يكتظ السرد التاريخي الطبي القديم بقصص وخرافات غريبة كانت تُستخدم في علاج أمراض الإنسان، كان هنالك قصص غريبة عن ممارسات كانت قد شكلت فاجعة حقيقية لو تمت مقارنتها بالممارسات الطبية الموجودة في عقدنا الحالي. وبكل نزاهة، ربما سيتم تشبيه الممارسات الطبية التي نقوم بها اليوم بمثل تشبيهنا هذا لهذه الممارسات بعد 100 عام في المستقبل.
نقدم لكم هذه العلاجات الطبية التاريخية الغريبة التي قد تبدو مقززة بالنسبة لك، ولكنها كانت رائعة في ذلك الوقت ..
1- عملية نقل خصيتي الماعز إلى الإنسان لعلاج الضعف الجنسي
في عام 1920، اعتُبرت زراعة خصيتين ونقلهما من الماعز أو من حيوان من فصيلة الرئيسيات إلى الإنسان كعلاج لضعف الانتصاب والضعف الجنسي.
جون برينكلي، وهو فنان محتال، ادعى بشكل احتيالي أنه طبيب، وأصبح بذلك ثرياً جداً، بل من أغنياء أميركا في ذلك الوقت، من خلال قيامه بإجراء عمليات جراحية مشابهة.
يعتبر سيرج فورونوف، وهو جراح روسي، واحداً من أوائل الذين عكفوا على إجراء عمليات جراحة زراعة الأعضاء باستخدام أعضاء من حيوانات من فصيلة الرئيسيات. بين عامي 1920 و1940، استخدم أكثر من 45 جراحاً حول العالم تقنية الجراح فورونوف نفسها، وتم إجراء ما يقرب من 2000 عملية زراعة للأجسام المضادة من الحيوانات من فصيلة الرئيسيات غير البشرية إلى البشر.
ومن الشخصيات الشهيرة التي خضعت لإجراء مثل هذه العمليات فرانك كلاوس، الملاكم المعروف ذو الوزن المتوسط، كان قد خضع لإجراء هذه الجراحة الغريبة. ومن المثير للدهشة أنه تم الإبلاغ عن نتائج إيجابية ومشجعة من جميع أنحاء العالم.
2- عجينة الفئران الميتة لتخفيف ألم الأسنان
في مصر القديمة، كان الأطباء يطحنون فأراً ميتاً ويمزجونه بمكونات أخرى، ويضعون هذه العجينة على الأسنان المؤلمة أو اللثة المتضخمة لتخفيف الألم.
ربما من المقزز لدى أغلبنا هذا الأمر، لكن لو كنت تعاني ألم الأسنان في مصر القديمة، لكانت الفئران أفضل خيار علاجي يتم وصفه لمرضك. كانت آلام الأسنان شائعة جداً في مصر، ويُعتقد ذلك بسبب وجود جزيئات الرمل في نظامهم الغذائي. كان يدخل الرمل في كل شيء تقريباً، وضمن ذلك الطعام. وبسبب التأثير الرخيم للرمل، فإن مضغه غالباً ما يزيل طبقة المينا التي تغطي الأسنان. كان هذا من شأنه أن يعرّض للأعصاب والأوعية الدموية الموجودة للألم.
استنتج المصريون أن الفئران الميتة كانت علاجاً فعالاً لهذه المشكلة، بحيث كانوا يهرسون الفئران الميتة في عجينة ويضعونها مباشرة في المنطقة المتضررة. في حال كان الناس يعانون آلاماً شديدة في الأسنان، يتم إدخال الفئران الميتة مباشرة في فمهم. انتشر هذا العلاج قديماً حتى وصل إلى ريف إنكلترا في 1920.
من الواضح أن هذا العلاج لم ينجح قط في علاج الألم، ولكنه -على ما يبدو- كان يؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة. من المؤكد اليوم طبياً أن وضع حيوان ميت متعفن على الأوعية الدموية والأعصاب المكشوفة بشكل مباشر سيحوّل الألم الشديد إلى عدوى شاملة قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة
3- شراب الحلزون لعلاج السعال وأمراض أخرى
في القرن الثامن عشر، كان يعتقد أن شراب الحلزون يبرّد ويقوي الأعصاب، ويعالج السعال، والربو، وبصق الدم.
لقد تم استخدام العقاقير المحضرة من الحلزون كدواء لإطالة الأعمار. كما اقترح أبقراط استخدام مخاط الحلزون في المداواة من الأمراض.
