هل صداقة الجنسين أرقى من صداقة البنات لبعضهن البعض؟ ما تعلمته من مسلسل «نصيبي وقسمتك»

عدد القراءات
1,219
عربي بوست
تم النشر: 2018/11/10 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/10 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
مسلسل نصيبي وقسمتك

 

 

دائماً ما نسمع هذه الجمل وتتكرر على مسامعنا، سواء في إنترفيوهات النجوم أو في مشاهد ولقطات جسدتها الدراما والسينما في العديد من الأفلام والمسلسلات، حتى ترسخت في عقولنا وآمنا بها وأصبحنا نرددها أيضاً، وهي أن صداقة الجنسين (الأولاد والبنات) أفضل بكثير من صداقة البنات لبعضهن البعض، حيث عدم الغيرة ونفسنة البنات والنصيحة الصادقة وفهم طبيعة وشخصية الجنس الآخر، وهي بالطبع مبررات، بل من وجهة نظري "أوهام" يحاولون إقناع أنفسهم بها كي يستمروا في مثل هذه العلاقة، والتي بلا شك يجدون فيها الاختلاف، وربما المتعة فيحاولون تبريرها لمن يقف معارضاً لتلك  الصداقة البعيدة كل البعد عن فطرتنا وهويتنا الإسلامية.

 

نعم أؤمن بالزمالة بين الرجل والمرأة في حدود المسموح به، حيث فكرة التعايش والاختلاط بلا أي تجاوزات، فنحن في المجتمع ذكوراً وإناثاً؛ كي يكمل بعضنا البعض دون أي تهميش لدور الآخر، لذلك لا بد من وجود علاقة زمالة بين الجنسين.. زمالة لا تتعدى الحديث عن أمور شخصية أو تتطرق إلى مشاكل عائلية، وتتدخل في أمور خاصة بحجة الفضفضة وأخذ الرأي من منظور ذكوري ويكأن عائلتك كانت أو عائلته، إذا عكسنا الأمر، انعدم منها هذا النوع من الجنس الآخر.

 

وهنا أشفق على الحالتين ذكوراً وإناثاً، ربما الإناث أكثر شفقة حيث العاطفة الجياشة وتقديس العلاقات، فمعظمهن  تنتابهن حالة من الوفاء والإيمان بمثل هذه النوعية من الصداقة، وتصدم في حالة تشويه هذه العلاقة التي تجد فيها "الصدر الحنين، الناصح الأمين، المرشد والموجه، ووجهة النظر من منظور مختلف"، لذا تجدها بالفعل تتكلم بقدسية شديدة وبعمق عن هذه العلاقة التي بالمناسبة لا تتعدى في أغلب الصداقات حدود الفضفضة والبوح بالأسرار، مع بعض الخروجات اللطيفة في أماكن لطيفة أيضاً؛ حيث تهيئة النفس لحديث شيق وممتع، أو ربما من باب الترفيه، حيث "الصاحب ليه عند صاحبته إيه.. غير شوية خروجات ومشاكل وحوارات فوق بعض".

 

وما يثير شفقتي، هو أن هؤلاء البنات يفكرن في هذا الصديق على أنه أخ فاضل، فنسمع الجملة الشهيرة التي تقول: "ده زي أخويا بالظبط".. فيا ليتك تفعلين ذلك مع أخيكِ أيتها الحسناء؛ لأن ذلك الصديق بمجرد أنكِ فتحتِ قلبك له وتحدثتِ معه بكل صراحة ودون خجل حيث مناقشة أي موضوع، سيعطي لنفسه الكثير من الحقوق بمجرد طريقة كلامك هذه، الكاسرة للحدود، الساردة لقصصك ومغامراتك في الحياة التي لا يعلمها أخوك نفسه الذي تعتبرينه مثله، وحتما ستصدمين في طريقته معكِ يوماً ما.. فليس الذكر كالأنثى.

 

ولعل ما رسخته الدراما في أذهاننا، يحاول مؤلف مسلسل "نصيبي وقسمتك" الفنان "عمرو محمود ياسين" جاهداً تغيير هذه المفاهيم، محدثاً حالة صحية في الدراما المصرية جعلت الجميع يلتفت إليها، فكلماته في الحوار مختارة بعناية شديدة ومن واقع أليم كانت بلا شك للسينما والتليفزيون دوراً هاماً في تكوينه، ولعله بهذا المسلسل بجزأيه الأول والثاني يحاول إصلاح ما أفسده الآخرون من المؤلفين، فمثلاً نجده في الجزء الثاني الذي يعرض حالياً، وتحديداً حكاية "اهدي يا مدام" يسلط الضوء على فكرة العلاقات التي أتحدث عنها ليست صداقة بالمعنى الذي أقصده والذي نراه ونشاهده أمامنا، ولكنه وجّه ضوءاً أحمر حول اللاحدود في التعامل بين الذكر والأنثى.

