في يوم الأربعاء، 14 نوفمبر/تشرين الثاني، التقى وليّ عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد مع قادة حزب الإصلاح اليمني ، امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، في ما بدا أنَّه تحول جذري في السياسة.
اعتُبِرَ الاجتماع مع رئيس المجلس الأعلى لحزب الإصلاح محمد عبدالله اليدومي، والأمين العام للحزب عبدالوهاب الآنسي، علامة مُفاجئة على التقارب في أعقاب تقارير إعلامية بأنَّ الإماراتيين استأجروا فريقاً من المرتزقة الأميركيين والإسرائيليين لاغتيال أعضاء قيادة حزب الإصلاح.
يأتي الاجتماع بعد وقتٍ قصير من ترحيب وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش بمحادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة في السويد وسط أنباء عن وقف معركة الحديدة في اليمن.
وحدث تحرك مماثل في شهر أغسطس/آب الماضي عندما ألغى الائتلاف الذي تقوده السعودية صفقات مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، للتلاعب بالديناميات الإقليمية ضد الحوثيين المصطفِّين إلى جانب إيران.
تغيير الدينامية السياسية
هناك سببان رئيسيان لتغير موقف الإمارات تجاه حزب الإصلاح: أولاً، تمارس الولايات المتحدة الأميركية ضغوطاً على الإمارات والتحالف الذي تقوده السعودية للدخول في محادثات سلام مع الخصوم الضعفاء لإنهاء الحرب.
ثانياً، تُعزِّز الإمارات قوتها مع حزب الإصلاح، بمعزلٍ عن التحالف ضد الحوثيين، من أجل الحدِّ من المخاطر التي تواجه مشاريعها المؤسسية التجارية في الجنوب.
ولكن أيضاً، من الواضح أنَّ حزب الإصلاح قَبِلَ الدعوة نتيجة الإرهاق من الصراع وتفوُّق القوات المدعومة من الإمارات في جنوبي اليمن. ولم يكن نفوذ الإمارات على خلاف مع حزب الإصلاح فقط، بل الأهم من ذلك أنَّه كان ضد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المدعوم من السعودية.
في حين التزم وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصمت حول دعم الإمارات للكيان السياسي الانفصالي، على الرغم من حقيقة أنَّ هذا الدعم يتناقض مع هدف الائتلاف الأساسي المُتمثل في دعم هدف هادي في التوحيد.
ويجب على المرء أن يتساءل عمَّا إذا كانت صحوة الإمارات الدبلوماسية مع حزب الإصلاح سوف تُخفِّف من عداوته السياسية والعسكرية ضد جماعة الإخوان المسلمين. ولا يمكن إنكار أنَّ حزب الإصلاح لديه الكثير من الشكوك تجاه موقف الإمارات.
منذ وقتٍ قريب، ذُكِرَ أنَّ الإمارات استأجرت مرتزقة أميركيين وإسرائيليين لقتل أعضاء من حزب الإصلاح، ما تسبب في توتر خطير داخل حزب الإصلاح حول كيفية التعامل مع تواجد الإمارات في اليمن.
بالإضافة إلى ذلك، اعتُقِلَ أعضاءٌ من حزب الإصلاح في مداهماتٍ لمكافحة الإرهاب مدعومة من الإمارات في عدن، ما زاد من تعقيد الوضع. بل اتَّهَم عضوٌ في حزب الإصلاح، وهو عيسى قاضي، الإمارات بالعمل على محو النفوذ السياسي للجماعة في اليمن.
قال قاضي، عضو حزب الإصلاح في مدينة تعز اليمنية، لموقع Middle East Eye البريطاني، الشهر الماضي أكتوبر/تشرين الأول: "بالرغم من أنَّ الهدف المُعلَن للإمارات في اليمن هو دعم الحكومة الشرعية، فإنها تُحارب الشرعية بكل قوتها".
لن يحدث تغيير في اللعبة
في عام 2017، سافر اللواء عيدروس الزبيدي، وهو الآن في هيئة المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى أبوظبي لحضور اجتماع مُماثل. ووقع هذا في وقتٍ كانت فيه الحركة الجنوبية المؤيدة للاستقلال ضعيفة. وحصل الزبيدي على دعم سياسي، ومالي، وعسكري من الإمارات لإنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي رسمياً.
وعلى الرغم من أنَّه اجتماعٌ نادر بين حزب الإصلاح والإمارات، فإنه لن يكون عاملاً مُغيِّراً للعبة؛ وذلك بسبب علاقة مُتباينة للغاية في النظرة الأيديولوجية والسياسية. والنتيجة الأكثر ترجيحاً من الاجتماع هي حدوث تحالف من أجل المصلحة في ما تعلَّق بالوضع الراهن، ولكن إلى متى سيستمر هذا الوضع يعتمد على المفاوضات الدبلوماسية الوشيكة في السويد، وبالطبع على المشاعر الداخلية في كلا الجانبين.
ويُعد أحد الأسباب التي ساهمت في الحصار الجوي، والبحري، والبري بقيادة السعودية والإمارات ضد قطر هو دعم قطر للإخوان المسلمين. في عام 2014، صنَّفت الإمارات والسعودية جماعة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابية. أما كيف يمكن توفيق هذا مع الموقف السعودي والإماراتي في ما يتعلَّق بالنظرة المستقبلية لحزب الإصلاح في نزاع اليمن، فهذا أمرٌ لا زلنا بانتظاره. ولكن من المؤكد أنَّها لن تُعزز أي تطور هيكلي وسياسي لحزب الإصلاح.
وبغض النظر عن مدى صدق هذا التقارب، إذا ساعد في إحراز تقدم في تسوية الخلاف في اليمن وإنهاء الصراع، فمن المؤكد أنَّه يستحق المحاولة. إنَّ الحقيقة هي أنَّ الوقت ينفد، على الرغم من حقيقة أنَّ أطراف الصراع تتقاتل عمداً دون أفقٍ لنهاية حقيقية لهذا الصراع.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع The Middle East Eye البريطاني.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.