ضابط مقتول وعملية فاشلة.. لأن غزة كعادتها انتصرت على «الصهاينة»

عدد القراءات
2,067
عربي بوست
تم النشر: 2018/11/12 الساعة 13:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/12 الساعة 13:19 بتوقيت غرينتش
الجيش الإسرائيلي - أرشيف

"فلان علَّم على فلان" عندما نسمع هذه العبارة عندنا في مصر نفهم أن هناك صراعاً عنيفاً دار بين شخصين، وكأي صراع خرج منه طرف منتصراً وآخر مهزوماً، ولكن التميز الذي تضفيه هذه العبارة على الصراع هو أنك تفهم على الفور أن الطرف المهزوم خرج من المعركة بعلامة ستدوم معه طوال حياته، وحياة الصهاينة لن تطول كما نوقن.

"غزة علّمت على الصهاينة" هذه هي العبارة التي تبادرت إلى ذهني بمجرد معرفتي بالأنباء الأولية عن وجود اشتباك داخل خان يونس بقطاع غزة، هذا القطاع الذي أصبح أيقونة من أيقونات البطولة الإسلامية والعربية، و "ترمومتر" أستطيع على الفور تحديد مدى إنسانية الشخص الذي يحدثني بمجرد معرفتي بموقفه من هذه المدينة البطلة.

"- موقع 4040 العبري:

هناك كارثة حدثت للجنود وليس حدثاً أمنياً كما قال الجيش.

–  إذاعة الجيش: العملية في غزة فشلت.

– محلل عسكري: لولا سلاح الجو الإسرائيلي الذي قصف بكثافة مكان الحادث لأصبحت القوة الصهيونية الخاصة بيد المقاومة الفلسطينية.

– جيش الاحتلال يعلن مقتل ضابط صهيوني وإصابة آخر خلال عملية أمنية في غزة".

عناوين أثلجت صدري ورسَّخت عبارة "غزة علّمت على الصهاينة" التي تبادرت إلى ذهني عندما علمت بحصار وحدة الاغتيال الصهيونية داخل قطاع غزة داخل رأسي ونفسي، وتيقنت من صحة دلالة هذه العبارة عندما قارنت ما حدث في قطاع غزة مع ما يحدث كل ليلة في الضفة الغربية، من اقتحامات للبيوت واعتقالات للجميع دون تفريق بين صغير أو كبير، رجل أو امرأة، -فالإنترنت عامر بالفيديوهات المؤثرة التي توثق قيام قوات الاحتلال بخطف الأطفال من أحضان أمهاتهم في الضفة- دون أن يتحرك أصبع من القوات التابعة للسلطة الفلسطينية المشغولة جداً بالتنسيق الأمني مع الصهاينة لإحباط  أي عمل مقاوم قد يخرج ضد الصهاينة.

ما حدث باختصار في قطاع غزة -حسب ما توافر من معلومات إليّ وقت كتابة هذه السطور- هو أن الصهاينة استغلوا التهدئة وأرسلوا وحدة خاصة من صفوة مقاتليهم لاغتيال الشيخ نور بركة، القائد في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وقد دخلت هذه الوحدة بالفعل إلى محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، ونفذوا الاغتيال إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج كما دخلوا، بعد أن قُتل منهم ضابط على الأقل وأصيب آخرون، ولم يخرجوا إلا بعد غطاء نيراني كثيف من  طيران الاحتلال، أطلقوا خلاله عشرات الصواريخ على المقاومين الذين قاموا بمطاردة  هذه الوحدة، وتبادلوا معها إطلاق النار، وقد أدى هذا القصف الكثيف إلى استشهاد سبعة من مقاتلي القسام، وهروب ما تبقى من الصهاينة.

 

غزة وبعد كل هذا الضغط والحصار ما زالت تدهشنا بالقدرة على المقاومة والإثخان في عدوها وعدونا، غزة هي المكان الوحيد في العالم الذي يشكل تهديداً حقيقياً وخطيراً للكيان الصهيوني، فهي البقعة الوحيدة التي تخرج منها الصواريخ التي تجبر الصهاينة على لزوم ملاجئهم، في اللحظة الذي تفتح فيه عواصم وقصور حكم مدننا العربية والإسلامية للتطبيع معهم.

ففي الوقت الذي يأبى فيه حكامنا إلا أن يبهرونا بهوان القضية الفلسطينية في أعينهم، بل وتآمر بعضهم للإجهاز عليها، -فسعار التطبيع الذي شهدته عواصمنا العربية لم يمر عليه شهر بعد- تبهرنا غزة بقدرتها على رد الصاع صاعين وثلاثة للكيان الصهيوني، وتقف لقوات احتلاله بندية على الرغم من قلة إمكانياتها والحصار الجبان المفروض عليها ممن يفترض أنه صديق قبل العدو.

فالرسالة التي تصلني كلما اشتبكت غزة مع العدو الصهيوني وألجأت قطعان المستوطنين إلى مخابئهم، هي أن الكيان الصهيوني قائم إلى الآن فقط بخيانة بعض الحكام العرب، الذين ضيقوا على الشعب الفلسطيني سبيل حياته المتمثل في قدرته على المقاومة، فلا هم حاربوا الصهاينة، ولا هم تركوا أهلنا في فلسطين يقاتلونهم.

أعان الله أهلنا في غزة،و أسأله –جلَّ وعلا- أن ينصر مَن نصرهم ويخذل مَن خذلهم.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
علي خيري
كاتب ومحامٍ مصري
كاتب ومحامٍ مصري
تحميل المزيد