من الديون والفقر إلى الأضواء والشهرة.. ما لا تعرفه عن أشهر مدربي اللياقة والتخسيس في أميركا

عدد القراءات
2,565
عربي بوست
تم النشر: 2018/11/18 الساعة 13:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/12 الساعة 10:15 بتوقيت غرينتش
مدرب اللياقة الشهير كريس باول وزوجته

ذات يوم طلبت من موقع يوتيوب أن يعرض لي تمرينات لياقة بدنية خفيفة، فاختار لي 3 أفلام صورها كريس باول. ولما أخذت بنصيحة يوتيوب وجدتني معجباً بشخصية الشاب الأميركي الرشيق كريس باول، وبدأت أتابع برامجه التلفزيونية، حيث يختار شخصيات عشوائية من المشاهدين، ثم يتابعهم شخصياً على مر عام أو يزيد، يدربهم على تمرينات رياضية من شأنها خفض وزنهم ورفع لياقتهم، كما يعرفهم على خبراء تغذية، لمساعدتهم على اتباع حِمية غذائية صحية لا تكسب الجسم شحوماً أو أوزاناً إضافية.

كل حلقة تعرض قصة نجاح كل راغب في خسارة وزنه، وتختصر عاماً من عمره قضاه مع المدرب الشهير كريس باول، الأمر الذي جعلني متشوقاً لمعرفة المزيد عن قصة هذا الرجل الهادئ، الذي ربما لم ينل شهرة في عالمنا العربي… بعد!

كريس باول
كريس باول

 

في عام 2006 كان كريس أول مدرب لياقة بدنية لديه من الشهرة ما يكفيه للعيش بأريحية وسعادة، حيث كان يظهر في برامج تلفزيونية ولديه قائمة من العملاء ثقيلي الوزن، فعلياً ومجازياً، إلا أنه واتته فكرة تجارية جديدة أراد تنفيذها بنفسه…

كانت الفكرة صنع حاوية تبريد طعام (سماها Stax)، يمكن حملها باليد، تحوي وجبات طعام ذات أحجام وأوزان معدة مسبقاً، مع عداد تنازلي، والغرض من كل ذلك هو مساعدة أولئك المتبعين لحِمية غذائية وبرنامج لياقة بدنية على الالتزام بتفاصيل جدولهم وبرنامجهم الغذائي.

متحمساً لتنفيذ فكرته، أنفق كريس باول 75 ألف دولار من مدخراته مقابل تصنيع وشحن هذه الصناديق المبردة (في الأغلب في الصين)، ثم أضاف إليها 100 ألف دولار اقترضها من معارف وأصدقاء بغرض استثمارها في هذا المشروع الذي حتماً سينجح… أليس كذلك؟

تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن

ثم حلَّ ميعاد وصول الشحنة الأولى من منتَجه، وخرج منها أول صندوق كرتوني يغلف المنتج، ليفتحه كريس ويجد المفاجأة التي غاصت بقلبه وجعلت الدنيا تسودُّ في وجهه…

كانت جودة التصنيع والمكونات سيئة للغاية، شابتها أخطاء كثيرة في التصنيع… المكونات تتحطم عند أبسط استخدام، والمقاسات كانت خاطئة…

منتَج كريس باول الذي لم ينجح
منتَج كريس باول الذي لم ينجح

 

لا يأس.. بعد!

قرر كريس استئجار عمال محليين، لمعالجة عيوب المنتج الذي وصل إليه، يعملون في جراج صديق له، وبدأ يشتري مكونات محلية لاستبدال تلك الرديئة، واعتمد على بطاقات الائتمان الخاصة به لتمويل كل ذلك، كما اقترض المزيد من المال من دائرة معارفه.

حتى وصل كريس إلى نقطة بلغت فيها تكلفة المنتج أكثر من سعر بيعه…

قبلها، اضطر إلى ترك التدريب وعمله الخاص، للتركيز على حل مشاكل التصنيع، ما جعل دخله الشهري صفراً.

ورغم كل ذلك، استمرت عيوب التصنيع تكشف عن وجهها القبيح على الرغم من كل جهود الترقيع وعلاج العيوب.

بعد مرور عامين، وبحلول مايو/أيار 2008، لم يعد كريس باول قادراً على دفع إيجار بيته أو فواتيره الشهرية.

خسر كريس كل شيء، وبلغت ديونه 200 ألف دولار، حتى إنه اضطر إلى العيش والنوم في سيارته بعدما ضاقت به بيوت أصدقائه، وبات يتجنب الدائنين ولا يردُّ على اتصالاتهم.

للخروج من هذه الأزمة، قرر كريس الرحيل إلى مدينة جديدة، ليبدأ بداية جديدة.

بداية جديدة في كاليفورنيا

ركب كريس سيارته وقادها خارجاً من مدينته حتى ولاية كاليفورنيا، وهناك عاد للتدريب من جديد، وبدأ يحقق دخلاً صغيراً سمح له باستئجار بيت صغير.

