في يوم رحيله.. قصة الزوج الوفي «حسن كامي»

عدد القراءات
30,681
عربي بوست
تم النشر: 2018/12/15 الساعة 13:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/08 الساعة 14:12 بتوقيت غرينتش
الفنان الراحل حسن كامي وزوجته

حبيبته، أمه، أخته، رفيقة دربه.. هكذا وصف الراحل حسن كامي زوجته الراحلة نجوى.. علاقة جميلة، بها الكثير من الوفاء والحُب لزوج فقد زوجته بعد زواج استمر لـ40 عاماً.

بدأت هذه العلاقة عندما جمعهما القدر في نادي الجزيرة، حيث المكان الذي شهد شرارة حُبهم الأولى، كان عمره وقتها 29 عاماً وقال عن رؤيتها للمرة الأولى: "داخل النادي لقيت بنت حلوة أوي بس من ضهرها، أنا اتخضيت من جمالها لما شوفتها، وقولت أنا لو والله هي دي أنا هتجوزها علطول. في نفس الوقت كان يبحث عن سكرتيرة لأنه كان مدير شركة الطيران، وتحدثت معه صديقته عن صديقة أخرى جيدة، وتصلح لطلبه، وطلب منها أن تُحضرها له، فوجدها نجوى، وقال في نفسه: دة القدر بقى!"

وتحدث معها وطلب منها الخروج في موعد، ووافقت.. ومن يومها وكما قال: "عرفت أنه نفسي أكمل حياتي مع الست دي".

"علمت منذ اللحظة الأولى أنني وقعت في حب النظرة الأولى"

ورغم أنه حينها كان فناناً معروفاً نوعاً ما، إلا أن موافقة معشوقته نجوى لم تكن مضمونة أبداً لأنها كانت مسيحية، وهو مسلم، وكان والد نجوى لواء في القوات المسلحة أيام الملك فاروق، ذا طبع صعب، عارض أهلها هذا الزواج في بداية الأمر، وحسب حديثه في اللقاءات التلفزيونية قال إنه سألها سؤالاً واحداً: "إحنا لو اقتنعنا إن احنا الاتنين عايزين بعض، هندخل وهنخوض في حاجات في منتهى القسوة اللي في الدنيا، قدامك 3 أيام تفكري كويس جداً.. هل إنتِ مستعدة؟ وكان ردها: أه، مستعدة ومش محتاجة 3 أيام علشان أفكر" .

وكانت الخطة أن يتظاهر كلاهما بالانفصال، وأن تخبر نجوى أهلها أنها لن تراه مرة أخرى، ويحاول حسن في هذه اللحظة أن يقنع أهلها، ويستخدم معهم مبدأ المُسايسة.

في بداية الأمر تم رفض طلب حسن، وواجهه والدها بكُل حزم، وقال له إنها ابنته الوحيدة، وإن عاداتهم مختلفة لا يستطيع أن يقف أمامها، لكن حسن كان قلبه يحاول بكُل طاقته، وأكد له أنه الشخص الوحيد القادر على إسعادها في هذا العالم، ومن الناحية الأخرى كانت والدة نجوى تحاول أن تجعله يتراجع عن قراره، وجعلته يجلس مع كل قساوسة البلدة لإقناعه بصعوبة إتمام هذا الزواج، وقال إنه جلس مع 5 أو 6 قساوسة، وكانت الجلسة تستمر لـ3 و4 ساعات، وفي كل مرة كان حسن يُصر على قراره، وأن كلاً منهما يُريد الآخر، وكانت المرحلة الأخيرة عندما ذهبوا إلى أسقف ذي رتبة عالية في الكنيسة، كان من بلجيكا، عندما جلس معه أخبره: "إحنا الاتنين عايزين بعض، وإحنا الاتنين ملناش إننا اتولدنا كدة، وأنا مش طمعان في حاجة، وهخليها ملكة.." وبالفعل نفذ وعده، حيث أهداها مكتبة، وقال لها إنها تستطيع الآن أن تجلس على الكُرسي، وتخبر أهلها أن زوجها منحها كُل شيء، وكانت تتباهى به بالفعل في كل مرة.

تزوجا، وأنجبا شريف الذي توفي هو الآخر، وكأن مصيبة واحدة لا تكفي، فبعد عدة سنوات لحقت نجوى بابنها، وبقي حسن كامي وحده يُصارع  الحياة ليبقى.

وعن وفاة نجوى يقول حسن كامي: "توفيت نجوى سنة في عام 2012 ،  ومن وقتها لم يتوقف عن إرسال رسائل لها عن طريق حسابه على الفيسبوك، في كُل مناسبة سواء عيد زواجهم، أو عيد ميلادها، وفي ذكراها، وكثير من المُناسبات التي تركت ذكرى لا تُنسي في قلبه.

مقتطفات من رسائله: "أمس الجمعة 28 أغسطس ذكرى عيد ميلادك، وأنت بعيدة عني، أنتِ تعيشي في قلبي وروحي إلى آخر العمر، وأنا على مشارف العام الرابع من رحيلك، أتذكر في هذا اليوم حُبك للحياة، والمُتعة في العيش، وكُل ما يجعل هذه المناسبة يوماً من أيامنا الجميلة يا نجوى، فليرحم الله روحك، وأنت الآن في مكان أفضل".

"نجوى النهاردة 16 ديسمبر عيد جوازنا، الصورة دي أخدناها في أوروبا، أيام شهر العسل.. ربنا يرحمك".

