرين، الشخص الوحيد الذي عليك أن تقارن نفسك به وتنافسه هو ذاتك، وذلك انطلاقاً من قاعدة أساسية وهي: أن لكل إنسان ظروفاً وسياقات وقدرات تختلف تماماً عن غيره مهما بدا مشابهاً لك ظاهرياً.
-
كُن واقعياً:
غالباً ما نكون متحمسين زيادة عن اللزوم أثناء وضعنا للأهداف "هذا الحماس ناتج عن رغبتنا في الإنجاز التي تحدثنا عنها في بداية التدوينة"، لذلك ضع أهدافاً تتناسب مع قدراتك والتزاماتك اليوم وليس بناءً على الصورة المثالية التي تتخيلها لنفسك وتتمنى أن تكون عليها مثلاً: أنت تطمح لأن تكون من القراء الذين يقرأون عدداً من الكتب في الشهر الواحد، ولكن واقعك الحالي يقول إنك لن تكمل حتى كتاباً واحداً في الشهر، فليس من المنطقي إذن أن يكون هدفك قراءة أربعة كتب في الشهر، ركز على بناء عضلة الالتزام والجدية لديك، تذكر دائماً "أهداف جيدة بالإمكان إنجازها أفضل من أهداف مميزة وغير قابلة للإنجاز".
-
كُن مرناً:
الأهداف بطبيعتها ديناميكية ومرنة ويمكن أن تتغير وفقاً للمتغيرات والمستجدات في حياتك، فاستجب لمرونتها ولا تكن صلباً مع ذاتك، ليس بالضرورة أن تكون أهدافك لمدة عام كامل، بل ضع المدة التي تناسب مع الزمن المطلوب لتحقيقها، بعد وضعك لأهدافك اختبر مدى إيمانك ورغبتك وارتباطك بها، ولأي درجة هي منسجمة مع ذاتك وتعبر عنها، ولا بأس من التعديل وفقاً للنتائج التي وصلت إليها.
أتوقع إذا أخذت هذه النقاط الخمس بعين الاعتبار سيكون لأهدافك طعم خاص، والأهم أن مسؤوليتك تجاه تحقيقها ستكون أعلى وأكثر جدية، بغض النظر عن الزمان أو التاريخ اللذين حددتهما لأجل ذلك، سواء في رأس السنة أو ثلثها أو حتى نهايتها.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.