الأمر لا يخص الزواج في حد ذاته كفكرة، تتردد المقدمات حول الزواج، وأنه الشراكة الأبدية، وهو البنية الأوّلية لوجود مجتمع، ولكن له توابع ومجريات أخرى، فالزواج ليس علاقة بين رجل وامرأة وفقط.
لكنه تداخل عائلتين وإضافة عادات وسلوك.. قيم تُكمل قيماً نهاية إذا لم يؤول السبيل للطلاق أحياناً مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة النسب حديثاً.
* أسباب الطلاق قديماً
قديماً النساء لا يطلبن الطلاق إلا إذا قرر الزوج ذلك، وتكون حُجّته واضحة ومقنعة ليقوم بهذا، منها زوجة لا تهتم بنفسها، زوجة ضعيفة الشخصية "تسمح لأمها بالتدخل في شؤون زوجها"، زوجة لا تهتم بأبنائها، زوجة لا تعطيه حقوقه الشرعية..إلخ.
* الأسباب المستحدثة
– الأمر قديماً بيد الرجل، فلم يكن مثل اليوم، اتساع مجال التعليم، والتطور التكنولوجي والمجتمعي، أصبح أيضاً للمرأة مطالب عاطفية ونفسية تلزم الرجل بتحقيقها، ويرجح هذا أيضاً للدراما التركية والهندية التي أثبتت لبعض السيدات وجود الجفاف العاطفي لدى الرجل العربي، فباتت الزوجة العربية تشتكي من تدخّل حماتها.
– وجود نقص عاطفي بينها وبين زوجها.
– بُخل الزوج أحياناً.
وصلب الموضوع هو تدخل "الحماة" في حياة الزوجين، الذي في بعض الأحيان يؤول إلى خراب البيت، ويرجع هذا لكثير من الأسباب مصحوبة بعديد من الأمثلة، منها:
– الطلاق سوس يأكل أسس البيوت المصرية
كشف المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن نسبة الطلاق المسجلة بين الأزواج بسبب لعام 2015، وصلت إلى 28%، في المقابل أنه في العام السابق له وصلت إلى 23%.
وأوضح المركز أنه تم استشفاف تلك النسب من خلال محاكم الأسرة في المحافظات، التي أشارت إلى أن سبب إنهاء الكثير من الزيجات هي "الحماة"، التي تتخذ موقفاً عدائياً من زوجة الابن، فتتصيد الأخطاء لزوج الابنة، أو زوجة الابن، مما يعكر صفو الحياة الزوجية، والكثير منها يؤول للطلاق.
وأكد التقرير أن الظاهرة مؤشر خطر لمستقبل الزواج بين الشباب، الذي سيؤدي لتقويض مؤسسة الزواج، وسيؤخر سن الزواج أكثر ما هي عليه الآن، ويزيد من العنوسة، وتفاقمت النسبة في هذه السنوات الأخيرة.
* من الأسباب التي تدفع إلى الطلاق:
– حماة تمتلك جنون السيطرة:
الكثير من الأمهات بعد زواج أبنائهن لا يستطعن تقبّل فكرة أن الابن أو الابنة قد تجاوز ربط حياته بالحياة الأسرية التي تربط بكليهما، فتتدخل فيما لا يعنيها، سواء كبيرة أو صغيرة؛ لتشعر نفسها أنها ما زالت الآمر الناهي بحياة ابنها.
يرى أستاذ الطب النفسي الدكتور "فكري عبد العزيز" أن ذلك يعود لقوة شخصية الأم وضعف شخصية الأب، فتكون المسيطرة على القرارات، وتحاول نقل الفكرة لبيت ابنتها، وترى أن الزوجين الشابين ليسا أهلاً لإدارة بيت، فتتولى هي الأمر بنفسها؛ لأنها ترى في نفسها أهلاً لتلك المهمة، ومن هنا تبدأ المشاكل.
فتدخل الأم الجميلة في الأمور الصغيرة قبل الكبيرة، وقد يصل الأمر للتدخل في العلاقة الخاصة بالزوجين، وعدد الأطفال بينهما.
– غيرة الحماة عمى:
الكثير من أمهات الأزواج يشعرن أن الزوجات سرقن منهن أبناءهن، وهذا يندرج تحت الكثير من الأمثلة المصرية ضيقة الأفق، والتي منها "ربي يا خايبة للغايبة"، إذ طالما أن "الخايبة" ستغار من "الغايبة" لم زوجت الرجل الحائر في المنتصف؟!
هل ستسعد باشتعال نيران الحرب في منزل ابنها أم هناك متعة، وهي ترى هذا المسكين حائراً بينهما، ويحمل الهم على أكتافه؟
"الطلاق ليس بلايستيشن يا مؤمنين"
انتقدت أستاذة الحديث في جامعة الأزهر الدكتورة "سهير طلب" أن يكون الطلاق لعبة أو منفذاً للتنفيس عن الغضب من أجل حل إحدى المشكلات، مؤكدة أن إباحة الإسلام للطلاق تأتي من خلال ضوابط شرعية، وهو ما يجعله آخر العلاجات عند تعذر عودة الحياة بين الزوجين إلى الاستقرار الأسري.
نهاية الأمر.. ليس لك أن تجور على حق زوجتك أو زوجك لأجل أُمك، أو تعقّ والدتك لأجل زوجتك، ولكن رجولتك وعقلك كزوج يوجب عليك احترام الحياة الخاصة ووضع مسافة شخصية، بحيث لا يجوز للوالدين تجاوزها من البداية، ولكي لا تجعل زوجتك تطرح عليك تساؤلاً: "لِمَ لا أَتزوّج أمك؟"، طالما هي من يمتلك زمام الأمور، وتحركك من البداية، وهذا السؤال سيطرح نفسه عليها، وإما أن تكون جريئة فتواجهك، وإما تُسرّه في نفسها.. فرفقاً بأنفسكم وأمهاتكم وزوجاتكم يا حضرات السادة الأزواج.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.