نجاح أي عملية عسكرية خارج حدود أي دولة، مشروط بعوامل كثيرة، منها (تحقيق عنصر المفاجأة- تحقيق الهدف من التسلل وهو الخطف – وأن تكون العملية سرية- وعودة القوة بسلام) وهذا ما أمِلت القوات الخاصة الصهيونية تحقيقه، لكنها غزة الإباء يا هؤلاء!! "نأسف.. بالفعل فشلت قواتنا الخاصة في العملية، (لقد وقعنا في الفخ) ومنينا بخسائر فادحة" لسان حال قيادة أركان الجيش -الذي يظن بأنه لا يقهر- للقيادة السياسية، التي منحت جيشها الثقة وأعطته الضوء الأخضر لتنفيذ عملية عسكرية، لها حسابات سياسية وعسكرية استثنائية في ظل اتفاق الهدوء، والتي قد يكون لها تبعات ميدانية فيما بعد. نعم لقد أحالت مقاومتنا الفلسطينية الباسلة، حلم قادة الاحتلال بصيد ثمين (يرفع رصيدهم في الانتخابات القريبة المقبلة) إلى كابوسا عميقا سيظل ملازما لأولئك الفشلة على مر التاريخ، الذين ظنوا أن ساحة غزة مرتعا لقواتهم، وأن اتفاق الهدوء سيجعل مقاومتنا تخلد إلى الراحة والغفلة.
فشل أمني وعملياتي عسكري ذريع، منيت به "إسرائيل"، إذ أن هدف العملية المعقدة هو اختطاف القائد القسامي "نور بركة" ومرافقه شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، لأخذ معلومات استراتيجية خطيرة، ربما أبرزها مكان أسر جنودها الذين أسرتهم المقاومة إبان معركة "العصف المأكول"، والوصول إلى أماكن منظومة شبكات الأنفاق التي باتت كابوسا يطاردهم، ومعرفة إمكانيات المنظومة الصاروخية وقدراتها التي أصبحت رعبا في قلوب مغتصبي أكثر المدن الفلسطينية المحتلة عمقا.
استخدام الجيش الإسرائيلي لهذا الكم الضخم من النيران والصواريخ والقذائف الصاروخية برا وجوا بمشاركة عدد كبير من الطيران الحربي والمروحي والاستطلاعي، وإطلاق هذا الزخم النيراني المهول، يفسر خطورة الحدث وتعقيد مجرياته، محاولة لفك الكمين الذي فرضته المجموعة القسامية لمحاصرة القوة الخاصة وإحداث فجوة بين قواته والمجموعة القسامية، التي كادت بالفعل أن توقع القوة الخاصة في قبضتها لولا تدخل الطيران الحربي بهذا الزخم واستخدام سياسة الأرض المحروقة تطبيقا لمبدأ "هانيبال".
يقظة المقاومة الفلسطينية وتعاملها السريع والقوي تاريخيا مع هذا النوع من العمليات العسكرية الإسرائيلية المعقدة، يُثبت المُثبت من الصورة النمطية والذهنية عنها لدى العدو والصديق بأنها مقاومة باسلة قديرة، جديرة بالاحترام وسيمنحها مزيدا من الثقة، رغم بساطة الإمكانيات وقلتها، وندرة الموارد. وبهذه العملية الخطيرة الفاشلة، تسجل "اسرائيل" على نفسها خرقا جديدا يُضاف إلى سلسلة خروقاته وجرائمه المتتالية، لاتفاق التهدئة الذي أبرم إبان الحرب الأخيرة عام 2014، واتفاق الهدوء الذي تم التوصل إليه مؤخرا، ويبقي للمقاومة الحق بالرد -رغم انتصارها- في المكان والزمان الذي تراهما مناسبين.
"حظا لن يكون أوفرا"، للاحتلال الإسرائيلي المجرم الفاشل وشركائه وعبيده وأذنابه الذين قالوا "باعوها" وراهنوا على "أن المقاومة باعت قضيتها بالسولار والدولار"، كما يشيعون ويحاولون تضليل المجتمع والمحاولة من تقزيم الانتصار الجزئي لمسيرات العودة وانتصارات المقاومة، وما علم هؤلاء أن صمت المقاومة سيكون وبالا عليهم، فحياتها جهاد وصمتها إعداد، وأن القادم سيكون أعظم، والقادم أدهى وأمر.. "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ".
كتائب القسام التي تعتبر أبرز وأكبر الفصائل المقاومة في فلسطين، توعدت الاحتلال برد قاس ومزلزل في أعقاب عملية التوغل المعقدة التي نفذتها القوات الخاصة الصهيونية، وهذا يأتينا ببشريات العقاب التي ستطال قادة الاحتلال الصهيوني الذين يحاولون رفع رصيدهم السياسي من أجل كسب المزيد من النقاط الانتخابية التي باتت قريبة، إلا أنه يعود خائبا يجر خلفه أذيال الهزيمة مطأطأ رأسه.
فيما يعبر الشارع الغزي عن فرحته الغامرة بهزيمة قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في عمليته، ويغني أهازيج النصر في كل الشوارع والأزقة والمخيمات، وفي الوقت ذاته ردد المشيعون في جنازة الشهداء الأبطال، شعارات وعبارات تطالب المقاومة بسرعة وقوة الرد على الاحتلال الصهيوني، الأمر الذي تأخذه كتائب القسام على محمل الجد وتكون دوما في محل ثقة الجماهير الفلسطينية، وتثبت أنها دوما الوفية لدماء رجالها الشهداء الأبطال وأنهم هم الدرع الحصين لفلسطين ولكل الأمة. التحية كل التحية لمقاومتنا الباسلة ورجالها الأسود، الرحمة والفردوس لأبطالنا الشهداء بإذن الله، والخزي والعار لنتنياهو ومن حوله ولقادة وجنود القوات الخاصة الصهيونية الفاشلة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.