صرخات استغاثة وتعذيب وضرب.. تسجيلات صوتية لخاشقجي داخل السفارة ربما تحسم القضية

عدد القراءات
29,453
عربي بوست
تم النشر: 2018/10/12 الساعة 11:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/12 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش

بثَّت قناة CNN الأميركية أخباراً مهمة تضمَّنت تقريراً أفاد بحيازة جهاز الاستخبارات الأميركية تسجيلات صوتية للسلطات السعودية التي خططت لاغتيال جمال خاشقجي.

وبشأن تلك المسألة التي غدت موضوعاً ساخناً أيضاً في الولايات المتحدة مؤخراً، أفاد مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، الأربعاء 10 أكتوبر/تشرين الأول، بأنَّ واشنطن سترسل فنيين من مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى القنصلية السعودية في تركيا في حال طلبت منها السعودية ذلك.

ومع أنَّ عبارة "في حال طلبت منها السعودية ذلك" تُثير غيمة من الشكوك حول حقيقة نيَّات مكتب التحقيقات الفيدرالي، فإنَّ تدخُّله سيكون تطوراً مهماً على أي حال.

وفي الواقع، فإنَّ كم الأدلة المطلوب في تلك القضية يشبه الكم الهائل من الأدلة اللازمة لإثبات أنَّ منظمة فتح الله غولن الإرهابية (فيتو) هي المسؤولة عن محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز.

وفي أسبوعٍ واحد، جُمِّعت جميع الأدلة فاكتملت الصورة.

حملة تطهيرٌ ضد بعض أفراد العائلة المالكة ومصير جمال خاشقجي.

دعونا ننطلق من النقطة التالية:

يضطلع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعملية تطهير دمويةٍ داخل العائلة المالكة منذ فترة. ففي الظروف العادية، كان من المفترض أن يتولى محمد بن نايف، ابن أخي الملك سلمان، العرش خلفاً له. ومع ذلك، نُحِّيَ نايف إثر تغيير مفاجئ طرأ في أثناء وقوع شبه انقلاب، وحل محله محمد بن سلمان. ثم شنَّ ولي العهد الجديد حملة شرسة داخل العائلة الملكية بعد تعيينه بمدةٍ قصيرة، تضمَّنت احتجازات واعتقالات وعمليات إعدام متوالية.

نستعرض هنا سبب حديثنا عن ولي العهد السابق محمد بن نايف:

كان جمال خاشقجي ضمن دائرة المقربين لنايف المحتجز الآن قيد الإقامة الجبرية داخل منزله بأصفادٍ إلكترونية. وقال أحد أصدقاء خاشقجي ممَّن يعرفونه جيداً، تحدثت معه سلفاً، إنَّ خاشقجي كان يستعد لإطلاق صحيفة في الآونة الأخيرة. وربما  ليس من الصعب تخمين سياسة البث التي كانت ستنتهجها صحيفة مثل تلك، وأي ضجة كانت ستثيرها.

نُشرت تقارير صحيفة كثيرة تفيد بأنَّ الفريق الذي أتى إلى تركيا على متن طائراتٍ خاصة الأسبوع الماضي لإتمام عملية اغتيال جمال خاشقجي المزعومة هو الفريق الخاص بولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وبينما كنت أشاهد قناة CNN الأميركية بالأمس، سُئِلَ نيك روبرتسون، الذي أتى إلى مدينة إسطنبول التركية للتحقيق في القضية، عن غرابة وجود خبير في الطب الشرعي ضمن الفريق.

النتيجة التي جرى التوصُّل إليها، أو بالأحرى الاستنتاج العام هو أنَّه لم يعد هناك خيار آخر لتفسير مصير جمال خاشقجي سوى أنه امتداد لحملة الاعتقال الوحشية التي نُفِّذت داخل العائلة المالكة. ربما، إلى حد ما، سيُعد ذلك سبباً في أنَّه من الأنسب التعامُل مع القضية على أنَّها تخص الأمير السعودي محمد بن سلمان وليس المملكة السعودية بأسرها.

كيف تعاملت الولايات المتحدة مع تلك المسألة؟

في مطلع مدونتي، استشهدت ببيان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي أعلن فيه أنهَّم قادرون على إرسال فريقٍ من التحقيقات الفيدرالية، إن طلبت السعودية ذلك منهم. ومن المفيد أن نراقب عن كثب كيف ستتعامل الإدارة الأميركية مع تلك القضية. فنظراً إلى أن جمال خاشقجي كان ينشر مقالاته عبر وسائل إعلام أميركية، من الطبيعي أن نشهد أنَّ خبر إعدام صحافي جذب انتباه الصحافة الأميركية.

ولكنْ هناك جانب آخر يمكن متابعته عن كثب يتمثل في الوجهة التي ستقود إليها الإدارة الأميركية وجماعات الضغط الإسرائيلية -التي تحظى بنفوذٍ في الإدارة الأميركية- قضية جمال خاشقجي، أو بالأحرى، أي نية سيعتزمون التصرف على أساسها.

هناك سبب بسيط وراء مثل هذا الاستفهام:

إذ تدعم الولايات المتحدة أيضاً المشروع الذي يضطلع به محمد بن سلمان. ورغم كل شيء، قد يتساءل المرء لماذا ينبغي أن تقول الولايات المتحدة أي شيء حول مقتل جمال خاشقجي في ضوء الموقف الذي سبق لواشنطن أن اتخذته بشأن عمليات العزل والقمع التي أعقبتها عواقب دموية بعض الشيء؟ يمكن القول إنَّ سحب الدعم المقدم لولي العهد محمد بن سلمان قد يعني انهيار التقدُّم الذي أُحرِزَ حتى الآن تماماً.

ولذلك، فاقتراح نائب الرئيس الأميركي بنس بإرسال فنيي مكتب التحقيقات الفيدرالية يُعَد موقفاً مشبوهاً في حد ذاته. وكل ذلك يُقحِم تركيا في القضية.

لذا ثمة سؤالٌ آخر مهم:

كيف سيجري التحقيق الجنائي الذي أطلقته السلطات التركية بشأن جمال خاشقجي؟ وكيف تؤثر الأدلة المجمعة في العلاقات مع السعودية؟

صحيحٌ أنَّ بعض أعضاء العائلة المالكة يسعون جاهدين للحفاظ على قوة العلاقات مع تركيا، إلا أن هناك آخرين يسعون إلى عكس ذلك. من وقتٍ لآخر، تشتهر حاشية محمد بن سلمان بتورطها في تصريحاتٍ مزعجة عن تركيا سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق الصحافة التابعة لهم. لكنَّ أنقرة تتبنَّى موقفاً هادئاً حليماً، آخذة في اعتبارها حقيقة أن هناك نُهُجاً مختلفة يتبناها أعضاء العائلة المالكة، ويرجع ذلك جزئياً إلى حقيقة أن هذا البلد يحتضن الحرم المكي.

ومع ذلك، هناك يدٌ أو أكثر تُصر على إقحام تركيا في القضية.

-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Yeni Şafak التركية.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد أسيت
محللٌ سياسي وصحافي في صحيفة Yani Safak التركية
تحميل المزيد