من الهند إلى الصين.. كيف عبرت «الأقنعة» عن ثقافات الشعوب ومعتقداتها المختلفة؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/02 الساعة 15:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/02 الساعة 15:50 بتوقيت غرينتش
الأقنعة أو الوجوه المصنوعة

 

لم تعتبر الأقنعة في العصور القديمة أعمالاً فنية أو وسيلة للتمويه والتسلية، بل كانت جزءاً من الحياة وتستخدم في الشعائر الدينية والطقوس والتقاليد، وفي بعض أوجه الحياة اليومية لدى بعض القبائل والشعوب البدائية.

القناع هو أحد الفنون التي عرفها الكثير من الشعوب البسيطة منذ أقدم العصور، وانتشر بشكل خاص في إفريقيا حتى أصبحت تشكل عنواناً لهذا الفن وركناً أساسياً من أركانه وسمة مميزة له بين عامة الفنون التشكيلية، والأقنعة الإفريقية هي نتاج مزيج من الدين والفن والسحر.

جذبت الأقنعة اهتمام الفنانين الكبار من أمثال: غويا، دومي ومانيه، تولوز لوتريك وبيكاسو، واستخدموها وقلّدوها في أعمالهم الفنية.

ورغم أن تقدم الحضارة وقضاءها على معظم الثقافات القديمة والتقليدية لمعظم شعوب العالم، ما زالت الأقنعة تحتفظ بمكانتها المهيبة والمخيفة في بعض نواحي العالم، بالإضافة لمكانتها الجديدة كأعمال فنية.

وكانت للأقنعة استخدامات عديدة على مر العصور، وخاصة في الفن المصري القديم، وتهدف الأقنعة إلى إيقاظ بعض العواطف المطلوبة في المجتمع مثل الشجاعة والغرور وغيرهما، وكذلك تهدف إلى الضبط الاجتماعي بالرعب أو السخرية، كما تهدف إلى التسلية، وذلك بتمثيل القصص الدينية والدنيوية أو بالهجاء المؤدي إلى الضحك.

تعد القارة الإفريقية من أغنى مناطق العالم في صناعة الأقنعة المختلفة، خصوصاً في الساحل الغربي ومنطقة حوض نهر الكونغو، ويستخدم في صناعتها الخشب والبرونز والذهب والنحاس والطين، بالإضافة للعظام والجلود، وما زال القناع يلعب دوراً اجتماعياً هاماً في إفريقيا، كطريقة للتعبير عن الروابط الاجتماعية والثقافية والحضارية وروابط الأحفاد والأبناء والأجداد بالقبيلة.

وهناك عدة أنواع من الأقنعة، منها القناع الواقعي في إفريقيا الذي يبدو على الغالب أشبه بوجه امرأة جميلة ذات شخصية قوية وملامح جميلة، وهناك القناع الذي يمثل وجه حيوان وخاصة القرد.

أما الأقنعة في الصين واليابان التي تمثل ملامح القوة فتختلف اختلافاً كلياً عن الأقنعة الإلهية المخيفة في الهند مثل أقنعة البوذيين.

ففي الهند حيث تعيش الأساطير وتنمو مع التقاليد والديانات المتعددة تلعب الأقنعة دوراً كبيراً في تسيير الأساطير الدرامية.

والأقنعة في اليابان تنتمي إلى المسرح القديم ليس لها علاقة بالأديان والأرواح، وهي عبارة عن أعمال فنية وتستخدم لتسهيل مهمة الممثل في المسرحية الدرامية.

أقنعة الطقوس في اليابان تصنع بالأدوات اليدوية التي تم صنعها منذ عدة قرون مضت، والمحترفون في صناعة هذه الأقنعة قلة، لصناعة قناع واحد يتطلب شهراً ونصف الشهر، هذه الأقنعة ذات قيمة فنية ومادية كبيرة، وعند شعوب الشرق الأدنى، اعتبرت الأقنعة، في أغلب الأحيان، ليست فقط للصحة والعافية، بل رمزاً للأرواح الشريرة، والوباء والجفاف والعواصف والزوابع.

أما في الصين فالأقنعة ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالخرافات السائدة، عن الموت وعن الشمس والقمر، لكن أقنعة القبائل الأميركية اختلفت كلياً عن الآسيوية والإفريقية، كانت على شكل طيور وأسماك وحيوانات مثل الثعابين والنمور الأميركية.

بعد استخدام الأقنعة في مجالات الموسيقى والرقص والسينما والتمثيل المسرحي، فقدت تقريباً وظيفتها الدينية، فالأقنعة القديمة الموجودة في المتاحف الأثرية وفي صالات العرض العالمية فهي قليلة جداً ويعود الفضل في الحفاظ عليها إلى المتاحف البدائية التي أنشأها الفنانون القدماء في بيوتهم في القرن السادس عشر من الميلاد.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
أحمد أبو راشد
إعلامي فلسطيني
أحمد أبو راشد، إعلامي فلسطيني وخريج جامعة موسكو الحكومية، كلية الصحافة والإعلام. في عام 1992 حصلت على شهادة الدكتوراه في الفلسفة والآداب. عملت في إذاعة السﻻم والتقدم، وراسلت عدة صحف ومجﻻت فلسطينية.
تحميل المزيد