"آسف يا نجوى أنا في الخارج، ومش هقدر أنزل صورة كل يوم، بس أنا هرجع يوم الخميس.. ربنا يرحمك".

وقال عنها أيضاً إنها كانت شريكته، وحبيبته، وكل ما حققه من نجاح وشهرة كانت نجوى السبب الأول لحدوثه، وهناك موقف يجسد حُبها وعطاءها الذي لا ينتهي له فعندما توفي ابنهما شريف، ساندته ودعمته ليتجاوز تلك المِحنة، ووصف أن عطاءها، وحنانها كان أكثر بكثير، رغم أن كلاهما كان يعاني من مرارة الفقد، والألم.. لكنها كانت هُنا معه، ولأجله، وهذا ما يبحث عنه أي إنسان في العالم.

وعن حياته بعد وفاتها قال إنه شديد الحرص على استمرار الطقوس التي كانت تُحبها، فاعتزل الفن والغناء ودفن نفسه في عالمهما الخاص، بين الكُتب في المكتبة التي أهداها إياها فهو يشعر أن روحها في ذلك المكان، وفي بيته كل شيء كما وضعته هي وتركته، لم يحرك أي شيء.

وفي لقائه مع منى الشاذلي، وعندما بدأ العالم يلاحظ رسائله الجميلة التي يُرسلها لزوجته حتى بعد وفاتها سألته:  "إحنا بنستغرب يا أستاذ حسن إن زوجتك متوفيه من سنتين ولسه بتبعتلها رسايل علي الفيس بوك!

ورد قائلاً: ليه؟

– نجوي الله يرحمها اتوفت من سنتين، بتبعت لها رسايل ليه؟

= نجوي حاجة مختلفة خالص، وعشت معاها حياة لا أتصور أنها انتهت، هي في يوم من الأيام كانت قالتلي وحياتك بعد ما ربنا يفتكرني أنا عايزاك تعمل كذا وكذا، بس أنا قولتلها إزاي انتي فاكرة إني هعيش بعدك يوم واحد؟ وأديني أهو سنتين وزيادة، وكل يوم بفتكرها، في كل لحظة من الصبح للمسا، وكل يوم أفكر أبعتلها رسالة علي الفيسبوك؛ لأنها كانت بتحبه أوي، وأنا بعمل إن أنا معاها، وهي معايا وجوا قلبي، وهعيش بيها جوا روحي لحد آخر نبض في قلبي.. أنا حاسس إنها حاسة بيا، بعتقد أن في شيء قدري، وإلهي إحنا مش حاسيين بيه، ومش عارفينه، لكن أنا حاسس بيها، وحاسس إني بحس إني بفرح أوي وأنا بكلمها، وساعات بتأثر لدرجة إني بدمع، أنا حياتي مع نجوى 40 سنة اللي إحنا اتجوزناهم كانت جميلة جداً، وكان فيها شيء من الحميمية، وأنا بعتقد أن قيم الحياة كلها مبنية على هذه الحميمية، ومش معقول تطير في الهوا وسنتين بس، أنا عايز أكلمها، وأروحلها وعايز أحس إنها حاسة بيا، وطول الوقت أنا متصور إنها يمكن ترجع البيت وإنها في سفرية من سفرياتها الطويلة.. أنا مؤمن جداً أن إرادة ربنا هي الحاكمة، وهي دورة الحياة وإنها هتنتهي.. الحمد لله إن هي مشيت قبلي، لأن أنا متصور إنها يمكن لو أنا كنت مشيت قبلها كانت هتتعذب عذاب جامد أوي، زي اللي أنا بتعذبه دلوقتي".

= مين وقف جنبك لما فقدت نجوي؟

"ربنا، بفتكر كل الكلام اللي كانت بتقولهولي، والنصايح في أي مشكلة، وبيحصل بيني وبينها حوار، ودة من أكتر الحاجات اللي واقفة جنبي وبتخليني أقول دايماً الحمد لله.. الحمد لله، وأنا متأكد إن هي وشريف ابني في يوم من الأيام هيكونوا موجودين، يستقبلوني هما الاتنين".

"كلمة واحدة أوجهها لنجوى: وحشاني".

في حياتي كلها لم أر وفاءً كوفاء هذا الرجل لروح فارقت العالم، ولا أجد كلمات تصف ما أشعر به الآن من حُزن على رحيله، لكن ما يجعلني مطمئنة أن في استقباله اثنان من أحب الناس إلى قلبه، كان يتمنى أن يجتمع بهما، ولن يفترقوا بعد الآن، ولو كان هُناك في حياة كُل منا شخص يُحبنا مثل هذا الحُب لكانت الدُّنيا جنة.

رحم الله الفنان الجميل، المُحب، المخلص حسن كامي.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
غادة محمود
مدونة مصرية
كاتبة محتوى، حاصلة على ليسانس في الآداب والتاريخ بجامعة الإسكندرية، أحب الكتابة، أكتب لمن تخونهم العبارات، أكتب عن كل ما يحبه قلبي وتلتقطه عيناي، أشاهد الأفلام والمسلسلات وأعيش في عالمي الخاص "عالمٌ مواز" بين الكُتب والموسيقى، مهتمة بالقراءة، التفاصيل جزء من روحي وأفكاري، أحب كُل ما هو بسيط، بدأت في كتابة المحتوى والتدوينات منذ عامين، وكانت البداية في جريدة اليوم الجديد، ثم موقع عربي بوست، ممتنة لكُل التجارب التي جعلت من الشخص الذي أنا عليه الآن؛ كائناً خلق ليعافر، ويحاول، ويصمم.
تحميل المزيد