لماذا تستهدف إسرائيل فضائية الأقصى دائماً؟

تم النشر: 2018/12/02 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/03 الساعة 09:59 بتوقيت غرينتش
فضائية الأقصى التي تبث من غزة

قررت أن تكون، فكانت، وبشكلٍ مختلف، وأن تتميز، فتميزت، وبأسلوبٍ رائعِ، وأن يُشار لها بالبنان، فحصلت على أرفع أوسمة الشرف، ورغم صغر سنينها، فقد سكنت في أعماق القلوب، وببراعةٍ، أوقعت الكثيرين في حبها، واصطفوا بكامل إرادتهم في قائمة المعجبين بها؛ لأنهم يتشوقون لمن يدافع عن حق الإنسان في الاستماع لصوت بلبل يشدو بلحنٍ جميلٍ، ويعبر عن الفكر النابض بالحيوية والناطق بالحقيقة والساعي للحرية، فكانت المرشد للباحثين عن الصواب في صحراء المعرفة، إنها فضائية الأقصى.

فضائية الأقصى هي منبر إعلامي مقاوم كبير وأكبر من كل الحروف، فقد وُلدت في ظروف استثنائية وبفكرة استثنائية، وسارت بقوة وسط حقل أشواك حتى صارت قوية لا يضرها من خالفها أو من خذلها، فمنذ ولادتها قدمت الكثير المفيد، حيث ساهمت في إحداث نقلة في الوعي العام، وإدخال الإحباط إلى المتحف وإغلاق متاجر اليأس، وإنعاش الهمَّة واستنهاضها تجاه قضايا الأمة وخاصة قضية فلسطين.

كما ساهمت في نقل حقيقة الاحتلال ومجازره ضد الشعب الفلسطيني، ووضعت إمكانياتها لخدمة القضية والشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وخلقت تفاعلاً عربياً ودولياً رائعاً مع القضية الفلسطينية، وواكبت الأحداث الميدانية دون أن تغفل عن أي حدث.

 

لماذا يستهدف الاحتلال فضائية الأقصى؟

لم يرُق لغربان الليالي نمو أجنحة البلابل، فتحالفوا ضدها وتحلفوا لها، وأقسموا بالشيطان الرجيم أن يحرضوا كل الوحوش ليأكلوا من لحمها، فأمطروها بالسهام، فقبل عدة سنوات أصدر القضاء الفرنسي قانوناً يجرّمها ويعتبرها إرهابية، بحجة أنها تنشر الكراهية وتحرّض على الفتنة، وأن الحل الأسلم للتخلص من شرّها هو إغلاق عينيها حتى لا تُرى ولا تَرى.

ثم إنه في كل عدوان صهيوني على غزة ينال فضائية الأقصى حظ وافر من صواريخ الاحتلال، فيقصف مبانيها ويغتال رجالها ظناً منه أنه بذلك يُسكت صوتها، وأنه بهدم المباني تموت المعاني وتنتهي الرسالة، لكنها بعد كل قصف تقف شامخة لتسهم في دحض الرواية الصهيونية، ولسان حالها (عبثاً تحاول لا فناء لثائر… أنا كالقيامـة ذات يـوم آت) كما قال الشاعر العربي مهذل مهدي الصقور.

إن من المفاخر التي سيكتبها التاريخ عن فضائية الأقصى رفضها طلب الاحتلال عدم بث فيديو يُظهر إطلاق المقاومة الفلسطينية صاروخ كورنيت على حافلة جنود صهاينة في جولة التصعيد التي وقعت في نوفمبر عام 2018.

 

هل ستموت فضائية الأقصى؟

من الذي قال إن هدم المباني هو المعادل الموضوعي لهدم المعاني؟ من الذي قال إن موت صاحب  الفكرة أو إصابته هو بداية لموت الفكرة؟ ومن الذي قال إن الإنسان صاحب الحق معدوم الوسيلة، إن من يقول بذلك جاهل بسنن التاريخ التي لا تحابي أحداً، لذا فإن المنطق الطبيعي يقول إن الباطل قد يطول عمره، وقد يقتل من أصحاب الحق الكثير، لكن الغلبة في النهاية للحق، ستبقى فضائية الأقصى شمسٌ لا تغيب تمد نفوسنا بمعاني العزة والفخار، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مصطفى أبو السعود
كاتب وباحث فلسطيني
تحميل المزيد