ثم كان أن حضر كريس دورة تدريبية لتطوير الذات، ليقابل فيها هايدي، فتاة تحب مساعدة الناس، وبسبب خبرتها في إدارة أعمال أسرتها والحِس التجاري لديها، وضعت خطة عمل، لكي يتمكن كريس من سداد كل ديون بطاقات الائتمان التي كانت عليه، وعلَّمته كيف يجب عليه الرد على اتصالات الدائنين، وكيف يطلب منهم وضع خطة سداد بأقساط عادلة، وأن يبدأ بسداد الديون ذات معدل الربا الأعلى، وهو ما كان.

بعدها، أصبحت هذه الفتاة زوجته وأم أبنائه، وشريكته في برامج التدريب التي يؤديها.

المفاجآت السعيدة

 ديفيد سميث
ديفيد سميث

 

ذات يوم نشر رجل اسمه ديفيد سميث صورة له وهو سمين يزن قرابة 300 كيلوغرام، وصورة له بعدما خسر أكثر من 200 كيلوغرام من وزنه، على حسابه في موقع ماي سبيس.

تناقل الناس الصورة بشكل كثيف، الأمر الذي جلب له شهرة كبيرة، خاصة مدرب اللياقة البدنية الذي وضع له نظاماً غذائياً صحياً، وبرنامج تدريب لياقة بدنية يناسب حالة ديفيد. وبعد مرور قرابة عامين، تحول السمين إلى شاب وسيم يتناقل الناس قصته، وأصبح مَثلاً أعلى ينظر إليه الطامح في خسارة وزنه.

ديفيد سميث الذي خسر 200 كيلوغرام بمساعدة كريس باول

هذه الشهرة جعلت محطات التلفزيون والجرائد والمجلات تبحث عنه، لعرض المزيد من تفاصيل قصته التي تحولت لفيلم قصير بعنوان "The 650 Pound Virgin" أُذيع في عام 2009.


بالطبع، هذه التقارير سلطت الضوء على المدرب العبقري الذي استطاع فعل ذلك، كريس باول، الذي واتته الفكرة عندها: لماذا لا يعمل على إعداد أفلام وثائقية تؤرخ المراحل الزمنية التي يمر بها كل سمين ينخرط في برامج كريس باول لخسارة الوزن.

كان من ضمن أصدقاء كريس مخرجة تعمل في شركة إنتاج، عرض عليها الفكرة، ومعاً وضعا تفاصيلها على الورق وعرضاها على القناة التلفزيونية ABC الشهيرة.

كانت الفكرة الأولية أن يقوم أحد المشاهير بتدريب البطل السمين، لكن شركة ABC أرادت أن يقوم كريس باول بنفسه بتقديم هذا البرنامج (الذي أصبح اسمه فيما بعد Extreme Weight Loss)

النهاية السعيدة

استغرق الأمر مرور 5 سنوات على قدومه إلى كاليفورنيا، ليسدد كريس باول آخر سنت من ديونه، لكنه مقابل ذلك تعلَّم دروساً ثمينة جداً، ساعدته على اتخاذ قرارات سديدة بعدها، منها أن يكون متواضعاً، وأن يعرف أن الغرور نهايته الخسارة، وأن يفهم مخاطر الديون، وضرورة تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على أي دخل سيتحقق في المستقبل، إلا بعد أن يدخل حسابه البنكي!

كذلك، جعلت سنوات الديون هذه أي نجاح يحققه كريس ذا أثر إيجابي كبير على نفسه ونفسيته، وهو ما انعكس على طريقة تفكيره وعلى برامجه التدريبية والتشجيعية لخسارة الوزن.

الدروس المستفادة من القصة

حين تنجح، لا تجعل هذا الدافع يدفعك للظن أنك لن تفشل بعدها. الزم التواضع.

اعمل بجهد وتعب مع العملاء، حتى تأتيك المفاجآت السعيدة غير المتوقعة منهم. كريس عمل عامين متصلين مع ديفيد سميث.

هذه الملحوظة وجدتها في أكثر من قصة نجاح: في بعض الأحيان يكون الخروج من مدينتك التي فشلت فيها سبباً للنجاح في غيرها. لا أقول إن ذلك قانونٌ ينطبق في كل الحالات، لكن في بعض الحالات يكون اقتراحاً وجيهاً جديراً بالتجربة.

على الجانب

من الواجب هنا سرد نهاية قصة السمين الوسيم ديفيد سميث، الذي زاد وزنه إلى قرابة 150 كيلوغرام مرة أخرى، وذلك لأنه كان يعاني مشاكل نفسية عميقة، كان يهرب منها بتناول الطعام، فلما تركه كريس باول ليدرب غيره من الناس، انهار وعاد إلى عاداته السيئة القديمة وخسر وظيفته، إلا أنه بعدها وبمساعدة الأصدقاء، قرر العودة إلى صالة التدريب واتباع حمية صحية.

يمكنك متابعة أخبار ديفيد على صفحته في فيسبوك، وربما كنت من الكرم بحيث تركت له تعليقات إيجابية تشجيعية.

شبايك

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
رؤوف شبايك
كاتب متخصص في التسويق
تحميل المزيد