كيف يستعد الشباب السوريون في لبنان للعودة؟

عدد القراءات
552
عربي بوست
تم النشر: 2018/12/08 الساعة 13:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/08 الساعة 13:26 بتوقيت غرينتش
الشباب السوري في لبنان

يعبِّد الشباب السوريون، ممن حالفهم الحظ، طريقَ العودة الى سوريا من حيث هو، أكاديمياً واجتماعياً، وربما سياسياً. فيُطوّرون مفاهيم ويثبتون أخرى. البعض منهم عمل في مجال الإغاثة، البعض الآخر نشط في المجتمع المدني، غير أن الجامع بينهم هو مستقبل سوريا المعرفي والسلام المستدام، وسيم طالب ماستر في لبنان واحد من هؤلاء، كيف يفعل هذا؟

من الحاجة الاجتماعية كوَّن وسيم خلفيته، ووجوده في لبنان كبلد منفتح ساعده على التفكير بحرية، والتخطيط لمستقبله ومستقبل بلده بعد التعافي.

سوريا منذ الأحداث في عام 2011 أصبحت ضحيةً لاتجاهات سياسية وعقائدية متنوعة بالنسبة إليه، إضافة إلى الحاجة الإنسانية، فبنى هذا الشاب رأيه في السياسة، ليكون ذا بُعد اجتماعي، بهدف تحقيق فهم مشترك بين السوريين، بما يضمن للسوريين حياةً أفضل، لا يعتبر وسيم نفسه مؤثراً بالواقع السوري، إلا بمحور نشاطه.

يرى نفسه بعد 5 سنوات في سوريا صاحب مشاريع ومبادرات لفهم الحالة الدينية الأوسع، وللتّقارب الديني في سوريا، لهذا السبب تحديداً قرَّر الدراسة في لبنان، والتخصص في الدراسات الإسلامية المسيحية في جامعة القديس يوسف، وكان قد شرع بها عبر برنامج قادة التفاهم الديني، فبدأت تظهر لديه بذور حب المعرفة لموضوعات لها ارتباط بالتفاعل الديني بين الناس، واعتباره مدخلاً للمواطنة، إضافة إلى ممارسة الشأن العام.

هكذا يكون وسيم كغيره من زملائه السوريين موجوداً بهدف في لبنان، والبقاء في هذا البلد ليس أحد هذه الأهداف، فهو يفكر في المواطَنة الفاعلة في سوريا، التي هي المحرّض الأساسي "ماذا نستطيع أن نفعل الآن، وكيف؟" على حد تعبيره، في سوريا، فظروف سوريا، ولو من الأراضي اللبنانية، شغله الشاغل، حتى يصبح قادراً على تكوين خلفيّة معرفية تساعد على التفكير في تشكيل الهويّة السورية الجديدة، منطلقاً من هواجسه الوطنية ومشكلات وطنه، وحلّها بالنسبة إليه هي بـ "خدمة الآخر". هذه الرسالة الوطنية كونها من تجربته في المجتمع المدني وفي بلده بكل ما يحمله من مشاعر ومشاكل وتجارب من الحيّ إلى المدينة، جعلت وسيم على ما هو عليه اليوم.

 إنسان يميّز بين الناشط السياسي غير الحر في بعض البلدان العربية، نسبة لأن الحرية محددة بسقوف وأنظمة سياسية واجتماعية تعيده للسرب، بالضغط السياسي تارةً، والضغط الاجتماعي تارة أخرى، فيجد وسيم نفسَه في وضع آخر "ناشطاً في الشأن العام"، يصف نفسه باعتبار أن لكل بلد ظروفه، طامحا إلى الغوص في الهمّ الاجتماعي، لا التعلق بمفاهيم السلطة.

 بالنشاط في الشأن العام يقيّم مساره طويل الأمد، غير أن الأكيد أن مسار سوريا طبع خياراته الأكاديمية منذ البداية، التي كانت بجامعة دمشق، باختصاص العلوم السياسية، منطلقاً من "السياسة كمقاربة اجتماعية"، على حد تعبيره، أي كيفية توحيد الناس مع بعضها، للنهوض بالوطن، فبنظرة الخلافات في سوريا تظهر على شكل نعرات أو استقطابات دينية في كثير من الأحيان بين السوريين، خصوصاً مع انتهاء المعارك في كثير من المناطق، وتزايد خطاب الاستقطاب بين الطوائف والأديان المتنوعة.

 هو يريد أن يكون شخصاً قادراً على فهم هذه التفاعلات، وتحديد الأسباب والأبعاد لتحويل النزاع إلى إيجابي، فكان أن دَرَس الإعلام، غير أنه لم ينتظر التخرج ليكتب، فهو يدوّن ويؤسس "مدونة الشأن العام في سوريا"، حيث تشارَك معارف مع السوريين، ومعلومات ونصوص قوانين، وتوضيحات قانونية، تمكن السوريين من تشكيل وعي وآراء، وتساهم في خلق خلفية معرفية وافية للسوريين حول شؤونهم جميعها.

 هذه الخطوة ليست إلا واحدة في مسار إعلامي واجتماعي، كان من محطاته مشروع "بيانو"  في سوريا، وهو عبارة عن لقاءات إسلامية مسيحية بين ناشطين مجتمعيّين بسوريا، يحاولون في لقاءات لعدّة أيام تشكيل فهم مشترك واسع عن عقائد بعضهم البعض، واتجاهاتهم الدينية، كما ينشط وسيم في تحرير المحتوى في منصّة "إنسان"، المنطلقة من حلب، وتهدف إلى خلق محتوى إلكتروني حقيقي  يضيء على الأعمال الإنسانية في سوريا، تشمل هذه التجربة آلاف المتطوعين الشباب والصبايا، الذين يقومون بمبادرات إيجابية، وتُعنى بالجهود الإنسانية، فتُحقق آلية تشبيك بين أصحاب هذه الجهود.

لوسيم دور في "إنسان"، مثله مثل عدد من المتطوعين السوريين، من مختلف المناطق، وسيم منحاز لكل ما هو مع الإنسان السوري تحديداً… وعن العلاقة مع لبنان يقول وسيم لا يزال لبنان هو مساحة معرفيّة ومساحة تلاقي لكلّ السوريين على اختلافاتهم، ننظر بكل حبّ وأمل إلى هذا البلد وأهله، تجربة وسيم هي واحدة من آلاف التجارب الإيجابية. فهل يقتنع بعض القادة اللبنانيين أن البعض في لبنان يخطط للخروج منه مثقفاً حراً مستقلاً؟.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
ريتا شهوان
صحفية لبنانية
تحميل المزيد