العملية الفاشلة.. لماذا سيقلب استشهاد نور بركة في غزة كيان نتنياهو؟

عدد القراءات
4,236
عربي بوست
تم النشر: 2018/11/12 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/12 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش

 

 

كان وزير الحرب لدولة الكيان الصهيوني أفيغدور ليبرمان يهدف إلى إظهار نفسه كبطل بعد الانتهاء من العملية الاستخباراتية التي خُطِّط لها أن تكون هادئة وسرية شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، والتي كانت تهدف لخطف القيادي في كتائب القسام نور بركة، وكما يبدو كان الجانب الصهيوني يتمنى من وراء تلك العملية إجراء مفاوضات مع حماس ليس فقط لتحرير الأسرى من جنود الاحتلال، ولكن أيضاً لتخفيف حدة مسيرات العودة الغزية التي وضعت دولة الكيان الصهيوني في وضع حرج للغاية أمام الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي، قبل أن تنقلب العملية رأساً على عقب، ما استوجب في النهاية تدخل سلاح الجو الصهيوني للتغطية على انسحاب القوة الخاصة التي قامت بالعملية.

 

يبدو أيضاً أن ليبرمان كان قد تعرَّض لاتهامات وانتقادات كالها له وزير التربية والتعليم في دولة الكيان، حيث اتهمه بأنه يقدم الرشاوى لحماس من أجل الحصول على التهدئة في المقابل، فحاول ليبرمان أن يظهر نفسه كبطل أمام وزير التربية وباقي الشعب، وحاول أن يؤكد ونتنياهو للجانب الفلسطيني -وبالذات الغزي- أنه حتى لو أنهم يبحثون عن تهدئة وسمحوا للأموال القطرية بالدخول إلى غزة من جهتهم، إلا أنهم أيضاً ما زالوا يملكون اليد الطولى والعليا، فجاءت تلك العملية لتكون عنواناً في الفشل، الأمر الذي حَمَل نتنياهو على قطع زيارته لفرنسا والعودة على عجل لتدارك تداعيات تلك العملية، حيث كان يشارك هناك في مؤتمر دعا إليه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون إحياءً لمرور قرن على انتهاء الحرب العالمية الأولى.

 

وأول قرار أصدرته حكومة دولة الكيان بعد تلك العملية كان تعطيل الدراسة في المستوطنات الملاصقة للشريط الحدودي مع القطاع، وإطلاق صافرات الإنذار في كامل المستوطنات على حدود القطاع، وطلب جيش الاحتلال من مطار بن غوريون تغيير مسارات الطائرات القادمة والمغادرة من تل أبيب، وهذا دليل صارخ على أن العملية لم تؤتِ أُكُلها بالمرة، وأنها ربما خرجت عن السيطرة، لكن وفي نفس الوقت لا يمكن أن تتم عملية كهذه العملية دون علم مُسبق من بنيامين نتنياهو.

 

الواضح أيضاً أن الهدف لم يكن قتل القيادي في كتائب القسام نور بركة، كما أكدت ذلك القناة العبرية العاشرة حين أعلنت عن فشل تلك العملية الاستخباراتية، وإلا ما معنى تصريحات نتنياهو في فرنسا قبل ساعات من العملية بأنه يسعى وحكومته لتعزيز سبل التهدئة مع حماس وقطاع غزة، لكن أتت العملية على كمٍّ هائلٍ من الفشل بعد أن كان الهدف منها تأكيد تلك اليد العليا بهدوء ودون أية شوشرة بعد أن تم كشفها من قبل المقاومين الفلسطينيين حين توغلت لثلاثة كيلومترات داخل قطاع غزة، فلاقت مقاومة شرسة من المقاومين الفلسطينيين الغزيين، الأمر الذي أدى في النهاية إلى خروج العملية عن السيطرة وأسفر عن مقتل ضابط صهيوني رفيع وجرح جندي وُصفت جروحه بالخطيرة، حسب القناة العبرية العاشرة، واستشهاد ستة مقاومين فلسطينيين، من بينهم القيادي في كتائب القسام.

 

قد تحمل تلك العملية الفاشلة نتنياهو على عدم قدرته على النوم لأيام قادمة، وتضع جيش الاحتلال الصهيوني في حالة حربٍ دون إعلان، فهي ربما تصنف كأفشل عملية عسكرية استخباراتية يقوم بها يوماً جيش الاحتلال، خاصة وحكومة الاحتلال تسعى منذ شهور من خلال وساطات مصرية وغيرها للحؤول دون استمرار مسيرات العودة التي أنهكتها سياسياً أمام العالم، وأعتقد جازماً بأن نتنياهو يتمنى أن تتاح له الفرصة ليشارك في تشييع جثامين الشهداء الغزيين، وعلى رأسهم القيادي القسامي بركة، كتعبير عن أسفه البالغ عن الحماقة التي اقترفها حين وافق لليبرمان على القيام بهذه العملية، لكن هيهات وحماس تنتظر خطأ جسيماً كهذا الخطأ لتضع دولة الكيان الصهيوني في زاوية حرجة أكثر ضيقاً من تلك التي كانت بها بعد مسيرات العودة الغزية.

 

كيف سيخفف نتنياهو من وقع تلك المأساة على شعبه بعد أن عادت القوة الخاصة التي توغلت في غزة وهي محمَّلة بضابط رفيع قتيل وجندي على حافة الموت، ولولا الغطاء التي قامت به طائرات سلاح الجو لما عادت تلك القوة الخاصة بالمرة؟ موقف نتنياهو الآن صعب أمام الشعب الذي لا يغفر أبداً موت أبنائه على أيدي الفلسطينيين، فما بالكم لو كان القتلى من القوات الخاصة والنخبة في جيش الاحتلال؟

 

نتنياهو وجيشه وحكومته لا يخسرون سمعتهم أمام الرأي العام العالمي فحسب، بل أيضاً يخسرون أمام الشعب الذي لا ينفك يتلقى ضربة تلو الأخرى تحمله على الهجرة العكسية التي تشكل تحدياً كبيراً أمام نتنياهو وحكومته، والذي ربما يعتبر من أكبر التحديات اليوم.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
بشار طافش
كاتب أردني
بشار طافش هو كاتب أردني حامل لشهادة البكالوريوس في الاقتصاد، ومؤسس منظمة Warming Observers التي تُعنى بالتوعية بظاهرة الاحتباس الحراري واحترار كوكبنا، وأعمل في مجال الدواء مديراً لأحد مستودعات الأدوية في الأردن.
تحميل المزيد