من دفتر رسائلي السرية

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/04 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/04 الساعة 14:52 بتوقيت غرينتش
Lovely young woman is sharing fresh news with you. Brandnew gossip. Pin-up style make up, and red manicure. Wispering lady.

(1)

الخَيبات لا تُهدى، لكنني أُهديك خيبتي على طبق خزفي منقوش برسوم نوبية، سأصنع لك فيه أصابع زينب المسكينة، فنحن شعوب ثقافتها طحن النساء وخَبز أصابعهن!

(2)

لا تجرؤ امرأة على البوح يا عزيزي، فلا تطلَّ برأسك الضخم هذا كله في مذكراتي، قف في شرفة بيتك التي أمام بيت "سِتّي"، كما كنت تفعل، واترك عضلاتك تُمدَّد تحت نور الشمس في يونيو/حزيران. لم أكن وقتها قد تعلمت شرب السجائر بعد، ولا احتراف النوم للنسيان.

سؤال: ألم أكن فاتنة في ذلك الجاكيت الأخضر؟ كنت ممتلئة على أي حال وفي أوائل العشرينيات. دفعت لي ثمن القهوة ورحلت، ولم تردَّ على اتصالاتي، وقلت لي كلاماً بارداً مثلك. قلت لي: لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع؟

اعتبرتَني إذاً سلعة يا ابن الـ…

 

(3)

كان لك صوت باهر، باهر في العتمة، كنتُ أكبر منك بـ4 أعوام كاملة. وكانوا يقولون لي إن الحب حرام. باركت زواجك بمن تصغرني بـ11 عاماً، وشامة في طرف العينين تغفر لها كل الذنوب.

 

(4)

حذرتْني "ستي" منك. التعلق بأحبال الحب الذائبة موت. كان ذلك بسبب صورة للعذراء وابنها، في جيب محفظتك، ولأن لك جداً لا يتحدث العربية.

 

كنتَ غريباً، والغرباء فاتنون. كان عزفك على عودك جميلاً، والنظر إليك بهجة تسرُّ الناظرين. لم أكن أظن أن الله قد يخلق مع زرقة العينين شعراً كستنائياً. فأقول: الاثنان يا ربي! كنت أرى نفسي جوارك تطريزاً باهتاً على قماش غال.

أحببت أن أمرَّ على ذاكرتك، وخجلك وأنت تقرأ محبتي فتردّها "بونبون". لا حيلة لك، ولا حيلة لي، أخذت بكل المحبة في قلبي بونبون ومقطوعات مجانية لعبد الوهاب ومحمد فوزي قبل عصر الساوند كلاود واليوتيوب. ساعات طويلة من الانتظار. كنت تأتي أو لا تأتي. لكني كنت دوماً أنتظرك وآكل البونبون.

وكالعادة، أصبحتْ زوجتك صديقتي وابنتك طيفك الذي أراه على سكايب، كلما غبت شهراً طويلاً عن المنام، بعد أن غبت عن العالم إلى الأبد.

(5)

من تُحب تونسياً عليها أن تصبر حتى ينتهي من حساباته. كيف بربك لم تقدر أن الفتاة المسلمة التي كانت تقرأ كتب الرهبنة اليسوعية وتعتكف في غرفتها أحبَّتك رغم كل ما اعتنقته؟ بل واعترفت لك بحبها هكذا كشكّة الدبوس.

ربما احتفلتُ بخروجي من ديري الذاتي بالرقص على أغنية ماجدة الرومي تلك. أتذكرها؟ وأنت أصابك زهوٌ عظيم واعتقدت أنه لا داعي إلى أن تتكلم. ها قل لي: هل صرت ما تريد؟ هل حسبتها جيداً؟

كان لقصّتنا مستقبل باهر. اثنان يجتمعان في أحد أكثر الأحداث سخونةً وثورةً في بلديهما، بمقهى في وسط الميدان، وفي الخلفية مظاهرات، وعلى طاولتهما الأعمال الكاملة لدرويش. نعم الأعمال الكاملة لم تكن كاملة.

والمظاهرات انتهت وأنت لم يعد يهمك أمري. ولا حتى يلفت نظرك نواحي على الفيسبوك. عُد إلى كهفك.

 

(6)

قضاء وقَدَرٌ. حادثة، سألت الله أمام مقام الحسين أن يبلغني سرَّها، فكان الرد الإلهي زواجاً على أنغام موسيقى مارسيل خليفة.

من يومها وأنا كزوجات الصيادين؛ تذهبن خماصاً وتروحن بطاناً بأمر الله. يرزقني الله الصغيرة وابتسامتها. أنا شهيدة القِسمة والنصيب. أنا من وضعت القيد في إصبعها وابتسمت للكاميرا.

ثم كان أن هاجرت إلى آخر بلد في العالم، فأصبح الواتساب شاهداً على الخرس الزوجي والوفاء الاستشهادي، والحزن الكربلائي. كل شيء قِسمة ونصيب، وقضاء وقدر. جاءت الضربة القدرية سليمة. الحمد لله جاءت سليمة!

 

(7)

لو ابتسمت لاهتزت السماء وأمطرت. أو قال شيئاً كهذا! لا أذكر، يا عزيزي.

من يكتب قصائد في امرأة لا يتزوجها! هذه قاعدة عربية أصيلة. وهذه عصاي أهش بها القصائد والشعراء. ابتسامة؟ أنا داريت ابتسامة رضا؟ نعم، فعلت. أنت؟ ومالي أنا بك؟ و"مالي أنا ومال الحب" والمحبين وقصائدهم؟ اذهب وارع بعيداً عني.. "منحوس مش منحوس اللي حظه متلي؟"، تقول فيروز. أعيدها وأنا أهز رأسي طرباً وسخرية من حالي. أعيدها وأنا أمنحك الحظر على الفيسبوك بكل رضا. اكتفيتُ من غزل ليس من حقي. ابحَث عن واحدة في سنِّك تحبها وتحبك.

شفاه الله هذا الشاعر لاحقاً. رآني بعدها وأدار وجهه بلا اكتراث وهو يدخل حمّام الرجال. أما أنا فاحتسيت ما تبقى في قعر القهوة وسلّمت على رفيقتي ورحلتُ. ولم أنظر ناحية باب حمام الرجال. لكني ضحكت من قلبي على حظي.

 

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مها عمر
مهتمة بالأدب الأسباني والتراث المصري
تحميل المزيد