نتنياهو في مسقط.. قطار التطبيع المجاني إذ ينطلق بقوة!

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/31 الساعة 10:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/31 الساعة 10:34 بتوقيت غرينتش
وزيرة الرياضة والثقافة الإسرائيلية في دبي

 

لم تعد الدول العربية تجد حرجاً أو مانعاً من المجاهرة من الإعلان عن إجراءات تطبيعية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، في زمن بات فيه الحق الفلسطيني أضعف من أن يقف إلى جانبه حتى بنو جلدته من العرب!

زيارة بنيامين نتنياهو العلنية إلى سلطنة عُمان، وحضور وزيرة الرياضة والثقافة الإسرائيلية، ميريت ريجف، مسابقة للجودو في الإمارات، وتوجّه وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا إلى دبي للمشاركة في مؤتمر دولي للاتصالات، كلها مؤشرات على الرغبة في نقل مستوى العلاقات بين كيان الاحتلال وبعض الدول العربية لا سيما الخليجية، إلى مستوى العلن، لأغراض سياسية سوف نتطرق إليها في سياق كلامنا.

لكن بالمقابل، وقبل ذلك، هل يرغب مستوطنو الاحتلال وجمهوره في تحقيق هذا النوع من العلاقات العلنية؟ أم أنها لدواعٍ وحاجات سياسية فحسب؟ موقع "والاه" الإسرائيلي، نشر قبل فترة نتائج استطلاع حول آفاق العلاقات الإسرائيلية – العربية وموقف سكان دولة الاحتلال من هذه الدول، حتى بعد إقامة علاقات رسمية معها.

وبيّن الاستطلاع أن 41% من الذين شملهم "غير معنيين" بزيارة أي دولة عربية، فيما يرغب 13% في زيارة الإمارات، و12% في زيارة مصر، و8% في زيارة الأردن، مقابل 6% مهتمين بزيارة كل من لبنان والسعودية.

وبحسب نتائج الاستطلاع، الذي أجراه معهد إسرائيلي يدعى "متفيم للعلاقات الخارجية"، فإن 69% من الإسرائيليين يعتقدون بإمكانية قيام تعاون إقليمي بين كيان الاحتلال والدول العربية، مقابل 19% قالوا إنهم لا يؤمنون بمثل هذا التعاون، مع إبراز الأهمية الخاصة التي يعتقد الإسرائيليون بوجودها، من أجل سعي حكومة الاحتلال لمحاولة إقامة علاقات رسمية بين دولة الاحتلال، وبين كل من مصر والسعودية. وقال 28% إنهم يعتقدون بأنه لا ينبغي أن تسعى إسرائيل لتطوير تعاون مع الدول العربية على الإطلاق.

من ناحية أخرى، أبرز الاستطلاع ارتفاعاً هائلاً في نسبة الإسرائيليين الذين يقرون بأهمية العلاقة مع الولايات المتحدة وتعزز التحالف الإسرائيلي – الأميركي، خاصة بعد صعود دونالد ترمب، مع إشارة فارقة أيضاً لوجوب تحسين العلاقات مع روسيا وألمانيا وبريطانيا، كدولٍ حليفة لإسرائيل، مقابل مواقف سلبية من الاتحاد الأوروبي. واعتبر 55% من الإسرائيليين الاتحاد الأوروبي خصماً لدولة الاحتلال، مقابل 18% منهم وصفوه بأنه صديق. وتعكس هذه النسب عمق تغلغل الدعاية الرسمية لرئيس حكومة الاحتلال في أوساط الشارع الإسرائيلي، خاصة في ظل اتهامات حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو للاتحاد الأوروبي بالتحيز ضد دولة الاحتلال.

واقع الحال يؤكد أنه ينبغي النظر إلى العلاقات المتطورة بين إسرائيل وجارات إيران لاسيما الخليجية منها، على خلفية الخطة الأميركية لعزل إيران كما طرحها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل نحو 5 أشهر، وزيادة الضغوط السياسية والاقتصادية الممارسة عليها، فلعُمان مصلحة واضحة في إرضاء إدارة دونالد ترمب، كما أن زيارة رئيس أركان جيش أذربيجان إلى كيان الاحتلال يمكن إدراجه في هذا السياق.

زيارة نتنياهو الأخيرة إلى عُمان، وسعي البحرين بحسب تقارير إعلامية وتسريبات إلى اللحاق بركب التطبيع وإخراج علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي إلى العلن، هي ثمرة اتصالات مستمرة وعمل مكثف في الأشهر الأربعة الأخيرة قام بها الموساد الإسرائيلي الذي رافق رئيسه نتنياهو في زيارته إلى عمان.

يرى بعض المحللين الإسرائيليين أن عمان يمكن أن تلعب دور الوسيط بين الاحتلال مع أطراف مختلفة، لكونها مقبولة من دول كثيرة، وبالتالي يمكن لإسرائيل عبر السلطنة أن تنسج علاقات سرية مع كل طرف يوافق على ذلك، ومثل هذا المسار في العلاقات سهل إذا كان تحت رعاية السلطان قابوس، لا سيما فيما يتعلق بالعلاقات مع سوريا وإيران.

تدعم الزيارة الأخيرة لنتنياهو إلى عُمان والاحتفاء المبالغ بها من قبل الإعلام الإسرائيلي استراتيجية نتنياهو الشرق أوسطية القائمة على نسج وإقامة تحالفات سرية وعلنية قدر الإمكان، بهدف منع انتشار النفوذ الإيراني، وسط استخدام هذه التحالفات وتوظيفها باعتبارها دليلاً على إمكانية التوصل لعلاقات طبيعية مع الدول العربية، حتى دون حل القضية الفلسطينية، فهل انطلق قطار إخراج العلاقات العربية مع كيان الاحتلال والتطبيع المجاني مع اقتراب ترامب من إعلان خطته المزعومة للسلام في الشرق الأوسط أو "صفقة القرن"؟

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
هشام منور
كاتب وباحث في العلاقات الدولية
تحميل المزيد