مررتُ على محل بقالة كبير (سوبر ماركت) وأنا في طريقي إلى العمل صباح اليوم لأشتري بعض لوازم موظف رابض في مكتبه حتى غروب الشمس، لوازم من طعام وشراب لتسد جوعه أو لتُسرِّي عليه مثل الأطفال. دخلت المحل الذي أُعتبر زبونة دائمة له لأجده مكتظاً بالزبائن الذين يقفون وحدهم من دون مساعدة من الصِّبْيَة الذين دائماً ما يقفون لتلبية طلبات الزبائن فقد بدا المحل خالياً منهم وبدا صاحب المحل مشغولاً على مقعده الدائم لتحصيل النقود، وكان الزبائن مصطفين أمامه انتظاراً لإنهاء مكالمة كان يسجل منها بالكتابة طلبات زبون آخر، والأكثر من ذلك أنه قام من مقامه ليتفحص بضاعته للرد على استفسارات الطالب، فبدا وكأنه غارق في شبر ماء، فقلت في نفسي فلأساعد نفسي بنفسي وأتجول في المحل لألتقطَ ما أريد فإذا بي أجد صبيان المحل البالغ عددهم أربعة وقد افترشوا أحد أركان المحل ليتناولوا إفطارهم وهم يتضاحكون بل ويقهقهون فسررت بسرورهم، لكن ما استوقفني هو رحمة صاحب المحل وكرم أخلاقه.
موظف خدمة العملاء
ذهبت ذات يوم بعد العمل إلى شركة خدمات التليفون المحمول التي أتعامل معها لعرض مشكلة طرأت عليَّ تتلخص في أن الإشعار الذي اعتدت استقباله فور انتهائي من إجراء أية مكالمة والذي يفيد بما لديَّ من دقائق لم يعد يظهر لي، وأنا أفضل أن أكون على بيِّنة من أمري على الدوام، فشرحت لموظف خدمة العملاء مشكلتي فسارع إلى حلها على الفور وأخبرني أن لديَّ 30 دقيقة، وسألته ما إذا كانت ثمة عروض لأشترك في أنسبها فقدم لي وصفاً لبعض العروض وأعجبني أحدها وسألته ما إذا كانت ستتحول الـ 30 دقيقة المتبقية في نظامي الحالي إذا غيرت إلى غيره فأجابني: "لا.. لن تتحول"، فكنت أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن أتنازل عن دقائقي القليلة أو أنتظر ريثما استهلكها وأعود لأغير النظام، وبعد إجراء موازنة سريعة للأمر في رأسي قررت التنازل عن الدقائق والاشتراك في عرض آخر فقد قلت في نفسي لا داعي للحفاظ على الدقائق مقابل تكرار المشوار للشركة وما قد يستغرقه من وقت.
وقد فوجئت بعدما أجريت بعض المكالمات –بالنظام الجديد- برسالة وردت إليّ تفيد بأنني استهلكت كل الدقائق المحوَّلة من النظام القديم واستهلكت 3 دقائق من الجديد أيضاً فاندهشت ولم يكن أمامي سوى تفسيرين لما حدث:
فإما أن يكون النظام الآلي للشركة كان شاهداً على ما دار في رأسي وقت المفاضلة بين استبقاء دقائق النظام القديم والتغيير إلى جديد مع التنازل عن تلك الدقائق، وأراد ألا يسبب لأحد العملاء أدنى إزعاج، وربما أراد أن يسترضيه أيضاً، وهذا بالطبع شيء يسعدني!
وإما أن يكون الموظف غير ملمّ بكل تفاصيل عمله من موقعه في خدمة العملاء وهذا بالطبع شيء يُحبطني!
كتابة رسالة إلكترونية
حضرت دورة تدريبية بُعيد تخرجي في الجامعة موضوعها الإعداد لسوق العمل، وتعلمت من خلالها طريقة كتابة الرسالة الإلكترونية بطريقة مهنية، فتعلمتُ أن أبدأ بإرفاق المرفقات (attachments) ثم كتابة متن الرسالة (the body) ثم عنوان الرسالة (the subject) وأخيراً تحديد المُرسل إليه الرسالة والذي ينبغي أن يكون عنوان بريده الإلكتروني (e-mail address) يحمل اسمه الرسمي وليس اسماً رمزياً أو مدللاً.
والجدير بالذكر أنني أتذكر هذا الترتيب كلما وردت إليّ رسالة من دون عنوان أو قرأت رسالة مُشار فيها إلى مرفقات غير موجودة، أو عندما أنتهي من كتابة رسالة وأظل أبحث عن عنوان المُرسل إليه لأجده مكتوباً باسم رمزي أو مدلل، أو عندما يَغُرُّنِي إلمامي بالترتيب، والذي من المؤكد أنه اُستخلص بناءً على خبرات العقل البشري، فأخلّ بالترتيب استناداً إلى وعيي الحاضر فأقع في الخطأ.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.