منذ يومين أعلنت الكويت وتركيا توقيع اتفاقية عسكرية مشتركة تتضمن "خطة عمل للتعاون الدفاعي العسكري بين الدولتين حتى عام 2019".
تم ذلك في اجتماع ضم اللواء سالم نواف الأحمد الصباح في العاصمة التركية أنقرة مع قائد الدعم اللوجيستي في القوات التركية عبدالله كوجم لـ"بحث مواضيع التعاون بين البلدين في مجال تبادل الخبرات والتدريب"، بحسب تصريح من وكالة كونا عن إدارة التوجيه المعنوي للجيش الكويتي.
وتهدف الاتفاقية إلى "تعزيز العلاقات الثنائية، وتحقيق منظومة عمل موحدة، وتبادل الخبرات وتوحيد وتطوير المفاهيم وتحقيق منظومة عمل موحدة، تهدف إلى المزيد من التنسيق والانسجام".
جاء ذلك بعد التوتر في العلاقات الدولية بين الكويت والسعودية حليفتها وشقيقتها الكبرى.
ولمعرفة السبب في هذا الاتفاق قال الكاتب الكويتي وعضو مجلس الأمة السابق ناصر الدويلة: "إن نزول القوات التركية في هذه الظروف الملتبسة في قطر أمّن قطر، وكذلك لو نزلت اليوم في الكويت فستحقق أمناً إقليمياً للكويت تبعد عنها احتمالات "غدر الصديق" و"حماقة الحليف"، فلا أحد يضمن أحداً في هذا العالم المجنون".
سياسة حكومة دولة الكويت مبنية على تصفير المشاكل مع الجيران، وقد نجحنا بذلك بكل كفاءة مع بعض الجيران وفشلنا مع آخرين الذين لا يحترمون السيادة ويعتبرونها حقاً من حقوقهم.
لذلك لابد من إيجاد معادل استراتيجي لا يخون وهو اليوم تركيا، أما الأميركان فهم غير بعيدين عن حماقة الآخرين.
إن تركيا اليوم هي أضمن الأصدقاء في المعادلة الاستراتيجية بالمنطقة وأقلهم كلفة مالية وكلفة سياسية وأضمن الأصدقاء بعد تهديدات "الأشقاء" المنفلتة وحماقات ترامب المتغطرسة والاستعانة بالأتراك في الظروف الحالية أصبحت ضرورة استراتيجية ملحّة وعاجلة والوقت يمضي بسرعة".
إن دولة الكويت قد تعلمت الدرس من التاريخ جيداً، فالولايات المتحدة التي تبتز دول الخليج لشراء الأسلحة منها بحجة حمايتها من إيران هي من تركت صدام يجتاح الكويت في الماضي ثم ساندت السعودية ودول الخليج لإخراج القوات العراقية من الكويت.
ثم مساعدتها في حصار العراق وتدميره اقتصادياً، تمهيداً لاحتلاله من الولايات المتحدة ووصوله إلى ما هو عليه الآن من تمزق وتفسخ بالنهاية.
والآن بعد مرور سنوات طوال على تلك الأحداث، وعندما خالفت قطر الخط الذي ترسمه السعودية لدول الخليج، قامت السعودية بمحاصرتها بحجة رعاية الإرهاب.
فأيقنت الكويت أن السعودية لم تعد "الشقيقة الكبرى" لدول الخليج، بل صارت آمرة ناهية، وصار تدخلها في الشؤون الداخلية لدول الخليج شيئاً عادياً بالنسبة لها.
وبعد مقتل خاشقجي بتلك العملية الغبية التي ربما تدرّس في التاريخ "كأغبى عملية مخابراتية في العصر الحديث" أظهرت مدى ما يتمتع به النظام السعودي من ديكتاتورية مطلقة وإجرام لا حدود له، ولكن قدر الله أن يكشف الأتراك بذكائهم وتيقظهم الأمني أبعاد الجريمة كاملة.
وبعد إهانة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للملك سلمان 4 مرات متوالية ووصفه "بأنه لا يستطيع البقاء في السلطة أكثر من أسبوعين دون حمايته وعليه أن يدفع".
وبعد الصمت لأسبوع كامل من المملكة عن الرد على تلك الإهانات. ثم رد الفعل الضعيف والمتردد من وليّ العهد في تصريح للإعلام على استحياء.
أصبح واضحاً للجميع عموماً وللكويت خصوصاً، أن المملكة في ظل حكم الملك سلمان وولي عهده ما هي إلا تابع للولايات المتحدة الأميركية، وأنها لا تستأسد إلا على جيرانها من الدول الخليجية مثل قطر.
وأدركت القيادة الكويتية أن تركيا بعدما أثبتت كفاءة ونزاهة ومصداقية في العلاقات الدولية، هي الخيار الأمثل لتكوين حلف قوي مع الكويت وقطر لحمايتهما من أطماع "الحليف القديم" ومن "الغدر المحتمل" من الشقيقة الكبرى.
ليكون الثلاث تركيا وقطر والكويت مثلثاً قوياً يقف أمام المثلث المناوئ له، والذي يتكون من السعودية والإمارات ومصر.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.