هل تستدعي النيابة العامة رئيس الحكومة المغربية للتحقيق؟

عدد القراءات
1,451
عربي بوست
تم النشر: 2018/09/20 الساعة 14:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/20 الساعة 14:47 بتوقيت غرينتش

جاءت تصريحات الفقيه سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بِوَقْع الصدمة، حيث إن رئيس الحكومة المغربية الذي -ربما- يتوفر على معطيات سرية بحكم منصبه الحساس داخل هرم الدولة، قد خرج بتصريح خطير يتهم فيه نور الدين عيوش بالداعشية السياسية، وهو ما يعتبر بمثابة تبليغ من طرف رئيس الحكومة عن جريمة إرهابية يعاقب عليها القانون المغربي.

ولا بد لنا هنا من التذكير بالمعنى الاصطلاحي للداعشية السياسية الذي استفهمنا عنه بعد مداخلة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من حيث إن سعد الدين العثماني يتهم -بالاسم والصفة- تَوَجُّهاً بالقيام على استئصال الفكر الديني من الحياة العامة وقضايا المجتمع المغربي، فالمفهوم –أي الداعشية السياسية- يقصد كل تعبير "علماني" عن رفض الآخر، وربما قد يؤسس لممارسة "الاغتيال" بحقه واجتثاث قيمه الدينية.

ويُسْتَنْبَطُ من تصريح رئيس الحكومة المغربية أن مشروع الداعشية السياسية، من حيث شرعنة الترهيب والإرهاب، يتطابق مع مشروع تنظيم داعش التكفيري الذي يتبنى "الداعشية المذهبية" التي أسس لها دهاقنة التطرف الديني والإجرام، وحاولوا تقعيد اشتقاقها من إرث "السلفية" وفتاوى الشيوخ ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب وآخرين، وشكلوا لها تنظيمات عسكرية تمتد إلى دول من الشرق إلى الغرب، وتهدد الأمن الوطني والإقليمي والدولي.

وبالتالي يمكن الجزم بأن النقاش الدائر حول إصلاح المنظومة التعليمية تجاوز الحدود القانونية لحرية التعبير عن الرأي وتحوَّل إلى حلبة تبادل السب والقذف بين مشروع نور الدين عيوش ومشروع سعد الدين العثماني. إلا أن تصريحات هذا الأخير ونظراً لمنصبه الحساس كرئيس للحكومة المغربية، جعل المغربيات والمغاربة يكتشفون أن الخلاف يتجاوز معارضة استعمال مصطلحات بالدارجة ضمن المقررات المدرسية، إلى توجيه اتهامات صريحة لنور الدين عيوش توحي لنا ضمنياً بوجود تنظيم سري له أزيد من 500 مؤسسة فرعية يملكها عيوش، التي ربما تعمل على نشر فكر الداعشية السياسية الإرهابية، هذه الداعشية التي تسعى وفق ما يُسْتَخْلَص من تصريحات السيد رئيس الحكومة المغربية إلى تخريب الأمن السياسي والاجتماعي واقتحام المؤسسات الرسمية.

وهذا ربما قد يدفع النيابة العامة إلى استدعاء الفقيه سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قصد تبيان وتبيين الحقائق المستترة خلف هذه الاتهامات الخطيرة التي تهدد الأمن القومي المغربي لما لها من ارتدادات عكسية على الاستقرار الداخلي.

 

وكذلك تنوير الرأي العام الوطني وتوضيح الخلفيات الباعثة على إطلاق هذه التهم التي جاءت على شكل رفع شعارات حزبية تنقل النقاش حول إصلاح التعليم من فضائه المؤسساتي القانوني إلى متاهات الصراع السياسوي الذي ينسف مبدأ الشراكة الوطنية بلغة السب والقذف المتبادلة ومحاولات الاغتيال الرمزي للآخر.

ولأن الداعشية السياسية هي شكل من أشكال الإرهاب، فإن تصريحات الفقيه سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، الموجهة إلى نور الدين عيوش، تدفعنا لتنبيه الجميع إلى أن القانون الجنائي المغربي يعاقب على الجرائم الإرهابية المرتبطة بالجرائم الأصلية، سواء تعلَّق الأمر بالإشادة أو التحريض أو الترويج للإرهاب، من حيث إنها جرائم منفصلة.

وهكذا نجد ترسانة من الفصول والمواد الواردة ضمن القانون الجنائي، الذي تممه القانون رقم 30.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، والمعدل بالقانون رقم 86.14، الذي ينص على ما يلي:

"يعاقب بالحبس من سنتين إلى ست سنوات وبغرامة تتراوح بين 10.000 و200.000 درهم كل مَن أشاد بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوَّه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية والإلكترونية".

كذلك يعاقب بنفس العقوبة كل مَن قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة شخص أو كيان أو تنظيم أو عصابة أو جماعة، إرهابية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة.

أما فيما يخص التحريض فالقانون الجنائي يؤكد أن: "كل مَن قام بأية وسيلة من الوسائل بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب أو دفعه إلى القيام بها أو حرَّضه على ذلك يعاقب بالسجن من 5 إلى 10 سنوات وبغرامة تتراوح بين 5000 و10000 درهم".

والجدير بالذكر أن هذه العقوبات قد يتضاعف تَشْدِيدُها عن المشار إليه فيما سبق، إذا تعلق الأمر بإقناع أو دفع أو تحريض قاصر، أو إذا تم استغلال الإشراف على المدارس أو المعاهد أو مراكز التربية أو التكوين كيفما كان نوعها، للقيام بذلك!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
عبدالمجيد مومر
شاعر وكاتب مغربي
تحميل المزيد