هل حقي الشرعي عورة؟!

عدد القراءات
1,046
عربي بوست
تم النشر: 2018/09/24 الساعة 10:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/24 الساعة 10:11 بتوقيت غرينتش
Beautiful middle eastern woman in scarf standing in front of a wall

ليست الواقعة بعيدة عن هذا العصر، ولكن تتزايد بشكل ملحوظ، حتى إن مَن فقدَ بصره يستطيع رؤية ذلك. ما زلت غير مدركة كيف يعيش الإنسان ويذهب في آخر اليوم إلى فراشه ويضع رأسه على وسادته وهو يظلم إنساناً آخر! ولا شك في أن يكون الآخر يتألم، يتعذب، ولا أحد يدرك ما يعانيه؛ لأن مجتمعاتنا جعلت من صوت المرأة عورة.

نعم عورة، أن تطالب بحقها في الحياة فيجب أن تخجل من نفسها وتكرّس حياتها لأولادها وتعيش بسلام معهم، لكن إذا تحدثت تصبح فاجرة وتنهشها العيون أكثر وتتعامل معها على أنها مباحة لهم لمجرد خروجها عن صمتها لتطالب بأبسط حقوقها.

عن ماذا أتحدث؟ أتحدث عن هذا الزوج الذي قرر أن يهجر زوجته ويتركها معلقة من دون طلاق كنوع من الانتقام منها أو هروباً من تحمُّل مصاريف النفقة والمؤخر وغيره… وتصبح الزوجة هنا معلَّقة لا تقدر على العيش، فى حين يرحل هذا الزوج ليتزوج مرة أخرى من دون رحمة منه لهذه المرأة التي تركها معلقة في عصمته. وعندما تطالب الزوجة بحقها تجد الأهل يطلقون عليها لقب الفاجرة (نعم، إنها فاجرة؛ لأنها طالبت بحقوقها الشرعية)!

فمجتمعاتنا قد ترجمت معنى الحياء لتجعله ممزوجاً مع الضعف والخوف والخضوع والرهبة وقالت للمرأة: هيا ارتديه، فهو تاجك الذي يزينك.. ومنذ ذلك الوقت والمرأة تخشى من رفع هذا التاج، ومن استطاع رفعه تجرد من جماله الداخلي الذي يزينه رغماً عنه.

فنحن ما زلنا غير مدركين كيف نطالب بحقوقنا دون الخروج عن جمالنا الداخلي الذي ينبض مع كل نفَس تمنحه لنا هذه الحياة. لا أظن مطلقاً أن هذا النفَس من قبيل العبث، وإنما هو رسالة نريد نشرها في أرض الله.

حسناً، افعل ما شئت؛ اترك زوجتك دون طلاق وعندما تكتشف خيانتها فلا تشتكِ، أو عندما تجدها سلكت طريق الحرام حتى تنتقم من هذا القهر الذي فرضته أنت ومجتمعك عليها فلا تشتكِ، لا تشتكِ عندما تقوم الزوجة برفع قضية خلع عليك وتصبح في نظر المجتمع (الرجل الذي خلعته زوجته)، ولا تغضب عندما تنتقم المرأة منك بأشد أنواع الانتقام؛ لأنك لم تراعِ الله فيها يوماً؛ ما جعلها تسلك كل هذه الطرق.

لا أعلم كيف يتم تصنيفكم من فئة الرجال، ولا أعلم كيف الناس ما زالت تنظر إلى هذا الكائن الذي يفعل كل ذلك على أنه "رجل"! ألم يكن الرجل هو صاحب الحكمة والعقل والاتزان، صاحب القرار الذي تكون زمام الأمور في قبضته؟! هذا الرجل الذي فضّله الله كثيراً ومنحه القوامة على النساء وجعل الأمور في زمامه، أين هذا الرجل؟! هل هو من يهين المرأة ويعاملها على أنها أمة قد اشتراها وله مطلق الحرية في التحكم فيها من دون أن يتقي الله فيها؟!

من المؤكد أن هؤلاء ليسوا رجالاً؛ بل هم أشباه الرجال الذين أتحدث عنهم فى جميع مقالاتي التي أرصدها حول قضايا المرأة. وعلى ما أظن، فإن هؤلاء لا يفقهون في الدين شيئاً غير "القوامة والتعدد" ولم يقرأوا قوله تعالى: "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم" (سورة البقرة: آية 231).

لكن هؤلاء قد اتخذوا آيات الله هزواً ولم يتقوا الله، ولا قاموا بتسريح النساء بالمعروف، وإنما استغلوا حقوقهم في الباطل ولم يخشوا الله في ذلك.

وأخيراً، لا تشتكِ عندما تجد المرأة التي هي عمود المجتمع تخرج عن دورها الطبيعي لتتخذ من دورك سلاحاً يحميها من نظرة المجتمع ونظرتك لها؛ لكونها عورة يجب أن تغطى لا أكثر من ذلك.. ولا تشتكِ من فساد بعضهن؛ لأنها قد فسدت عن طريقك أنت، ولا تظن أن أهل بيتك من النساء في عصمة من ذلك؛ بل كما تدين تدان، فانتظر الوقت الذي يُرَدُّ لك هذا الدَّين.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
سماء علاء الدين
كاتبة اجتماعية
تحميل المزيد