كيف يعيش أهل قرية «إمليل» المغربية بعد الجريمة الوحشية التي وقعت للسائحتين على أرضهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/26 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/29 الساعة 12:56 بتوقيت غرينتش
قرية إمليل المغربية / iStock

إمليل ، اسم البلدة الأطلسية المغربية  التي تمَّ على ترابها قتل سائحتين اسكندنافيتين بشكل وحشي. هزَّ هذا الخبر الكل، داخل المغرب وخارجه، انتشر اسم هذه البلدة في جميع المنابر الإعلامية الوطنية والدولية.

إمليل، منطقة جبلية قريبة من مدينة مراكش السياحية المشهورة، هذه المنطقة الناطقة بالأمازيغية، تعد الممر الرئيسي لتسلّق جبل توبقال أعلى قمة بشمال إفريقيا. وهي الممر أيضاً للوصول إلى أحد أشهر المزارات في المغرب يسمى بـ "سيدي شمهروش"، تتمتع كذلك هذه المنطقة بمناظر طبيعية أخاذة، حيث يخترقها وادي ينبع من أعلى جبل توبقال، هذه الخصائص جعلت من هذه البلدة وجهة سياحية وطنية، وعالمية، إذ تشهد توافد آلاف السياح الأجانب كل سنة لتسلق الجبال، كما تعرف نشاطاً سياحياً وطنياً كل صيف، حينما تشتد الحرارة بالمدن المغربية المختلفة.

قرية إمليل المغربية
قرية إمليل المغربية

هي إذن منطقة معروفة؛ لأن النشاط الاقتصادي الرئيسي بها هو السياحة، بلدة ألفت الأجانب منذ أمد بعيد، منفتحة يزورها السياح من كل بقاع العالم، لذلك فأبناؤها يتحدثون لغات متنوعة بطلاقة كبيرة، نتيجة تفاعلهم الدائم مع السياح، بل إن مشاهد التعايش وقبول الآخر في هذه البلدة التي تلبس الأبيض كل شتاء، حينما يحل بها الثلج، تتجسد في كون عشرات من شبابها تزوجوا من سائحات أجنبيات دون أن يشكل ذلك مشكلاً لثقافة مجتمعهم المنفتح.

حينما وقع ما وقع، وهو في الحقيقة مفجع ويستنكره كل ضمير إنساني حي، صدم الجميع، ولكن صدمة أهل بلدة إمليل تبقى صدمة خاصة، صدمة جوانية لا يعرف شدتها إلا هم. فهم يعرفون قريتهم كما يعرفون أبناءهم، كل شبر فيها هم عالمون به، رغم وعورة التضاريس وصعوبة المسالك. صدمتهم أقسى وأمر؛ لأنهم لا يعرفون إلا الهدوء والسكينة وسماع صوت الماء المنساب عبر الوادي.

قد يكون جمال الطبيعة هو الرأسمال المادي الذي تتميز به هذه البلدة، ولكن ما تفتخر به حقاً هو سِلمها وتضامنها وقبولها كل ألوان الاختلاف والتعدد، هذا ما يشهد به تاريخها الذي لم يسجل يوماً حادثاً مثل هذا.

جفون أهل إمليل هجرها النوم، ما أصاب بلدتهم لم يصدقوه بعد، شيء من الحيرة يتملكهم حينما يشاهدون أنفسهم في نشرات الأخبار، لم يعهدوا هذه الأشياء، طائرات تحلق فوق رؤوسهم تستنطق الجبال والأودية، صنوف من الأمن والدرك حلت بينهم، مشدوهون هم ويتساءلون مع أنفسهم، ما هذه اللعنة التي حلت بنا؟ لماذا نحن؟ لماذا بلدتنا؟ ماذا جنينا نحن يا أُمّاه؟

حينما يُفجع البسطاء يكون وقع الألم أمرّ، قربهم من الطبيعة جعلهم دائماً أقرب للحقيقة والصدق. مقتل سائح هو مقتل واحد من أهل إمليل، يعزّون أنفسهم ويواسون بعضهم، تتملكهم المخاوف والهواجس من المستقبل، مستقبل بلدتهم وسمعتها التي بنوها بتضحيات جسام وإيثار قلّ نظيره..

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
حسن إدحم
أستاذ في مادة الفلسفة وابن قرية إمليل المغربية
تحميل المزيد