كيف غيَّر الشباب العربي نظرة الغرب المشوهة عنا؟ المدونة هيفاء بسيسو نموذجاً

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/26 الساعة 15:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/26 الساعة 15:29 بتوقيت غرينتش
مدونة الفيديو العربية هيفاء بسيسو

صورة تقليدية تقفز داخل مخيلة أغلب سكان الغرب تجاه الشرق العربي. ولولا ترجمة أفكارهم على شكل كلمات بصورة متكررة حينما يقابلون أشخاصاً عرباً، لما أصبحت تعتبر حقيقة في أذهانهم تجاه كل شخص يتحدث العربية أو يعيش في بلد عربي.

قهوة عربية تشربها على أرض الصحراء وخيام سوداء، قطع قماش إجبارية تغطي الرؤوس، قنابل وتفجيرات ورغبة في قتل كل من هو غير عربي.. تلك هي الصورة النمطية الأشمل المسيطرة على أذهان الغالبية من سكان الغرب والأميركتين تجاه العرب والشعوب الشرقية.

وربما لن نلوم الشعوب والمواطنين على تمركز هذه الصورة وتوريثها لذريتهم بقصد أو من دون قصد، فالإعلام منذ بداية بروز وسائل الاتصال المرئي وهو لا ينفك أن يذكر الشرق العربي بصورة الشعوب البدائية التي تعيش في الصحراء، وتسخّر الجمال والأحصنة كوسيلة للنقل، وامتدت هذه الموجة التشويهية تجاه الشعوب العربية بعد بروز الكثير من الأحداث السياسية، التي رسخت تلك المفاهيم بشكل أكبر وأعمق، للدرجة التي صار بسبب قوة ترسخها هناك صعوبة في إعادة تصحيح تلك الصورة النمطية، التي لا تمت لواقع الشعوب العربية بأي صلة، وإن ما يعرض على شاشات التلفاز ومنصات التواصل الإعلامية ما هو الا مبالغة شديدة لما يقوم به بعض المتطرفين والمتعصبين، الذين يمكن أن تجدهم في أي مجتمع غربياً كان أم شرقياً، بالإضافة للكثير من الجرائم المفبركة والملفقة بحق العرب والشرقيين.

 

سنتطرق في هذا المقال إلى دور الشباب العربي وتصميمهم بشكل أو بآخر على تصدير الصورة الحقيقية لعاداتنا وتقاليدنا، ونمط التفكير العربي السائد في عصرنا الحالي، لا سيما دور المرأة ومكانتها، ونظرتنا تجاه الآخر ونمط حياتنا الحديث المعاصر.

وإثراء لهذا المحتوى سنعرض تجربة اليوتيوبر العربية الفلسطينية "هيفاء بسيسو" وقصتها في السفر حول العالم ورغبتها الواضحة في إنشاء إعلام مصغر نقي وصادق، منهجهُ التعامل الحقيقي مع الشعوب الأخرى لإيصال الرسالة وجهاً لوجه دون جسور الإعلام المرئي ومحدداته ومعاييره الفضفاضة.

 

 هيفاء بسيسو، وهي مدونة فيديو على موقع يوتيوب، تبلغ من العمر 28 عاماً، ولكنها تحمل قلب وحماس طفلة في العاشرة من عمرها، هي فلسطينية الأصل، ترعرعت في دولة الإمارات العربية المتحدة، ودرست الإعلام في الجامعة الأميركية هناك، مما خلق عندها فطرة الأصل الواحد وتقبل الاختلافات وانعدام مفهوم الصورة النمطية لا سيما السلبية منها.

 تتعامل من مبدأ الإنسان إلى الإنسان مهما كان عرقه أو دينه أو جنسه أو لونه. واليوم، تترجم هذا الشيء عبر شاشتها الصغيرة على موقع يوتيوب، وتكسر بذلك الصورة النمطية تجاه الفتاة العربية، لا سيما المحجبة.

