الشرق الأوسط بحاجة إلى مزيد من الكوميديانات مثل ريم نبيل لتحدي الوضع الراهن

عدد القراءات
3,740
عربي بوست
تم النشر: 2018/11/16 الساعة 12:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/16 الساعة 13:57 بتوقيت غرينتش

عندما اجتاحت موجة الاحتجاجات المسماة الربيع العربي الشرق الأوسط عام 2011، جاء معها الأمل وخطط التغيير وبداية فجر جديد. دعا المتظاهرون إلى إصلاح سياسي واجتماعي من شأنه تمكين الجماهير من الاختيار وإبداء الرأي في زعمائهم. تبعتها موجة من المنظمات غير الحكومية الجديدة والجمعيات الخيرية والمنظمات التي ازدهرت بالأشخاص المتحمسين لبناء مجتمع قادر على الاستفادة والإسهام في ذاك الحلم الذي غذى الثورة، حلم الحرية والمساواة.

بعد مرور سبع سنوات، يجد الكثيرون أنفسهم يعيشون نفس الواقع الذي عاشوا فيه قبل اندلاع الثورات، لكنْ هناك آخرون يعتقدون أنهم مُنحوا صوتاً أثناء الاحتجاجات، ويرفضون السكوت الآن. تنبثق هذه الأصوات الجديدة للحفاظ على الحلم في متناول اليد.

يُعتبر المجتمع العربي مجتمعاً ذكورياً، غالباً ما تُهمش فيه النساء. لكن في عام 2011، بدأت النساء في طليعة الاحتجاجات بتغيير هذا الوضع. إلى جانب الرجال، دعت الناشطات في مصر إلى الإصلاح، وكانت نساء مثل رشا عَزَب وسناء سيف ومنى سيف وسلمى سعيد وجيجي إبراهيم وعايدة الكاشف وأسماء محفوظ ونوارة نجم يقاتِلنَ من أجل مجتمع أكثر مساواة.

من جانبها، أعربت ممثلة الستاند أب كوميدي المصرية ريم نبيل عن أملها في أن تغير الثورة صناعتها ووجدت طريقة لاستخدام فنها لمحاولة تحدي الأعراف الاجتماعية في مصر والعالم الأوسع. خلال العديد من المحادثات التي أجريتها معها، أخبرتني ريم بأنها بدأت تُعبِّر عن قضايا كانت شغوفة بها، لافتة الانتباه إلى العادات التي لم تعد مناسبة لوقتنا المعاصر.

خلال حديثي مع ريم، تذكرَتْ كيف كانت تشتهر في طفولتها بطريقتها في تجسيد وتقليد صديقاتها ومدرِّسيها في المدرسة، وكانت دائماً مصدر الترفيه في التجمعات العائلية. لكن في العالم العربي، لا يُعترف بالكوميديا على نطاق واسع، ويظل مجالاً يهيمن عليه الذكور. إذ إن جميع النساء العربيات القلائل اللواتي صنعن لأنفسهنّ اسماً في هذا المجال موجودات في الغرب، مثل مَيسون زايد، وهي أميركية من أصل فلسطيني. إلا أن ريم لا ترى أن هذا هو المسار المهني الذي ترغب فيه.

بيد أن الساخر السياسي المصري باسم يوسف غير رأيها. اشتهر يوسف، المعروف بجون ستيوارت العرب، بنهجه المبتكر في تحدي ومعارضة الأوامر السياسية والاجتماعية ما ألهم العديد من الناس. وشجع ريم على اكتشاف المزيد عن هذا "الشكل الجديد من الفن"، والذي كان ينشأ ببطء، وقد وجدَتْ فيه مهنتها التي كانت تبحث عنها. شاركت ريم في "ورشة كوميديا لتعلم كيفية أداء وفهم أساسيات الكتابة الكوميدية".

وبمجرد أن اشتهرَت، استخدمت ريم صوتها لكسر المحرمات والتحدث علناً عن التفاعلات والعلاقات الإنسانية، متحدية بذلك العادات والأعراف التقليدية.

لكن لا زالت الأغلبية في المجتمعات العربية لا تعي أو تَقبَل الكوميديا كشكلٍ من أشكال الفن. وتُواجه الكوميديانات تحديات أكبر من ذلك: إذ إن هناك قيوداً على المواضيع التي بإمكانهنّ تغطيتها أو الحديث عنها، أما المواضيع التي تبدو من غير اللائق لامرأة التحدث بشأنها، كالأحِباء (Boyfriends) والزنا والخروج ليلاً، فمحرَّمٌ عليهن التحدث بشأنها. هذا بالإضافة إلى القيود التي تُطبَّق على الكوميديين كافة في الأنظمة الاستبدادية والمجتمعات المحافِظة، فالدعابة بشأن السياسة أو الدين أو الجنس ليست فكرة قابلة للنجاح.

بعد عام 2011، وبمساعدة قوة الإنترنت، بدأ العرب في الانفتاح على العالم، وبدأت نظرة الشرق الأوسط للمرأة بالتغير.

غدا القبول بفكرةٍ أو مبدأ جديد، أو رؤية ممثلةٍ كوميدية، أسهل إلى حد ما مقارنة بما قبل الربيع العربي. لكن المنصة الكوميدية لريم نبيل أمرٌ مختلف، ويرجع ذلك بالأساس إلى جنسها. قد تجد ممثلاتٍ كوميديانات في الأفلام والمسرح والتلفاز، غير أنهنّ يصَنَّفنَ كممثلاتٍ في مشاريع يُشرِف عليها الذكور، وليس من المتوقع منهنّ أن يمتلكنَ منصتهن الكوميدية الخاصة بهنّ.

وفي وقتٍ سابق من هذا العام، كانت ريم نبيل هي المرأة المصرية الوحيدة التي تظهر في النسخة العربية من البرنامج الأميركي Comedy Central والذي يُقام في دبي. هذه بالفعل علامة على إحراز التقدم، وعلى أن التغيير آتٍ بفضل الربيع العربي. كما أنه مؤشر إيجابي على حدوث إصلاحٍ في البنية المجتمعية، حتى وإن كان بطيئاً، لينتقل من مجتمع ذكوري بالأساس إلى مجتمع يُرحب بأولئك الذين يسعون إلى التغيير، مثل ريم، ويدعمهم لتشجيع الآخرين على تحدي وإعادة صياغة القواعد السائدة بما يتناسب معهم.

نحن بحاجة إلى المزيد من النساء مثلها في شتى مجالات الفنون ــ وبخاصةٍ في مجال الكوميديا ــ لكسر الحواجز التي تقيد الأدوار المتوقَّعة من المرأة العربية والاستمرار في تحدي الوضع الراهن.

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Independent البريطانية.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رايا الجدير
كاتبة مستقلة عراقية - بريطانية، حاصلة على شهادة في اللغة الإنكليزية من كلية كوين ماري بجامعة لندن
تحميل المزيد