كانت لطيفة هادئة واسمها «شوشو أبو جهل».. كيف انتقلت أبلة فاهيتا من برامج الطبخ إلى الكوميديا الإباحية الجريئة؟

عدد القراءات
3,024
عربي بوست
تم النشر: 2018/09/18 الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/18 الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش
أبلة فاهيتا

أيام قليلة ويبدأ موسم جديد من برنامج "أبلة فاهيتا" الذي بدأ عرضه منذ أكثر من عامين على الفضائيات٬ ديكور فاخر وضيوف من كل الأنواع، وغالباً ما يكونون من ذوي الأجر المرتفع "جداً"٬ ممثلين٬ مطربين٬ لاعبي كرة ومذيعين٬ كل أنواع النجوم يأتون لأبلة فاهيتا في "الدوبلكس".

أبلة فاهيتا نفسها ستعود لتتألق في أثوابها المرصعة بالفصوص اللامعة٬ من تصميم هاني البحيري٬ إكسسوارات ثمينة٬ مسرح كبير٬ أغنيات وراقصون وفرقة موسيقية٬ الكثير جداً من البذخ٬ وضحكات ترجّ أرجاء المسرح من الجمهور الذي يحضر الحلقة التي في الغالب لا تقابلها ضحكات من الجمهور الذي يشاهد البرنامج على التلفزيون.

بمناسبة عودتها هذه المرة٬ دعونا نتحدث قليلاً عن الأرملة التي هزت عرش الإعلام٬ أبلة فاهيتا.

أين ذهبت شوشو أبوجهل؟

منذ عدة سنوات كانت أبلة فاهيتا مجرد فيديوهات على يوتيوب٬ ترتدي فيها ملابس منزلية بسيطة وتضع في شعرها رولات٬ تجلس في صالة منزلها وحولها كارو وبودي٬ تتحدث في الهاتف بلا انقطاع مع صديقاتها٬ تتناقش في وصفات الطعام وموديلات الفساتين وزيارات الأقارب وترتيب الذهاب للأفراح والمآتم٬ أحاديث نسائية لا تنقطع وإفيهات تلاحق الإفيهات ولزمات كلامية تعلق بالذهن وبديهة حاضرة.

كانت فيديوهاتها خفيفة الدم فعلاً وتمثل فاصلاً كوميدياً حقيقياً من الحياة السريعة لتدخل عالماً وادعاً وتفاهة محببة٬ كانت سيدة بسيطة فارغة العقل وحياتها بسيطة للغاية٬ تتحدث عن الطعام والملابس والمناسبات الاجتماعية فقط٬ كانت وقتها اختلافاً حقيقياً في الكوميديا الموجودة على الساحة٬ كانت منتهى البساطة تقدم منتهى الضحك.

وقتها لم يكن لهذه الدمية اسم "أبلة فاهيتا"٬ بالأحرى لم يكن لها اسم محدد إلى أن ظهرت على السوشيال ميديا صفحة باسم "شوشو أبوجهل"٬ تشارك عليها الدمية/الشخصية صور لكارو وبودي٬ وتتكلم في العلاقات من منظور نسائي بحت٬ كانت تمثل أرملة "قرشانة" تتحدث من واقع خبرتها٬ تتحدث عن الرجال والزواج بمزيد من التحرر أتاحتها لها مساحات السوشيال ميديا٬ جمل مقتضبة وقصيرة تصدر فيها خبرتها الحياتية.

تطور الأمر بالتدريج واشتهرت صفحة وفيديوهات الشخصية٬ بدأت في ارتداء ملابس مصممة لها خصيصاً عندما قدمت حلقتين أو ثلاثاً لفوازير رمضان عام 2012  تحت عنوان فوازير الويبة، وقتها تغير اسم الشخصية إلى أبلة فاهيتا٬ واشتهرت من وقتها بهذا الاسم الذي منحه لها فيديو كانت تصف فيه طريقة عمل الفاهيتا في أحد الفيديوهات القديمة.

عالدوبلكس عالدوبلكس

مع الانتشار القوي لشخصية أبلة فاهيتا على السوشيال ميديا ووجود متابعين مخلصين لها يرددون إفيهاتها وأفكارها٬ ومع التضييق على البرامج المصرية ومنع باسم يوسف من الظهور مع ما كان يشكله من كوميديا جديدة أحبها الجمهور واستجاب لها٬ أصبحت الفرصة سانحة لوجود برنامج جديد يملأ الفراغ الذي تركه برنامج "البرنامج" وباسم يوسف على الشاشة.

الحل هو أن يبزغ نجم جديد يحصد جماهيرية هذا النوع من البرامج٬ فكانت أبلة فاهيتا كونها صاحبة جماهيرية بالفعل كونتها من السوشيال ميديا واليوتيوب (تماماً مثلما بدأ باسم يوسف مع اختلاف نوعية ما يقدمه)٬ وسريعاً بدأ التحضير الذي كان يمهّد لبرنامج الدوبلكس.

لافتات كبيرة -أكبر من اللازم في الحقيقة- على الدائري وكوبري أكتوبر تجتذب الأعين٬ إعلانات تغرق الفضائيات٬ اكتساح لأخبار وبوسترات البرنامج على السوشيال ميديا٬ العامل المشترك بين جميع هذه العناصر هو الجرأة٬ تظهر فاهيتا ممسكة بنسخة من رواية 50 shades of gray الذي كانت هي والفيلم الذي يحمل نفس الاسم مكتسحين تريندات الحديث على السوشيال ميديا بما فيهما من جرأة يمكن تسميتها إباحية٬ مع التنويه الدائم أن البرنامج سيكون للكبار فقط.

