آخرها قصة الطبيب النفسي.. الحقيقة الخفية وراء ظاهرة الانتحار في مصر

عدد القراءات
1,688
عربي بوست
تم النشر: 2018/11/25 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/12 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش
الطبيب النفسي المصري الذي انتشرت أخبار انتحاره

يعد الانتحار من المواضيع المأساوية والحساسة للغاية عند مناقشتها. وهذا أحد الأسباب التي تجبر الناس على بذل قصارى جهدهم كي لا يتحدثوا عنها. ومع ذلك، عندما تقع المأساة ويُنهي أحدُهم حياتَه، لا يصبح من الممكن الاستمرار في التجاهل.

هذا ما حَدَث مؤخراً حين بدأت تنتشر الأخبار المأساوية عن انتحار طبيب نفسي وشاب وأب في مدينة دمنهور. تقول القصة، كما نشرتها مصادر إعلامية مختلفة، إن الطبيب إبراهيم أحمد نصرة، الذي يعمل بقسم الأمراض النفسية والعصبية بمعهد دمنهور التعليمي، انتحر بإلقاء نفسه من الطابق التاسع.

وبعد انتشار خبر انتحاره، بدأ الناس على وسائل التواصل الاجتماعي في تداول بعض اللقطات من منشورات كتبها إبراهيم على حسابه الشخصي على فيسبوك. كانت المنشورات تعبر إلى حد بعيد عن الاكتئاب الحاد الذي عانى منه إبراهيم لوقت طويل.

لكن من المدهش أن التقارير أفادت فيما بعد أن الطبيب الشرعي قرر أن وفاة إبراهيم نتجت عن حادثة، وليست انتحاراً.

وهو ما يثير قضية أكثر خطورة متجذرة في مجتمعنا المصري. إنها الطريقة التي نفضل فيها دفن رؤوسنا في الرمال وإخفاء الحقيقة حول الانتحار. وسواء قفز أم انزلَق، فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها تكمن في أنه كان يعاني بشكل واضح وهو على قيد الحياة.

ربما انزلق بالفعل، أو ربما كان يريد القفز لكنه تردد في اللحظة الأخيرة، أو ربما قفز بالفعل. لكن الواقع أنه لا يمكننا أبداً معرفة ذلك بالضبط، لأن إبراهيم قد رحل، وكذا كل هؤلاء الذين مروا بمعاناة خلال حياتهم حتى قرروا أن يضعوا نهاية لها. ومع ذلك، يبدو أننا نهتم فقط بتجميل الحقائق القبيحة حتى نتمكن من الاستمرار في حياة الإنكار التي نحياها.

لا يعد هذا بالجديد، وإبراهيم ليس الأول ولن يكون آخر مَن يعانون في صمت ثم يرحلون عن عالمنا في ذروة المعاناة. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعدّ الانتحار ثانيَ أبرز أسباب حالات الوفاة بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15-29 عاماً على مستوى العالم. وتحتل مصر "رسمياً" المرتبة رقم 143 على مستوى العالم بالنسبة لمعدّلات الانتحار، إذ تسجل 4 حالات انتحار بين كل 100 ألف شخص. وهذا ما تشير إليه السجلات الرسمية فقط.

ومع ذلك، بسبب القيم التقليدية والوصمة التي تلحق بالانتحار في الدول الإسلامية، هناك نقص ملحوظ في الإبلاغ عن حالات الانتحار، وذلك بصورة كبيرة، لدرجة أنه ليس هناك أي توثيق إحصائي رسمي للانتحار في مصر. ومن المؤسف أكثر والأشد خطراً أنه إذا حاول شخص ذو ميول انتحارية أن يحصل بالفعل على المساعدة، فلن يتمكن من الحصول عليها، لأن مصر لا تمتلك حالياً خطاً ساخناً للانتحار!

إن إنكار وجود المشكلة لن يجعلها تختفي. ولن يخفف إطلاق اسم آخر عليها من قوة الصدمة. لكن مواجهتها مباشرة ومحاولة التوصل إلى حل لها قد يؤدّيان إلى هذه النتيجة في النهاية. بصفته طبيباً نفسيّاً، كان إبراهيم يعرف عن العقل البشري والصحة النفسية أكثر مما يعرف الشخص العادي. ومع ذلك، ظل يعاني بشدة وحده. لقد فات الأوان بالنسبة له الآن، لكن يمكننا أن نستغل هذا النموذج لنفتحَ أعيننا ونحاولَ إحداث التغيير. لا تنتظر حتى يفوت الأوان بالنسبة لك أو بالنسبة لأي شخص آخر، تحرك الآن! إذا كنت تعاني، اطلب المساعدة! فأنت بحاجة إليها، وتستحقها، ولن يلحق بك العار لطلبها.

– هذا المقال مترجم عن مدونة مجلة Identity المصرية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
أمنية عيسوي
ناشطة في مجال الصحة النفسية
تحميل المزيد