لقد كانت الحلزونات تعتبر علاجاً سيادياً للألم المرتبط بالحروق والخراجات والجروح الأخرى. وفي القرن الثامن عشر، أوصى الأطباء بالحلزون للاستخدام الخارجي في اضطرابات الجلد المختلفة . كما أوصي باستخدامها داخلياً في حالة الأعراض المرتبطة بالسل والتهابات الكلى. استمر هذا الاتجاه في القرن التاسع عشر، حيث خصصت طبعة 1945 من مكتبة Dorvault فقرة كاملة عن الحلزونات، تشير إلى أنها ما زالت تُستخدم علاجياً في بعض البلدان حتى عصرنا هذا، أظهرت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية أيضاً فائدة للحلزونات Ziconotide SNXIII، وهو ببتيد اصطناعي تم استخراجه من الحلزونات، وقد خضع للمراجعة من قبل FDA من عام 1999. وفي عام 2004، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على ziconotide لاستخدامه للحقن المباشر في السائل الشوكي. وأظهر هذا الدواء نتائج جيدة في التخفيف من الآلام الحادة والمزمنة.
4- الهيروين كشراب السعال
بدأت شركة الأدوية الألمانية "باير" حياتها المهنية عن طريق بيع الهيروين على شكل شراب في عام 1898. وُصف شراب الهيروين كعلاج للسعال، حتى للأطفال الصغار، ولأشياء أخرى مثل الأرق وآلام الظهر.
شكّل شراب الهيروين للسعال لشركة باير ومواد تسويقية ثرواتها الأولى، عندما قامت بتسويق كل من الأسبرين والهيروين كعلاج للسعال والبرد والألم في تسعينيات القرن التاسع عشر. وعلاوة على ذلك، كانت هناك إعلانات قد روّجت للهيروين لاستخدامه في الأطفال الذين يعانون السعال ونزلات البرد و"التهيجات"، في وقت متأخر من عام 1912.
وقد تم عرض الإعلان الأول في الصحف الإسبانية، وأظهر الإعلان أماً تعطي هذا الشراب في ملعقة لطفلتها الصغيرة المريضة، وأظهر في الإعلان عبارة تعني "لا تصل إليّ أيها السعال"، وهو ما يعني أن "السعال يختفي". وكان هناك إعلان آخر أظهر طفلين وهما يصلان إلى زجاجة من الأفيونات عبر طاولة المطبخ. وقد تم تقييد استخدام الهيروين، فقط بالولايات المتحدة في عام 1914. وفي نهاية المطاف، تم حظره من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في عام 1924، باستثناء أن يتم استخدامه في ظل ظروف طبية صارمة للغاية.
5- زيت الثعبان لالتهاب المفاصل
لقرون طويلة، كان زيت الثعبان يستخدم باعتباره علاجاً شعبياً في الطب الصيني، وتم وصفه بشكل أساسي لعلاج آلام المفاصل مثل التهاب المفاصل.
في الثمانينيات، كشفت الأبحاث أن زيت الثعبان غني بأحماض "أوميغا -3" الدهنية، التي من المحتمل أنها قد تساعد على تقليل الالتهاب. وقد استُخدم زيت الثعبان لعلاج التهاب المفاصل وأمراض القلب، وحتى الاكتئاب.
في الصين، يعتبر الزيت المصنوع من دهن ثعبان الماء الصيني (Enhydris chinensis) دواءً تقليدياً يُستخدم لعلاج آلام المفاصل. يحتوي هذا الزيت المعين على 20% حمض eicosapentaenoic EPA، الذي ثبت أن له خصائص مضادة للالتهاب.
كان العمال الصينيون هم أول من أعطوا زيت الثعبان لعلاج آلام المفاصل، مثل التهاب المفاصل والالتهاب الكيسي، لزملائهم العمال الأميركيين. عندما كانوا يفركونه على الجلد في موقع مؤلم، كانوا يدّعون أن هذا الدواء يساعدهم في تخفيف الألم.
في الثمانينيات، وجد ريتشارد كونين، وهو طبيب نفسي في كاليفورنيا لديه خلفية بأبحاث الفيزيولوجيا العصبية، حيث وجد في بحثه أن زيت الثعبان هو مصدر متوقع لأحماض "أوميغا 3" الدهنية. ومن المعروف طبياً أن هذه الأحماض لا تقلل من الالتهاب مثل ألم المفاصل فحسب، بل تعمل أيضاً على تحسين الوظيفة الإدراكية وتقليل ضغط الدم والكولسترول وحتى الاكتئاب. ربما ظل زيت الثعبان فعّالاً على حتى الآن.
المصادر:
1- Early Body-Hacking: When Men Got Goat Testicle Grafts to Boost Their Sex Drive
4- Yes, Bayer Promoted Heroin for Children — Here Are The Ads That Prove It
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.