السلطان قابوس يستقبل نتنياهو.. هل تقوم عُمان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل أم محاولة لدفع لجهود السلام؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/28 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/28 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
السلطان قابوس يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو - AP

قوبلت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى سلطنة عُمان مؤخراً بعاصفة من ردود الفعل، على المستويين الشعبي والإعلامي في عموم العالم العربي، وذلك يعود إلى هول المفاجأة من تلك الزيارة التي لم يُعلن عنها مسبقاً، ولم يعلن عنها حسبما أوردت وكالات الأنباء إلا بعد انتهائها، وقد استمرت لمدة يومين.                                                                                                               

وسبقت تلك الزيارة زيارةٌ قام بها الرئيس الفلسطيني إلى سلطنة عمان، استمرَّت لمدة ثلاثة أيام. ورأى البعض أنه ما كان من الممكن الإعلان عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للسلطنة لو لم تكن قد سبقتها زيارة الرئيس الفلسطيني، ما يجعل الصورة أوضح من الكلام.                                         

وأشارت بعض التقارير الصحافية إلى أن الجانبين العماني والإسرائيلي قد بحثا تطوير العلاقات بين البلدين، إضافة إلى إحياء جهود عملية السلام. وتزامَنَ الإعلان عن تلك الزيارة مع غارات جوية إسرائيلية ضد قطاع غزة، أسفرت عن وقوع ضحايا وعدد من الجرحى.                                                 

وأعلنت السلطات العمانية أن هدف تلك الزيارة هو إحياء جهود عملية السلام، والتساؤل الذي طرحه بعض الكتّاب الصحافيين تعلَّق بمغزى تلك الجهود، في وقت أصبحت فيه عملية السلام أثراً بعد عين، خصوصاً بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، القاضي باعتبار القدس بشطريها عاصمةً لإسرائيل، وموقف القيادة الفلسطينية التاريخي والشجاع من هذا الإعلان، الذي رأت فيه استباقاً لمسائل الحل النهائي، التي يجب أن يتم تقريرها من خلال المفاوضات بين الجانبين، وفقاً لاتقاقية إعلان المبادئ "أوسلو".     

وذهب البعض إلى قيام سلطنة عمان بتطبيع مجاني، على الأقل من وجهة نظر الحقوق الوطنية الفلسطينية، المتمثلة في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس، قبل إحلال السلام في المنطقة، خصوصاً في ظلِّ الجمود الذي يعتري عملية السلام والطريق المسدود الذي وصلت إليه.                                                   

ووفقاً لأصحاب هذا الرأي، فإن سلطنة عُمان، البعيدة جغرافياً عن فلسطين، هدفت من وراء تلك الزيارة إلى إرسال رسالة للولايات المتحدة الأميركية بجاهزيتها لتطبيع العلاقات حتى قبل إحلال السلام، وهو ما يتوافق مع الرؤية الأميركية للسلام في المنطقة، أو ما يُعرف باسم "صفقة القرن".

ومؤدى ذلك، وفقاً لأصحاب الرأي سالف الذكر، خروج السلطنة عن الإجماع العربي بخصوص تحقيق السلام العادل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس كشرط لتطبيع العلاقات، مذكِّرين بما قام به الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات منفرداً  في مرحلة معينة. وكل هذا لأسباب داخلية تتعلق بترتيب الوضع داخل السلطنة لمرحلة ما بعد السلطان قابوس ، شفاه الله وعافاه، وحاجة السلطنة لتصديق البيت الأبيض على تلك الترتيبات.                                                                                                       

وعلى كل حال، فإن الشعب الفلسطيني يحتاج لكل دعم من الأشقاء، سواء بسلطنة عمان أو في غيرها؛ وذلك من أجل الوقوف بجانبه في تحقيق أمانيه وتطلعاته المشروعة بإقامة دولة مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها القدس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

 

غير أنه لا بد من ضرورة تأكيد ما نصَّت عليه المبادرة العربية من أن تطبيع العلاقات سوف يكون بعد إحلال السلام العادل في المنطقة، وأي تفسير آخر سوف يمثل -دون شك- خروجاً عن الإجماع العربي الرسمي والشعبي، وقد يعود بالسلب على عموم المنطقة العربية خلال العقود القادمة، ويضيف تعقيدات وخلافات، هي في غنى عنها؛ نظراً إلى ما تعانيه تلك المنطقة بالوقت الراهن.

 

                                                                                                                                                                      

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إيهاب عمرو
أستاذ متخصص في القانون
أستاذ متخصص في القانون
تحميل المزيد