منشار خاشقجي

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/19 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/19 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
الكاتب السعودي الراحل جمال خاشقجي/الأناضول

خرج الكثير من أبيات الشعر بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، قرأت منها ولا أعرف كاتبها

ما ليس يُمحى بالأسيدْ اسمي الذي حاز الخلود

يا قاتلي إني هنا لو قطّعوني بالحديد

أنا إن طُحنتُ وإن نُشرتُ وإن صُهرت غداً أعود

لا تسألوا عن هيكلي فأنا المخلّد والشهيد

الكون ضاق بقبحكم وأنا الجمال بلا حدود

ما ضاقت الدنيا عليّ وقد نجوت من اللحود

خنقوا حروفي كي تموت فصرت أغنية الوجود!

 

قتلوا الرجل بشكل مجرم متوحش، وعزفت تركيا أجمل لحن حرية سمعه العالم بأَسره رغم أنف الاستبداد، فقامت بتدويل القضية وتحريك الرأي العام، حتى خرج النائب العام السعودي ليقر بما يتم نفيه منذ أسابيع.

قُتل الرجل بقنصلية بلاده في إسطنبول

فريق كامل قام بخنقه وتقطيعه وتذويب جسده بالأسيد بعد إخراجه فى 5 أكياس من السفارة!

قالت الصحف التركية عن تسريب صوتي لآخر ما قاله خاشقجي (أبعِدوا هذا الكيس عن رأسي؛ لا أستطيع أن أتنفس!).

أخيراً، أقيم عزاء للرجل وصلاة جنازة على روحه بعد صلاة الجمعة، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بالمسجد المكي والمدني، وعموم مساجد المسلمين في أنحاء العالم.

رأينا صورة ولده الممنوع من السفر وهو يتلقى العزاء في قصر الملك تجديداً للبيعة.. رأينا النظرة التي لم يخفها الخوف من مصير والده..

هذا الألم الذي عم قلوبنا.. ذلك الإرهاب الذي لا نعرف ماذا نسميه، القمع الجائر لحق الإنسان في الحديث والحرية!

رأيناه موصولاً في مصر مع اعتقال الناشطة الحقوقية والمحامية هدى عبد المنعم مع ابنة المهندس خيرت الشاطر عائشة وزوجها ومجموعة أخرى من الفتيات.

خمسة عشر يوماً لا نعرف إن كانوا بخير.. وهناك الكثير من الفتيات تم اقتيادهن للإخفاء القسري قبل هذا.

هذه الصورة المفجعة من الديكتاتورية تجعل الشعوب العربية المسلمة تنظر بأسى بالغ كأنه لم يبق في الدنيا أمل ولا بارقة حرية ولا فكاك.

وكأن تلك السطوة الغاشمة للأنظمة القمعية التي تسيطر على بلادنا صارت القانون الوحيد.

رفع الصوت: عقوبته الموت.. مات خاشقجي واختفت هدى وعائشة وغيرهما ولا نعرف مصيرهم حتى الآن.

ثم خرجت علينا غزة.. البقعة الوحيدة  المضيئة بأنوار الحرية في هذا العالم.

خرجت لتمنح شرف أمتنا المطعون قُبلة على رأسه.. ضمادة باردة لجراحنا جميعاً.

خرجت غزة لتثأر من مقتل قائدها القسامي نور الدين بركة بتفجير حافلة للجنود، وتفجير حفنة من الجنود نزعوا عَلم فلسطين، ورمي460 صاروخاً على تل أبيب،  وإدخال اليهود في خنادقهم فزعاً من الجحيم الغاضب.

وسط هذا الكم الهائل من الحزن خرجت لنا  تلك الأحداث في  غزة كعروس تتزين لعرس تشتاقه الأمة، واستقال وزير الدفاع الإسرائيلي احتجاجاً على الهدنة التي تمت بعد يومين من تبادل القصف بين فصائل المقاومة في غزة وتل أبيب.  

لن تخترقوا حدود غزة.. لن ترتفع رايات موتكم الأسود على حصونها، وشهدائها أحياء ما داموا قد قدّموا الروح فداء لحرية الأرض والعرض.

انتصرت غزة لتخبرنا بأن منشار خاشقجي الذى ذبح وريدنا وما يحدث في مصر من تنكيل بالمعارضة لم يقتل هذه الأمة، وأن هناك طفلاً في رحمها يوشك على الخروج صارخاً ومبشراً بميلاد الحرية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
زينب سعد
أم وأخصائية تخاطب
تحميل المزيد