تجربة الخصخصة للقطاع العام لم تلقَ نجاحاً في مصر.. لكن هل تنجح اليوم في عهد الرئيس السيسي؟

تم النشر: 2018/10/22 الساعة 13:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/22 الساعة 13:49 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي - رويترز

الخصخصة التي تعني تخلي الدولة عن ممتلكاتها لحساب القطاع الخاص انتشرت في نهاية السبعينيات للقرن الماضى في كثير من الدول، لكل دولة طبقت تجربة الخصخصة وسائل وأهداف تختلف عن غيرها، فنجحت تجارب ولم تحقق الأخرى النتائج المرجوة منها، فقد نجحت في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة  وماليزيا، وفشلت الأرجنتين وروسيا وبعض الدول العربية.

ومصر من الدول العربية التي انتهجت سياسة الخصخصة عام 1991 حتى 2008 بعد ظهور معدلات تباطؤ النمو الاقتصادي وتوقف مصر عن سداد ديونها الخارجية لجأت مصر للبنك الدولي ودخلت معه في برنامج إصلاحي مدته 3 سنوات لتحويل مصر من اقتصاد مركزي لاقتصاد قائم على آليات السوق.

بدأت مصر تجربة الخصخصة بإصدار قانون لتشريع الخصخصة وتحديد الشركات المُراد التخلص منها من القطاع العام مع استثناء الشركات التي تمسّ الأمن القومي كهيئة قناة السويس والإنتاج الحربي ومصر للطيران، وتمت الخصخصة في ذلك الوقت على 3 مراحل من عام 1991/2003 ومع بداية تطبيق البرنامج تحققت تحسّنات في المؤشرات الاقتصادية في مصر فانخفض مؤشر التضخم من 21.1% عام 1991 إلى 2.7% عام 2002، وارتفع معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي من 1.9% إلى 3.1% عام 2002، وكذلك انخفض عجز الموازنة وارتفعت معدلات الاستثمار ومعدلات ربحية بعض شركات القطاع العام المباعة، حيث حققت 33 شركة إيرادات أعلى بعد الخصخصة تراوحت بين 1% و8.5%، وحققت 17 شركة إيرادات تزيد على 25% من إجمالي عدد الشركات التي تم خصخصتها 194 شركة حتى عام 2003.

لكن خلّفت الخصخصة في ذلك الوقت كثيراً من المشكلات، منها تسريح العمالة في بعض المصانع والشركات، حيث وصل حجم العمالة المشرّدة إلى 1.5 مليون عامل، ومشكلات الفساد التي شابت عملية الخصخصة جعلها ذكرى سيئة في تاريخ الخصخصة في مصر؛ لذلك تم تجميد البرنامج 2008 لما خلَّفه من مشكلات مجتمعية، بالإضافة لغياب الهيكل التنظيمي.

والآن تُقدم الإدارة المصرية على الخصخصة مرة أخرى معلنةً طرح حصص في 6 شركات من قطاع البتروكيماويات و5 شركات من قطاع البترول و3 لتداول الحاويات وحصصاً من شركات قطاع الخدمات المالية والبنوك (بنك القاهرة، البنك العربي الإفريقي، المصرف المتحد)، وحصة من شركة مصر للتأمين و4 شركات حكومية متخصصة في إنتاج الكهرباء. وسيتم طرح أسهم هذه الشركات في البورصة، وهى شركات تحقق أرباحاً عالية، وعللت الحكومة بأن طرح هذه الأسهم لزيادة رأس مال هذه الشركات وتطويرها وتقليل العجز في الموازنة العامة للدولة.

وتم بالفعل توقيع عقد لبيع جزء من أسهم شركة (الشرقية إيسترن كومباني) الحكومية في البورصة المصرية تتراوح من 5% إلى 30% من قيمة الشركة، والخطة تشمل شركات أخرى خاسرة، فقد صرح وزير قطاع الأعمال بأنه توجد 48 شركة خاسرة سيتم تطويرها عن طريق طرح أسهمها في البورصة.

في مصر تتشابه الأسباب التي دعت الحكومة للعودة للخصخصة، فالحكومة تريد تخفيض عجز الموازنة ومصر تنفذ برنامج إصلاح اقتصادي بشروط صندوق النقد الدولي. ويخشى المواطنون من تسريح العمال والموظفين وزيادة البطالة وسيطرة القطاع الخاص على الخدمات كالكهرباء والمياه والصحة وتحكّمه في أسعارها ما سيمثل عبئاً على المواطنين الفقراء ومتوسطي الدخل؛ لذلك ينبغي على الدولة تغيير آليات تنفيذ برنامج الخصخصة عن طريق إعلان خطة الخصخصة بكل شفافية ومناقشتها، وعمل دراسات لمعرفة أسباب خسارة شركات القطاع العام، ومحاولة إصلاحها لتجنب تسريح العمال والموظفين.

أوضح المسؤولون أن هذه التجربة ستكون مختلفة عن السابق، حيث سيتم عن طريق طرح الأسهم للاكتتاب العام ولن يتم البيع لمستثمر بعينه. الخصخصة ليست شيئاً مضراً بالاقتصاد، والدليل نجاح التجربة في دول كثيرة، ولكن ما يميز تجربة عن أخرى هو الآلية التي تنفذ بها الخصخصة وجعلها وسيلة لتحقيق أهداف اقتصادية وليست هدفاً في حد ذاته.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
ياسمين حسام الدين
باحثة اقتصادية
تحميل المزيد