اسعدي بكل دقيقة في حياتك.. رسالة إلى ابنتي «مريم» التي لم تأتِ بعد

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/27 الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/12 الساعة 13:14 بتوقيت غرينتش
Shot of a mother spending time with her newborn baby

ابنتي العزيزة التي لم تأتِ بعد إلى الدنيا.. هذه مجموعة نصائح قررت كتابتها لك، تكون عوناً لك في الحياة، حتى لا تأتي إلى الدنيا فتتفاجئين كما تفاجأنا نحن، يوماً ما سنقرأها معاً، يوماً ما سأقول لكِ لماذا كتبتها.

إلى ابنتي مريم، تحية طيبة، وبعد:

أتمنى أن يكون اسمك مريم، وأن يوافق والدك على اسم مريم الذي اخترته لك، هل تعرفين أنني أحب اسم "مريم" كثيراً، بل إنني حفظت سورة مريم  في القرآن خصيصاً بسبب حبي للسيدة مريم وتقديري لها.

1- أحبِّي وطنك.. يا مريم

أحبيه دوماً مهما حدث، لا تسمعي لما يقال عن وطنك أبداً يا مريم، لا تسمعي بأنه لا يستحق حبك، أو أنه لا يستحق أن تعيشي به، يا حبيبتي الوطن دوماً يقاس بالناس الذين يعيشون فيه، وأن ما يحدث اليوم ليس السبب فيه الوطن، بل حكامه والقائمون عليه.

2- لا تكرهي بل أحبّي، حتى المختلفين معك

لا تقعي بنفس الخطأ الذي وقع فيه جيلنا يا مريم، فنحن جئنا بعد أجيال لا تعرف سوى الكره والرفض وسيلة للتعامل، فلا تفعلي يا حبيبتي، الكره والرفض لن يحل شيئاً، فوطننا يعاني الآن يا مريم، لا أحد يقبل أحداً، لا أحد يحب أحداً، أتعلمين إن لم تستطيعي أن تحبي المختلفين معك، اشفقي عليهم، اشفقي عليهم بسبب طاقة الكره التي تملأ قلوبهم.

3- ثوري، ثم ثوري، ثم ثوري

ما لا يعجبك ثوري عليه، قومي بتغييره، لا تستسلمي، لا تضعي يدك على خدك وتبكين، فالحق لو ضاع لا يفيد البكاء عليه، فها نحن جيل نبكي حقوقنا التي ضاعت، ولا نستطيع فعل شيء، "سنفعل يوماً ما"، ولكن حتى هذا اليوم تعلمّي أن الثورة حق لا يراد به باطل أبداً.

4- انتقدي ولو لم يكن لديك البديل

قالوا لنا يا مريم خلال الثلاث سنوات الماضية لا تنتقد ما دمتَ لا تملك البديل، بعضنا صدق، وبعضنا ذهب يبحث عن البديل ولم يعد، لا تصدّقيهم ولا تفعلي بنصيحتهم، انتقدي ما دمتِ حية، فكيف سيحدث التغيير إن لم يكن هناك نقد للوضع الحالي، قولي ما شئت ولا تنتظري البديل، اصنعيه بنفسك.

5- آمني بحلمك حتى مماتك

أتمنى لك العمر الطويل يا حبيبتي، ولكن اعلمي شيئاً، طول ما هناك نفس يتردد  في صدرك، اصنعي أحلامك، أوجديها سواء كانت صغيرة أم كبيرة، سواء كان الحلم شراء كتاب صغير.. ركوب دراجة.. أو تغيير وطن، طول ما أنت حية احفظي حلمك، كي يحفظك، لو أمامك دقيقة واحدة للحياة آمني فيها أن حلمك قابل للتحقيق، صدقيني وقتها سيتغير كل شيء.

6- خافي ممن يستهين بالموت

ممن يقرر أن الدماء هينة، ممن يرى أن موت الشباب لا قيمة له، خافي منه يا مريم، لا تسمحي له بالتواجد  في زمنكم أو بين جيلكم، سواء كان شاباً صغيراً أو شيخاً كبيراً، ابعدي عنهم فـ"للدمّ تار طال الزمن قَصَّـر، أنت تموت، الدمّ ما بِيمُوتْش، تُسكُت، لكن الدمّ ما بْيُسْكُتْش".

7- "أنتِ حرة"

لا تنسَي يا مريم، اجعليها كالقلادة دوماً في رقبتك لا تخليعها أبداً.. أنت حرة، لا تجعليهم يقنعوك أبداً العكس، ما دمت أرضيت ربك، فلا لهم حق عندك، حريتك يا مريم، لا تنسيها، حرية جيلك يا مريم، لا تنسَي، حرية وطنك يا مريم، لا تنسَي.

8 – اسعدي بكل دقيقة بحياتك، حتى  في وسط الموت

اخلقي سعادتك يا مريم، ألا يقولون إن "الموت عكس الحياة"، ولكن الموت الذي رأيناه خلال الثلاث سنوات الماضية جعلنا ندرك أن الحياة قصيرة.. وأنها لا تستحق، اسعدي بضحكة طفل صغير، اسعدي بامرأة تجلس على الرصيف تدعو لك بطول الحياة.

برجل عجوز يمنعك من عبور الشارع خوفاً عليك، اسعدي بكوب من المياه المثلجة تقدمها لك امرأة فقيرة لا تملك من الحياة شيئاً، اسعدي بكتاب أهدته لك مديرتك، اسعدي بأصدقاء يسألون عليك لا ترتبط بهم دماء أو حتى ديانة، ولكن يربطك بهم وطن، اسعدي بحبيب تتشاركين معه أحلامك، اسعدي يا مريم، فالسعادة واجب لا بد منه.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إنجي الطوخي
صحفية مصرية
كاتبة صحفية، تعمل حالياً بجريدة الوطن المصرية، وسابقاً في الشروق المصرية، حاصلة على بكالوريوس الإعلام من جامعة القاهرة. درست في الجامعة اللبنانية الأمريكية (دراسات إعلامية)، حصلت على العديد من الدورات التدريبية في رويترز، ومعهد جوته الألماني، والجامعة الأمريكية بالقاهرة. عملت في مؤسسة سمير قصير لحرية الصحافة خلال عام 2015، متخصصة في كتابة القصص الإنسانية، أؤمن بأن لبعض الكلمات تأثيراً يفوق الرصاص.
تحميل المزيد