وخلال رحلتها عبر هذه القناة من البداية وحتى هذه اللحظة، تعمل جاهدة عبر إنتاج محتويات متنوعة، لعكس صورة صحيحة عن الصورة السلمية التي تتحلى بها الغالبية العظمى من العرب. وقدمت مؤخراً مقطع فيديو تمثيلياً غنائياً عن كسر الصورة النمطية تجاه العرب.

تتحدث هيفاء عن رغبتها في كسر الصورة النمطية، التي تتصورها نسبة لا بأس بها من الغرب، ولذلك تقوم بالجمع ما بين اللغة العربية واللغة الإنكليزية في الفيديوهات التي تقوم بها، وعبر الكتابة على شبكات التواصل الاجتماعي.

ومؤخراً أنتجت مشروع مسرحية غنائية تتسم بالمرح والإبداع، كمحاولة منها لكسر الصورة النمطية بلغة الآخر، وهي اللغة الإنكليزية، وعرض تفاصيل واضحة ومرحة عن مكانة المرأة الحالية بشكل خاص، وعن أسلوب حياة العرب في عدة بلدان بشكل عام.

وتشير من خلال الفيديو أنها سئمت من تلك الكذبة، والصورة البائسة التي يصر الإعلام على تقديمها عن العرب والشرق الأوسط.

وتقول هيفاء إن نتيجة ما تقدم هو حلم طفولة لديها، وهو أن يرى العالم حقيقة الشرق الأوسط، ورددت في أكثر من حوار لها: "ما أراه في الأفلام لطالما أزعجني، ولا أعتقد أنه حقيقي مقارنة بما نحن عليه فعلاً".

عملت هيفاء ما يقارب الأربعة أشهر في معدل نوم تقريبي أربع ساعات، هي والطاقم الخاص بالتصوير والإخراج، وقامت بالتصوير في عدة بلدان عربية تحت دعم وإشراف مبادرة عالمية تدعم "اليوتيوبرز" الذين يسعون إلى نشر القيم الإنسانية التي تتمثل بالحب والسلام.

وهنا بيت القصيد، منصات التواصل الاجتماعي هي من ستقوم بتغيير الصورة النمطية عاجلاً أم آجلاً، وسيغيب دور الإعلام المزيف الذي يسعى غالباً إلى التشويه، وسينتصر أولئك الطموحون، ومن تتسم أفكارهم بالإبداع، إلى رسم صورة جديدة حقيقية عن العرب والشرق الأوسط، وستتضح الصورة أكثر أمام الكثيرين، الذين أصبحوا يملكون منصاتهم الخاصة،  وسوف يصبح كل ما يرد في الإعلام بصورة مريبة أو معممة تجاه أي مجتمع أو بلد أمراً مشكوكاً به، حتى يثبت عكس ذلك، من خلال تواصل حقيقي عبر منصات الأفراد، وستصبح المقارنة الملموسة هي سيد الموقف لا نشرات الأخبار المتحيزة لأمر بعينه.

سوف يترسخ لدى كل آخر منا أن لكل عاداته وتقاليده المختلفة، إضافة إلى قبول فكرة وجود المتطرفين في كل عصر ولدى كل شعب، وما هم إلا شواذ عن القاعدة، وليسوا حكراً على مجتمع بعينه.

 وسوف نضع دائماً في عين الاعتبار أن الصور النمطية تتشكل بناء على تراكمات من المسببات والدلائل، فالحلول بدورها سوف تحتاج وقتاً وإصراراً ودلائل أقوى، حتى تزول تلك الصور النمطية من جذورها، وتصبح كالأضحوكة كما حدث مع الكثير من الصور النمطية، لا سيما العنصرية التي نقرأها في كتب التاريخ.

سوف نحتاج في النهاية إلى العمل الدؤوب المخلص والسلام.. والمزيد من الوقت للتخلص من تفشي الصور النمطية وما تؤدي إليه من تخلف فكري.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إسراء الأحمد
كاتبة أردنية
تحميل المزيد