من وحي فيلم «wonder».. ثلاث وسائل ربما تساعدك في أزمات حياتك أيضاً

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/24 الساعة 16:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/24 الساعة 16:45 بتوقيت غرينتش
فيلم wonder السينمائي

عندما كانت إيفا (إيزابيلا فيدوفيتش) تحتفل بعيد ميلادها الرابع، طلبت منها أمها (جوليا روبرتس) أمنية، فقالت بلا تردد: أريد أخاً.

كانت ولادة أوجي (جاكوب ترومبلاي) على غير العادة: طفل مشوَّه.

احتاج أوجي أكثر من 20 عملية ليتمكن من التنفس، والرؤية، والحركة؛ إذ يعاني ما يسمى "متلازمة تريشر كولينز".

قضى أوجي السنوات العشر من حياته في البيت، وتكفلت أمه بتدريسه، لأن خضوعه المتكرر للعلاج والجراحة حال دون التحاقه بالمدرسة.

التحدي اليوم: كيف سيكون دخول أوجي المدرسة؟ وكيف سيتقبله الآخرون، صغاراً وكباراً؟

قصة الفيلم مستوحاة من رواية بالعنوان نفسه للكاتب راكيل جاراميلو.

قوة السرد

 

تتجلى قوة الحكاية في طريقة السرد المشوقة والجذابة، فقد تجاوزت الطرق التقليدية في السرد، لتقترح الأحداث نفسها، ولكن من زوايا نظر مختلفة: أوجي – إيفا – ميراندا (صديقة

إيفا). وهذه طريقة جيدة في الحكي، لأنها تعمل على إثراء الأحداث، وجمع أجزاء الصورة بالنسبة للمُشاهد.

الأُسرة والمرض

 

لا شك في أن التطور التقني بمجال الطب اليوم غير مسبوق، إذ نتطلع إلى عمليات جراحية

دقيقة، قد يقوم بها الروبوت دون تدخل بشري في أثناء العملية. ولكن بالمقابل، نشهد ظهور أنواع جديدة من الأمراض، وصعوبات جمة في التشخيص.

أما المسألة الأكثر أهمية والتي يطرحها الفيلم للنقاش، فهي أثر المرض على الأُسرة.

إيفا: لقد أصبح الأخ الذي تمنَّته يوماً شمساً تدور حولها كل الأفلاك: الأم – الأب – وإيفا نفسها.

الأب: جُل اهتمامه منصبٌّ على ابنه، المساعدة تلو الأخرى لإخراجه من العزلة إلى الاندماج.

 

الأم: تحملت العبء الأكثر. فهي الممرضة والمساعدة النفسية، والمعلمة في البيت، وأيضاً

صاحبة اقتراح الذهاب إلى المدرسة ومواجهة العالم.

والأكثر من هذا تأجيلها بحثها الجامعي مباشرة بعد ولادة الطفل الأعجوبة: أوجي.

صحيح أن القصة تدور حول أوجي، ولكنها بشكل من الأشكال تؤثر وتتأثر بمحيطه الصغير والكبير.

ببدو أن المتضرر الأكبر، الذي سينال التعاطف بالقصة، في مرحلة ثانية هو: إيفا.

لقد كانت جدتها ملاذها الوحيد قبل أن ترحل إلى العالم الآخر.

هكذا نكون قد رسمنا صورة تقريبية للأجواء التي تخيم على أسرة أوجي. فما الحلول المقترحة في الفيلم، والتي بالمناسبة تتسم بالواقعية، لتجاوُز الأزمات ورؤية الضوء في آخر النفق؟

سأكتفي ببعض الإشارات التي يوحي بها الفيلم ويراهن عليها:

1- دور الجدة:

فقد وقفت الأسرة النووية، نتيجة الحداثة، على حدودها، وتأكد لها أن العائلة مشروع مستقبلي ولا تنتمي فقط إلى التاريخ. ولهذا كانت إيفا تفتخر وتعتز بجدتها، وترتبط بها أشد الارتباط.

2- عودة المسرح "أبو الفنون":

المسرح ليس فقط متنفَّساً للممثل والمشاهد؛ المسرح حياة وتعبير عنها، والمسافة بينه وبين الواقع شفافة جداً، فعند إرفنغ غوفمان أن الحياة مسرح، ونحن نؤدي أدوارنا، أو نشاهد الآخرين وهم يؤدون أدوارهم.

إيفا ستلجأ إلى االمسرح بحثاً عن الذات، وباقتراح من أحد الأصدقاء.

فكرة هامة جداً: عندما تبدأ رحلة البحث عن الذات، تجد نفسك بين من تحب وفي المكان الصحيح.

3- الصداقة

 سنصمّ آذاننا عن صدى الفيلسوف الرائع الذي قال ذات يوم: أيها الأصدقاء، لم يعد هناك صديق.

الصداقة، أرقى مظاهر الحب، تبقى الحل أمام أوجي لكي يندمج في مجتمعه الجديد (المدرسة)، وأمام إيفا التي تحسُّ بنوع من الإهمال نتيحة الاهتمام المتزايد بأخيها، وغاية الوالدين الاطمئنان على سلامة ابنهما النفسية، واكتسابه هوية اجتماعية أساسية في هذه المرحلة العمرية.

الفيلم متعة مضمونة، ودعوة للجميع للانخراط في التغيير من خلال تقبُّل الآخرين، فكلنا مختلفون، والتشابه المزعوم محضُ وهْم: يكفي القليل من إمعان النظر.

إشارة أخيرة:

لم أقصّ القصة كاملة، لأدعوكم للاستمتاع بهذا الفيلم الجميل، ولم أركز على أوجي "الأعجوبة "، حتى أترك لكم فرصة التعرف عليه، ولم لا، تجربة صداقته؟

شخصيات واقعية جداً، حوارات بسيطة وأخرى عميقة، علاقات ولقاءات قوية يقترحها الفيلم تنتظر منكم اكتشافها.

جملتان من الحوار واللقاءات الكثيرة التي يزخر بها هذا العمل، اخترتهما لكم:

– يا حسرة عليك يا كوكب الأرض! إنك أروع من أن يدرك روعتك أحد.

– إذا أردت معرفة معدن الناس، فما عليك سوى إمعان النظر.

مشاهدة طيبة.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
رضوان زروق
كاتب رأي
تحميل المزيد