 

مسلسل نصيبي وقسمتك
مسلسل نصيبي وقسمتك

ففي حكاية "اهدي يا مدام" وقعت بطلة الحكاية "سلمى" والتي جسدتها الممثلة "ريم مصطفى" ضحية  لتصرفاتها وأخذها للأمور من منظورها هي فقط؛ حيث الاعتماد على منطق "العادي" في تصرفاتها، وأنها غير مسؤولة عما  يفكر الآخر في تصرفاتها.. يعني "عادي أما أتكلم مع مديري في مشاكل تحدث بيني وبين خطيبي"، "عادي الاستعانة بخطيبي السابق والسماح له بالتدخل في حياتي الزوجية وإعطائه رسائل غير مباشرة بأني غير راضية عنها"، وهو ما سمح لكلا الرجلين في حياة تلك الفتاة وهي متزوجة التدخل في حياتها لدرجة جعلتهما يلمحان بعرض الزواج منها وهي على ذمة رجل آخر، وهذا ما جعلها تعيد حساباتها من جديد، وتستعيد طريقة كلامها مع الآخرين وبجملة صديقتها التي كتبها ياسين في السيناريو بكل براعة وهي (انت دايماً سايبة الباب مفتوح).

 

وأعتقد أن عمرو ياسين تطرق إلى مثال بسيط ونوع واحد من نوعية البنات التي أقصدها في هذا المقال، فهدف البنات مثل شخصية "سلمى" في المسلسل، وغيرها من البنات التي تؤمن بصداقة الجنس الآخر، هي (الفضفضة، تبادل الخبرات وأخذ النصائح)، بجانب الشعور بحب واهتمام الجميع بها، وبلذة أنها مرغوبة من الجميع "كلهم بيكراشوا عليها" بمصطلح عالم السوشيال ميديا،  إذ ربما تفقد هذا الشعور داخل محيط أسرتها فتستمده من الخارج، أي من وحي هذه العلاقات والصداقات، في حين يترجمه الرجل في كثير من الأحيان على أنه حب حقيقي فنجده سرعان ما يحول مثل هذه العلاقة التي طالما أقنع الجميع بأنها صداقة بريئة إلى حب، ويترجم هذا الحب بطلب زواج من هذه الصديقة، وإما يتفاجأ برد فعل عنيف مثل ما حدث بالمسلسل.

 

 أو يلقى استحساناً وقبولاً من الطرف الآخر..  تلك الحسناء.. التي صدعت جميع من حولها بإيمانها  الشديد بفكرة الصداقة بين الجنسين، وأن مثل هذه العلاقة لا يمكن أن تتخذ أي شكل من الأشكال، فهي مقتصرة على معنى أسمى وأشمل وهو الأخوة؛ لنتفاجأ جميعاً بتحويل الأخوة والصداقة إلى زواج.

 

ومنهن من ترفض، لإيمانها الشديد بمفهوم الصداقة، فتفضل أن يبقى صديقاً عن أن يكون زوجاً، تحكي له ويحكي لها، تأخذه في  "مشاوريها" يتبادلان الحديث دون أي واجبات أو أوامر ونواهٍ تلزم الأول تجاه الثاني وتعرضهما لخسارة بعضهما البعض في يوم من الأيام.

 

ومنهن من يقبل "عادي"، بل وتمنع بعدها مثل هذه الصداقة في حياتها، ويكأنها علاقة مشروطة كانت لهدف وعندما تحقق تنكر فيما بعد مثل هذه العلاقات، أو ربما تجبر على ذلك من قبل الصديق القديم والذي تحول لزوج فجأة يأمر وينهى.

 

وهناك بصراحة شديدة ومن منطلق إيمانهن الشديد بهذه العلاقات يتأقلمن على ذلك، كزوجين ولكل منهما أصدقاؤه من كلا الجنسين، والحياة لديهما منطلقة، رافعين شعار "طالما مفيش فيلينج يبقى سو وات".

 

وهنا وجب التنويه بأنه ليس الذكر كالأنثى.. وهذه الجملة، التي ذكرت بالآية رقم (36) من سورة "آل عمران"  يتغافل عن فهما الكثيرون، وبسبب جهلنا للدين حدثت العديد من المشاكل، وتأزمت العديد من العلاقات وانغمست مشاعرنا وأنهكت بدون أي داع في علاقات ليست مبنية على أساس وفطرة سليمة، وإنما علاقات يحكمها الإحساس أولاً وأخيراً.  

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
أسماء الشنواني
مدونة مهتمة بقضايا المرأة والمجتمع
أنا كاتبة وصحفية مهتمة بقضايا المرأة، أكتب عن دورها العظيم والمؤثر، ليس فقط داخل أسرتها التي هي الأساس، ولكن داخل المجتمع ككل، أحب تحليل ورصد تأثير الأعمال الدرامية على المشاهدين، أنقد تارة، وأمدح تارة أخرى ما يتم عرضه على شاشة التلفزيون، لا أفضل السوشيال ميديا، حيث الحياة الخاصة التي أصبحت على الملأ، أؤمن بأهمية التربية عن الرعاية ودور الوالدين العظيم معاً وقدرتهما على تكوين شخصيات سوية لأطفالهما.
تحميل المزيد