وكأن شخصية فاهيتا تبدلت وتحورت للشيء الذي سيجذب الجمهور ويجمع المشاهدات٬ ليست هذه الشخصية اللامعة بأثوابها الغالية وإكسسواراتها الباهظة وكلامها الخارج هي فاهيتا اللطيفة التي تتحدث في الطعام وتفصيلة الفستان المناسبة٬ التي تتحدث ببساطة وأقصى مشكلاتها هي طنت أوديتة ومثيلاتها٬ وكأن الشهرة أفقدتها عقلها وكأنها إنسان حقيقي بهرته الأضواء وأغرته الفضائيات فتلون بلون الرائج الذي يجتذب الناس ليتحدثوا حتى لو كان قدحاً لما تقدمه٬ المهم أن تكون على طاولة الحديث دوماً.

طالت البرنامج انتقادات كثيرة٬ خاصة مع الكلام الخارج والإيحاءات المكشوفة٬ والألفاظ الصريحة التي تأتي على لسان الشخصية والتي تغطيها صفارة في البث التلفزيوني٬ الحديث المبتذل الذي يقدم كوميديا تكاد تكون إباحية في بعض الحلقات مثل حديثها في حلقة ميدو لاعب الكرة المعتزل مثلاً، الغريب أن كل هذا لم يؤدِّ إلى تراجع شعبيتها بل إلى مزيد من الشهرة والإعلانات ونسب المشاهدة٬ رغم أنها تلاقي انتقادات قوية وقاسية في صفوف المهتمين بالفن.

مزيد من الانتقادات.. مزيد من الشهرة

في الوقت الذي يواجه فيه برنامج "أبلة فاهيتا" الكثير من الرفض بين المعنيين بالذوق والفن٬ إلا أنها تجد بين باقي الأوساط استحساناً وحفاوة غريبة٬ فنجد واحدة من أهم المذيعات في مصر "لميس الحديدي" تظهر معها في البرنامج بل تغني وترقص معها، رغم أن لميس الحديدي تقدم برامج رصينة إلا أنها اختارت أن تدخل القلوب من باب الكوميديا وكانت أبلة فاهيتا هي مدخلها.

الكوميديا الخارجة أصبحت شيئاً مألوفاً ومستساغاً ولم يعد المجتمع يفزع منها أو يرفضها٬ يتزامن هذا مع تراجع الذوق العام للمجتمع كله٬ الكلام الخارج أصبح أكثر سهولة في الإضحاك من التعب لابتكار إفيه مضحك دون ابتذال أو إباحية٬ ربما يعد هذا عادياً في ظل المُناخ الفني العام الذي يحتفي بالتطجين في الكلام وإظهار العشوائيات كموضة٬ ورقص المهرجانات في الأفراح الشعبية الذي توغل ليهيمن على كل المناسبات حتى لو لم تكن تحتمل كل هذا الرقص (الانتخابات مثلاً) والمزاح الخارج الذي لم يعد حكراً على الطبقات الدنيا من المجتمع بل أصبح دليلاً على التفتح والروشنة.

كل هذا أفسح الطريق لأبلة فاهيتا كي تمارس الابتذال على نطاق واسع تحت الأضواء الساطعة وباحتفاء شديد من كل نجوم الشاشة والسوشيال ميديا٬ وبالكثير من التصفيق. هي أحياناً تناقش مواضيع مهمة في حد ذاتها ويمكن أن تولد كوميديا ظريفة٬ ولكن فخ الكوميديا السهلة دوماً يفسد الأمر تماماً.

هل سيتغير أي شيء؟

توقف برنامج أبلة فاهيتا منذ عدة أشهر بعد رفع الكثير من القضايا عليه بسبب الإيحاءات الخارجة واللغة المكشوفة التي يستخدمها٬ ومع ارتفاع عدد القضايا والشكاوى المرفوعة ضد البرنامج اضطرت القناة لوقف العرض لحين النظر في المطالبات التي وردت في تلك الشكاوى، وكان من ضمن المطالبات التي طُلبت من القناة التي تعرض البرنامج وضع الاسم الحقيقي للشخص الذي يقوم بأداء شخصية أبلة فاهيتا٬ الذي من المعروف أنه رجل ولكن لم يصرح أحد القائمين على البرنامج بشكل رسمي وواضح عن شخصيته الحقيقية.

أيام قليلة ونعرف هل حدث أي تغيير يُذكر استجابةً لهذه المطالب أم كان وقف البرنامج هدنة لتهدئة آراء المنتقدين، وفرصة ذهبية لجلب نسبة مشاهدة أكبر، حيث إن البرامج الممنوعة والحديث عن القضايا التي يواجهها البرنامج يضعه في مصافّ المناضلين ومن قالوا لا في وجه من قالوا نعم، هالة مزيفة من البطولة والاختلاف يستغلها القائمون على برنامج أبلة فاهيتا ليصنعوا شهرة أكبر وانتشار أوسع.

منذ اليوم الأول لانطلاقه وبرنامج أبلة فاهيتا لايف من الدوبلكس يلعب على حبل الاختلاف الصارخ عن المألوف، بداية من كونها دمية وصولاً لنوعية الأحاديث التي تديرها هذه الدمية والتعتيم الشديد على محركيها ومؤديي الشخصيات، وبالتالي فمن المنتظر ألا يكون إيقاف البرنامج لشيء سوى لاستغلال الاختلاف بشكل أعمق، هذا ما سوف نعرفه قريباً، خاصة أن أول ضيوف البرنامج بعد رجوعه هي فيفي عبده، وهي من هي في إثارة الجدل وتعمّد الاختلاف.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إنجي إبراهيم
كاتبة في شئون الفن والمجتمع والمرأة
تحميل المزيد