قٌتلت صديقتي وهي تحاول الهرب، وطفلة تتعرض للاغتصاب الجماعي.. ما الذي يحدث في المغرب!

عدد القراءات
874
عربي بوست
تم النشر: 2018/10/05 الساعة 16:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/05 الساعة 20:08 بتوقيت غرينتش
An unconscious woman is lying on a shingle beach

اسمها حياة بلقاسم، من مواليد تطوان، في شمالي المغرب، كانت على وشك أن تبدأ عامها الثاني في كلية الحقوق. ومثل ملايين المغاربة الآخرين، لم يكن لديها أمل في مستقبلٍ مشرقٍ في بلدها، ومن ثم لجأت للاختيار الصعب المتمثل في عبور البحر المتوسط، ​​بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا.

في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول، بينما كانت على متن قاربٍ متجه إلى إسبانيا برفقة أكثر من 20 شخصاً آخرين، قامت القوات البحرية الملكية المغربية بفتح النار عليهم، ما أسفر عن إصابة العديد من المهاجرين وقتل بلقاسم.

ووفقاً لبيانٍ رسمي، برَّرت القوات البحرية استخدامها العنف بزعمها أن القبطان الإسباني رفض التوقف. وقد أثارت ظروف وفاة بلقاسم على يد الجيش المغربي، وهو أمر غير مسبوق، الغضبَ على نطاق واسع.

لكن الدوافع الكامنة وراء محاولة بلقاسم المشؤومة في مغادرة بلدها ليست جديدة على الإطلاق. كان والداي من جيل المغاربة الذين عاشوا فترة تُعرف حالياً باسم "سنوات الرصاص"، وهي فترة في السبعينات والثمانينات تفشَّى فيها عنف الشرطة، وندرت فرص العمل، بينما تزايدت تكلفة المعيشة باطراد.

فجَّرت هذه العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية موجةً هائلةً من الهجرة لم تتوقف بمرور السنين، بل ازدادت نمواً. وتشير التقديرات الحالية إلى أن نسبة المغاربة المقيمين في الخارج تبلغ 15%.

كان والداي جزءاً من تلك الموجة، فبعد العيش في مدينة حيث الوصول إلى الماء محدود بعدة ساعات فقط في اليوم، غادرا المغرب في أوائل الثمانينات واستقرّا في جنوب شرقي واشنطن العاصمة. وفرضت جداول عملهما المزدحمة كنادليْن في مطعم Knickerbocker Grill القديم في حي كابيتول هيل، أن أقضي معظم وقتي مع جدتي، التي التحقت بوالدي بعد بضع سنوات من وصولهما، كان قضائي الوقت معها هو ما جعلني أعرف كيف كان الوضع صعباً بالنسبة لعائلتي والعديد من المغاربة الآخرين.

انتقلتُ إلى المغرب قبل ثلاث سنوات، وكان القرار مخالفاً لرغبات والديّ، اللذين لم يستطيعا فهم فكرة عودتي إلى المكان الذي تركاه ليتمكّنا من تأمين حياة أفضل لي، عشت معظم الوقت خلال هذه السنوات الثلاث في نفس حي الطبقة العاملة، حيث أمضى والدي طفولته.

وبصفتي صحافية، حظيت بفرص كثيرة للسفر في أنحاء البلاد، وملاقاة المغاربة من جميع الخلفيات، وسماع معاناتهم، ومعاينة الظروف نفسها التي أجبرت والديّ والملايين الآخرين على الفرار.

بعد بضع سنوات، انتهى بي المطاف بالعودة إلى الولايات المتحدة لأسباب شديدة الشبه بتلك التي جعلت والديّ يرحلان، ولكني على عكس بلقاسم كنت أملك ميزة ازدواج الجنسية، لذلك لم يكن هناك الكثير لأخشاه.

اليوم، وتحت حكم الملك محمد السادس، تشير جميع المؤشرات، على نحو مقلق لتعرض المتظاهرون عادة لعنف الشرطة، وللمحاكمات الجائرة ولأحكامٍ بالسجن. .

تتفاقم هذه المشاكل من خلال شيوع العنف الجنسي والتحرشات، وهو واقع انعكس مؤخراً في حالة خديجة أوكارو، الفتاة الصغيرة التي أفادت التقارير باختطافها وتعرضها للاغتصاب الجماعي والتعذيب.

وأدى الغضب والسخط على معاملة الضحية، إلى مطالب جديدةٍ بالإصلاح وبإدانة العنف الجنسي من خلال هاشتاغ #Masaktach، ويعني "لن أصمت".

يتزايد الاعتراض والشعور بالاستياء في المغرب، ما يدفع الكثيرين إلى المخاطرة بخوض الرحلة إلى أوروبا، بالإضافة إلى أن قرار الحكومة الأخير بإعادة فرض الخدمة العسكرية الإجبارية على جميع المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 عاماً، ساعد على تفاقم المشكلة، إذ يزعم المسؤولون المغاربة أنهم خلال هذا العام فقط، منعوا حوالي 54 ألف محاولةٍ للعبور إلى أوروبا، وكان المغاربة يشكلون نسبة 13% من هذه المحاولات.

انتشرت مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، تُظهر مجموعات من المغاربة الفارّين من البلد على متن القوارب، متجهين إلى إسبانيا، مردّدين شعارات الاحتجاجات التي شاعت خلال حركة "الحراك"، والتي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

في حالة أخرى، أعلن آلاف المقيمين في الأحياء الفقيرة في الدار البيضاء عن قيامهم بمسيرة إلى المدينة الإسبانية سبتة، وطلب لجوء سياسي، بعد أن دمَّرت السلطات منازلهم.

ويُظهر مقطع فيديو آخر السكان المحليين في تطوان في مسيرةٍ يلوحون بالعلم الإسباني ويردّدون "الشعب يريد إسقاط الجنسية"، وهو تحريف لشعار الربيع العربي المشهور "الشعب يريد إسقاط النظام".

ولكن على الرغم من المشاكل التي تتفاقم في بلده، بدا الملك محمد السادس غائباً إلى حدٍّ كبير. فهو يسافر إلى الخارج كثيراً، العادة التي أكسبته ألقاباً مثل "الملك الافتراضي" و"الملك الغيابي".

منذ أن هزت احتجاجات الربيع العربي في عام 2011 المغرب، أضاعت القيادة فرصاً كثيرة لتناول المظالم الشديدة التي يعاني منها المواطنون.

 

 

  •  

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سامية الزروقي
طالبة دكتوراه حالياً بجامعة كاليفورنيا في دافيس
تحميل المزيد